لا مكان للبعث في العراق الجديد

 

عاشت أغلبية الشعب العراقي لأكثر من سبعة قرون متطاولة في ظل الظلم والاستعباد والاضطهاد من الحكومات الظالمة والحاقدة على أهل بيت الرسالة والوحي عليهم السلام وشيعتهم، بعد أن عاشوا الظلم والاضطهاد من بنو أمية وبنو العباس الذين زرعوا الخوف والرعب في نفوس العراقيين ومارسوا أشد الظلم والإنحراف في الأمة الاسلامية.

وخلال الثمانين السنة الماضية من تاريخ العراق جاءت على الحكم حكومات إستبدادية مارست الظلم بحق أبناء الطائفة الشيعية، حيث همشت هذه الطائفة من المشاركة في الحكم وتقرير المصير، الى أن جاء الحكم البعثي الشوفيني العنصري الكافر على حكم العراق في الانقلاب الأسود عام 1968م، فإزدادت حدة الاختناق السياسي والطائفية السياسية في العراق ولاقت هذه الطائفة من العذاب والآلام ما لم تلاقيه أي طائفة أخرى في سائر البلدان، وكان حزب البعث البائد وأزلامه وحكامه بعيدون كل البعد عن الاسلام والانسانية، فهم لم يكونوا مسلمين حتى نحكم عليهم بأنهم من أهل السنة، وإنما كانوا بعيدون كل البعد عن الاسلام والانسانية، وأفعالهم كانت تدل عليهم، فصدام كان وعائلته من فرقة الغجر الكاولية البعيدون كل البعد عن روح الانسانية والاسلام، فلا تنطبق عليهم بأنهم كانوا من أبناء الطائفة السنية العراقيين، فالسنة العراقيين منهم براء، حيث عاشوا مع إخوانهم الشيعة في وئام ومحبة وسلام وتزاوجوا فيما بينهم في ظل علاقات أسرية وطيدة.

أما الحكومات التي تعاقبت على الحكم في العراق فقد كانت من أذناب الاستعمار البريطاني والأمريكي، خصوصا البعثيين المجرمين الذين كانوا من شذاذ البشر والآفاق الذين إكتنفتهم عناصر الرذيلة وجعلتهم أرصدة متمولة لجميع كياناتهم السياسية ومقاصدهم الدنيئة في العراق والعالم الاسلامي، ولذلك فقد سعت الدول الإستكبارية والرجعية في المنطقة لتثبيت وتقوية نظام صدام بغضا لشيعة أهل البيت عليهم السلام ولإيجاد التفرقة بين أبناء الشعب العراقي لكي ينهبوا خيرات العراق مع عملائهم العفالقة ويستبعدوا هذا الشعب المسلم المظلوم.

وهكذا عاش الشعب العراقي بأغلبيته مظلوما مستبعدا مضطهدا، الأ أنهم لم يتخلوا عن دينهم ودين آبائهم وتمسكهم ببيت الوحي وولاية علي بن أبي طالب عليه السلام.

ومن حكم الله في الأرض أن جعل أرض العراق أرضا للأنبياء والمقدسات والحضارات الانسانية.

لذلك لا مكان للبعث العفلقي الصدامي في العراق الجديد، ولابد للإنتصار لشهدائنا الأبرار الذين إستشهدوا على يد أحد أشقى الأشقياء وحزبه السفهاء القتلة الحقراء، وشهداؤنا قد ذهبوا الى الرفيق الأعلى شامخين كالنخلة الباسقة، وماتوا موتة العز والشرف والإباء وهم أحياء عند ربهم يرزقون، أما صدام المجرم فإنه يموت مئة مرة في اليوم، وأزلامه العفالقة أصبحوا أذلاء حقراء بين أبناء الشعب العراقي.

الأغلبية الشيعية في الوسط والجنوب العراقي آن الأوان لهم بأن يتمتعوا بحقوقهم السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية كاملة في ظل حكم فيدرالي دستوري، فخيرات العراق كلها تجمعت في هذه المناطق فهم يعيشون على بحيرات من الذهب الأسود وهو النفط  وأراضيهم الزراعية لو أستثمرت لكانت ذهبا وأهوارهم الجميلة لو تم الاهتمام بها لكانت كجزر فينيسيا الايطالية من ناحية الروعة والجمال، هذا بالاضافة الى الزئبق الأحمر في العمارة وغيره من المعادن التي تزخر بها بقية المناطق والمحافظات.

محافظة العمارة التي تزخر بحقول النفط هذه المحافظة التي سميت ب(العمارة) لأنها كانت معمورة بأهل بيت النبوة والرسالة، كما ذكر المؤرخون في كتب التاريخ عن هذه المدينة التي قيل عنها أنها مقرونة بطواف نبينا نوح عليه السلام، ومنها إنطلقت باكورة الحضارات في أول الألف الرابع قبل الميلاد حتى يومنا هذا. ولذلك شكلت هذه المدينة التاريخية والموالية لأهل البيت عليهم السلام الى جانب شقيقتها مدينة الناصرية أول حضارة سجلها التأريخ.

دولة رئيس الوزراء السيد الدكتور إبراهيم الجعفري الإخيضر الذي يعتبر من مفاخر العراق ومجاهديه ومناضليه ضد النظام الديكتاتوري المعاصر، عندما زار مدينة العمارة والتقى الآلآف من جماهيرها المؤمنة المجاهدة التي إحتشدت للقائه وتحيته في ملعب ميسان الدولي في يوم الثلاثاء الماضي والتي عبرت عن عميق حبها وإمتنانها له على هذه الزيارة التي كان هدفها وضع حجر الأساس لتنفيذ شبكات المجاري وإنشاء محطات في حي الرسالة وحي أبورمانةة وحي الثورة وحي الوحدة بكلفة 19282000000 مليار دينار وكان في إستقباله السيد كمال الساعدي عضو الجمعية الوطنية والسيد عادل مهودر راضي محافظ ميسان والسيد محافظ واسط وعدد من المسؤولين ورجال الدين وشيوخ العشائر، حيث كان برفقته في هذه الزيارة كل من السادة وزراء البلديات والتربية والاعمار والعدل والزراعة، تحدث بكلمات تاريخية معبرة أولها أنه لا مكان للبعث المجرم الحاقد في عراق الحضارات والمقدسات، كما تحدث عن تاريخ هذه المدينة وشقيقتها الناصرية حيث قال دولة رئيس الوزراء :"لقد خاطبتكم من على منبر الجامعة العربية ولم أخاطب الفرع من الأصل، بل خاطبت الأصل من الفرع وأنتم أهل العمارة والناصرية معدن الحضارة وفجر التأريخ، وجامعة الدول العربية والأمم المتحدة فرع من أصلكم، حيث بدأت الحضارة من هنا ولابد أن تمضي على هذا المسار، ومن لا أصل له لا مستقبل له، ومثلما خاطبت الأصل من الفرع أريد أن أخاطب وأتحدث من هنا من الأصل وأوجه كلامي الى كل فروعنا في العالم من الأصل من أرض الحضارة والتضحية والشعر والأدب، أن العراق رصيد ضخم للعالم العربي وينبغي عليهم أن يعوا هذه الحقيقة ولا يشك أحد بأصل العراق الحضاري والعربي.

وتطرق سيادته الى الانتخابات النيابية الأخيرة فقال دولة رئيس الوزراء :"نريد من الانتخابات التي حصلت في الشهر الحالي أن تبقى رصيدا وفرحة، ولا نريد أن يغتال أحدا فرحة العراقيين، وفوز الانتخابات هو فوز لكل العراقيين من دون إستنثاء، ولا يمكن أن يستغني عن حزب من الأحزاب وأي شخصية من الشخصيات وأي قائمة من القوائم، فكل العراقيين مدعوون لبناء العراق الجديد الذي يبنى بسواعد كل أبنائه، والعراق وأطفاله يتطلعون من أنكم تعيدون الابتسامة المسروقة منشفاه الأطفال والثكالى والأرامل بعد أن خيم عليهم البؤس عليهم سابقا، فلنتكاتف لبناء بلد العراق، بلد المقدسات والشهداء، أرض الصدر الأول العملاق المفكر الذي شمخ في سماء العلم والمعرفة، محمد باقر الصدر الذي إرتقى الى حجم العراق كله لأنه فكر بكل العراقيين من دون أن يستثني أحد وهو أيضا بلد الصدر الثاني الذي إعتلى منبر الجمعة وناضل وقرر على الشهادة وواجه الطاغوت في شدة عنفوانه من أجل أن تصلوا الى ما وصلتم اليه.

وفيما يتعلق بإقرار مسودة الدستور العراقي تحدث الجعفري لجماهير الشعب العراقي في مدينة العمارة قائلا: إنتم أقررتموه ولا يمكن أن نغيره من أجل شخص، ويجب أن تتغير العقليات حتى تطابق الدستور، وقد ولد الدستور هنا في أرض العمارة، أرض سومر والناصرية والبصرة، فعلى الجميع أن يكيفوا أنفسهم في العراق الجديد على أساس الدستور والقانون فهما فوق كل شيء، والبلد المتحضر يحكم فيه القانون ولا يوجد أحد يحكم القانون".

وردا على هتافات الجماهير المجاهدة في العمارة التي طالبت بإعدام الطاغية صدام المجرم وطرد البعثيين من دوائر الدولة، علق سيادته:"الذي أسقط صدام حسين هم شهداؤكم في العمارة وشهداؤكم في حلبجة والنجف وكربلاء وجيزان الجول والتسعين وبشير والبصرة وفي كل منطقة من مناطق العراق، والذي زلزل الأرض من تحت أبناء الطاغوت هم أنتم، والذي أسقط نظام صدام هو شعبنا العراقي الأبي، هذا الشعب الذي حول الديكتاتور الى كارتون سقط من أول جولة عسكرية، وأنتم إنتصرتم، ولقد نذتم حكم الاعدام المعنوي منذ أن أسقطتم هيبة النظام ووقفتم أبطالا، وصدام الآن حي يأكل كالحيوان والشهداء الأبرار الصدرين ومحمد باقر الحكيم والشيخ عارف البصري وأحمد البرزنجي وعبد العزيز البدري وناظم العاصي، كل هؤلاء إستشهدوا ولكنهم أحياء عند ربهم يرزقون وهم الآن يملؤن وجدانكم ويتحركون في عروقكم، وهذا الوغد السيء يعيش كالفأر المذعور ويموت يوميا مئة موتة، وهكذا يكون الشجاع لا يموت الا مرة واحدة وهو واقف وشامخ كالنخلة، أما الجبناء فيموتون ألف مرة."

وفيما يتعلق بحزب البعث فقد قال إبراهيم الجعفري:"أما الذين يفكرون أن يجعلوا من البعث شوطا مستقبليا، وأؤلئك الذين يحلمون أنهم يعيدوا للبعث سطوته ودولته من جديد فأقول: لا مكان للبعث من جديد، لا مكان للبعث في العراق، ولن يكون للبعثيين موقفا، والشعب العراقي دفع ثمنا غاليا، حيث دفع كرامته وهي أعز من الدم ضريبة البعث لا لشيء الا لسطوة البعث المجرم، ونحن ننظر الى الذين تورطوا سابقا أن يعودوا الى أحضان هذا الشعب لا من منطلق أعادة هيكليات الحزب ولكن من موقع إستيعاب قلب شعبنا لكل الذين خالفوه أن يعودوا مرة أخرى لأحضان شعبهم".

وقال السيد رئيس الوزراء مخاطبا الحاضرين في مدينة العمارة:"أنا أدرك جيدا ما تعانونه وأنا واقف هنا على أرض مدينة الذهب الأسود، وكل العراقيين يجب أن ينعموا بهذه الخيرات من أقصى نقطة في إقليم كردستان الى أقصى مدينة في جنوب العراق، وكنت قد دخلت العمارة في نهاية السبعينات حيث عملت هنا طبيبا للبدن، وها أنا ذا أعود الى العمارة الآن لأتحول من طب البدن الى طب الوطن، وأنا معكم الى آخر الطريق ولن أتخلى عنكم حتى آخر قطرة وحتى آخر لحظة في حياتي، وأنظر لكل شيء من خلالكم وسأعمل قصارى جهدي من أجل مصالحكم بعيدا عن كل موقع وسأبقى في الواقع السياسي أتحرك من أجلكم ولن أستبدل حبكم بموقع ولن أبيعكم بموقع".

إننا في حزب الطليعة الاسلامي نساند ونعاضد موقف الدكتور الجعفري، ومواقف كل القوى الاسلامية والوطنية الشريفة التي تنادي بإجتثاث جذور مجرمي البعث، فمواقفنا التاريخية وجهادنا الطويل والمتواصل ضد النظام البعثي الديكتاتوري وما قدمناه من شهداء بلغوا أكثر من 40شهيدا في ساحات الجهاد وفي السجون والمعتقلات وعلى أعواد المشانق، شاهد حي على مواقفنا الثابتة التي سجلناها في بياناتنا والتي عبر عنها قيادات حزب الطليعة الاسلامي في الاعلام الداخلي والعالمي وعلى موقعنا في الانترنيت والشبكات والمواقع الالكترونية، ولذلك فلا يمكن القبول بعودة البعثيين المجرمين ولو تلبسوا بأي لباس كان أو جاؤا عبر أي قائمة كانت أو أي حزب كان، ومواقفنا ستبقى ثابتة، فحزب البعث حزب ضال أهلك الحرث والنسل وحارب المرجعية الدينية والحوزات العلمية في العراق، وحارب العلم والعلماء والشرفاء والوطنيين الأحرار، فقد قام هذا الحزب بالتجرؤ على قتل المرجع الشهيد آية الله العظمى السيد محمد باقر الصدر وأخته العلوية بنت الهدى، وإعدام آية الله الشهيد الشيخ محمد مهدي السماوي وثلة مؤمنة رسالية من أتباعه، الذي قاد مظاهرة كبرى في مدينة السماوة - كان له دور بارز في الساحات الجهادية وخصوصا في مدينة السماوة البطلة - آبان ظهور ثورة الامام الخميني (رضوان الله تعالى عليه)، تأييدا للثورة الاسلامية وقائدها الفذ،كما قام بإعدام أقارب الشيخ مهدي السماوي، وهم الشهيد عبد الرزاق السماوي والشهيد عبد علي السماوي، شقيقا سماحة آية الله المجاهد الشيخ سعد السماوي، أحد أبرز علماء وأساتذة الحوزة العلمية في النجف الأشرف وعضو مجلس العلماء في حزب الطليعة الاسلامي ورئيس مؤسسة الامام الرضا الدينية والثقافية والخيرية، كما قام النظام الصدامي الفاشي قبل سقوطه بإعدام نجله العلامة الشيخ أحمد السماوي عام 2002م.

ومنذ مجيء الطاغية على الحكم قام بسلسلة إعدامات وإغتيالات إستهدفت الآلآف من أبناء شعبنا ورموزه الدينية والرسالية، فبعد شهادة آية الله الصدر الأول قام بإغتيال المفكر الاسلامي الكبير آية الله السيد حسن الشيرازي في بيروت عام 1980م، وبعد فترة قام بإغتيال آية الله السيد محمد مهدي الحكيم في السودان، وتوالت مساوىء هذا النظام الذي أقدم على إعدام آية الله العظمى الشهيد الصدر الثاني ونجليه، والألآف من أبناء الشعب العراقي في مقابر جماعية لا زلنا لا نعرف عن أكثرهم شيئا.

إن المسؤولية التاريخية تحتم على القوى الدينية والسياسية والوطنية الشريفة الفائزة في الانتخابات النيابية أن تقوم بإيجاد حكومة إئتلاف وطني تضم كل مكونات الشعب العراقي وقواه السياسية وطوائفه ومذاهبه وقومياته، حكومة خالية من أذناب وفلول البعث المجرم البائد، وأن لا تسمح هذه الحكومة بعودة البعثيين وأجهزتهم المخابراتية والأمنية الى مفاصل الحكم من جديد وأن تقطع الطريق أمام البعثيين الجدد المتربصين لإستلام الملف الأمني تمهيدا لعودة البعثيين القدامى للحكم، وأن تسعى الحكومة جاهدة الى إستيعاب القوى الدينية والسياسية التي لم تحصل على مقاعد في البرلمان والاستفادة من طاقاتها وكوادرها وتجاربها السياسية، فالعراق يتسع للجميع وعلينا أن لا نكرس الحالة الديكتاتورية المقيتة والمحوريات الضيقة والحالة الحزبية والاستفراد بالسلطة والحكم داخل الساحة السياسية في العراق، فالحركة الاسلامية الشيعية بحاجة الى إتحاد إستراتيجي للملمة صفوفها وإتحادها وتكاتفها وتعاونها لبناء العراق الجديد والدفاع عن حقوق الأغلبية الشيعية المسحوقة في ظل عراق فيدرالي دستوري يسعى فيه زعماء القوى الاسلامية الشيعية الى تفعيل الفيدرالية في الجنوب والوسط العراقي لتكون خدمة تاريخية تضم الى سجل تاريخهم النضالي الحافل.

 

العودة الى الصفحة الرئيسية

 

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع و النشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com