|
![]() |
![]() |
رسالة عاجلة الى أنصار الشمعة أمير علي الساعدي / السويد
علينا أن نعيش ذكرى أولئك الشهداء دائما , ونقول ما قاله ذلك الشاعر الثائر مستعرضا ما كانت عليه نفسه حينما يسيطر عليها الوهم و هو في سجنه : أولم يكن خيرا لنفسي أن أرى *** مثل الجموع أسير في إذعان ما ضرني لو قد سكتّ و كلما *** بلغ الأسـى بالغت في الكتمان هذا دمي سيسيل يجري مفطئا *** ما ثار في جنبيّ من نيران و فؤادي الموار في نبـضاته *** سيكفّ في غده عن الخفقان و الظلم باق لن يحطم قيده *** موتي ولن يودي به قرباني ويسير ركب البغي ليس يضيره *** شاة إذا اجتثت من القطعان و لكنه يستفيق , فيقول : هذا حديث النفس حين تشف عن *** بشريتي و تمور في وجداني و تقول لي أنّ الحيـاة لغاية *** أسمى من التصفيق للطغيان أنفاسك الحرّى و إن هي أخمدت *** ستظل تغمر أفقهم بدخان وقروح جسمك و هو تحت سياطهم *** قسمات صبح يتقيه الجاني دمع السجين هناك في أغلاله *** و دم الشهيد هنا سيلتقيان نعم هذا هو عالم المضحين , وهذا هو عالم الشهداء , و هذا هو معدن أولئك الأفذاذ .. كانوا يعيشون صراعا حقيقيا و هم في مطامير الأرض , كانوا يخيرون أنفسهم بين العيش في حياة رغيدة تحت كنف الطغاة , و بين حياة العز و السمو بين يدي الله سبحانه , و لأن عقولهم نيّرة و قلوبهم مطمئنة و أنفسهم تواقة للرقي الى العلياء , أبت نفوسهم الأبية و هم أنصار أبيّ الضيم الإمام أبي عبدالله الحسين عليه السلام , إلا أن يلتحقوا بركب الشهداء السعداء مع النبيين و الأوصياء عليهم صلوات الله و سلامه . و يتركوا الدنيا الدنيّة بكل ملذاتها لأصحاب اللذائذ و عشّاق المناصب و طلاّب الوجاهة و حملة فكر الـ أنا . بعد هذه المقدمة يا أحبتي أقول , بأن من كان يستند الى هذا الجدار الصلب و يقف على هذه القاعدة القوية و يحمل تراث أولئك الأبرار , لا يمكن أن يكون كما تريدونه أن يكون مطلقا , و إلا فمن تتولون في أيامكم هذه لا يمكن أن يكون الوريث الحقيقي لذلك الفكر الأصيل إن كان يريد السلطة و كرسي الحكم غاية و ليس وسيلة لتحقيق العدل و المساواة بين العباد .. فنحن كنا في سالف الأيام نحلم بغد يجيئ فيه حاكم يستند بحكمه على مبدأ النبي الأكرم صلوات الله عليه و على آله و على مبدأ أمير المؤمنين عليه السلام حينما قال : (( إن خلافتي عليكم هذه لأهون عندي من عفطة عنز , إلا أن أقيم حقا أو أدفع باطلا )) . و اليوم و بعد زوال النظام الصدامي الدموي و بعد أن تخطى شعبنا عدة امتحانات و نجح بها بشهادة العالم الحر , فكانت الانتخابات حدثا مدويا لا يمكن أن ينساه كل من عاصرها و وضع أولى لبناتها و شارك فيها , و مؤخرا و قبل اسبوعين بالتحديد جرت الانتخابات البرلمانية و ها نحن ننتظر النتائج تعلن من قبل المفوضية العليا المستقلة للانتخابات .. و العراقيون مجمعون على تقبل النتائج إلا بعض الذين تعوّدوا الانقضاض على السلطة بواسطة السلاح و القوة و القهر , و هؤلاء يستجاهلهم شعبنا و يرمون في مزبلة التاريخ مع صدام و أزلامه و كل الطغاة على مر العصور . يـــــا أنصار الشمعة .. ولكني أرى بين الرماد وميض نار *** و يوشك أن يكون له ضرام و إن لم يطفها عقلاء قوم *** يكون وقودها جثث و هام فإنّ النار بالعودين تذكى *** و إن الحرب أولـها كلام أرى بأن هناك عمليات نخر من داخل بناء الائتلاف العراقي الموحد , ممن يضيق صدرهم بأن تكون هناك وحدة وبناء متماسك بين سائر الكتل و الأحزاب الشيعية , وتتراءى لي الآن نفس الوجوه التي كنا نراها بالأمس القريب قبل سقوط النظام , ممن كان همهم الوحيد هو تسقيط الطرف الآخر بأية طريقة و بأية وسيلة حتى لو كانت على حساب المبادئ و القيم , متناسين بأن هدف الجميع واحد و مبدأهم واحد و غايتهم مشتركة , غاية ما هنالك هو اختلاف الوسيلة , و التي جعلوها غاية بدلا من أن تكون طريقا يوصلهم الى تحقيق الغاية العظمى و الوصول الى الأمل المنشود .. و لم يكتفوا هذه الأيام بنخر البناء من الداخل بأنفسهم , بل أوعزوا الى القواعد في داخل العراق و خارجه بأن يكونوا بوقا لهم و أداة طيّعة بأيديهم , فالكاتب يكتب لهم و المنشد ينشد لأجلهم و المتحدث أمسى عصفورا يغرّد ألحانهم .. و دعونا باختصار نترجم ما يقولون و نصنّفهم .. هم طرفان رئيسيان بعض يقف مع الدكتور إبراهيم الجعفري و يرى بأنّه الأصلح لرئاسة وزراء الحكومة القادمة , و البعض الآخر يقف مع الدكتور عادل عبدالمهدي ويرى بأنه الأصلح لرئاسة وزراء الحكومة القادمة .. و كل طرف من اولئك يعطي لنفسه الحق في تصنيف الآخرين و أنه يرى مصلحة العراق دون غيره .. و لكنهم تناسوا بأنّنا خبرناهم و عرفنا و منذ أمد بعيد طريقة عملهم و ما تنطوي عليه نفوسهم .. و كم تمنيت أن تتبصروا طريقكم و تحاسبوا أنفسكم و تعلنونها صرخة مدوية في أعماق نفوسكم كي تطهروها مما علق بها من أدران ما مضى من حال كنتم أسارى على يد أضغانكم و أحقادكم , لا لشيء سوى أنكم تبغون الوصول الى مجد تتخيلون أنه منجيكم و موصلكم الى بر الأمان . و لكن اعلموا يا أنصار الشمعة , بأن المجد لا يبنى على لبنة من حقد أو ضغينة , بل المجد يطلب الانسان إن هو تركه , كخيال الانسان مهما بالغ ذلك الانسان أن يدرك خياله الذي أمامه لن يصل إليه أبدا , و لكن ما إن يدبر الانسان عن خياله حتى ترى الخيال يتبع صاحبه أينما كان و أينما حلّ . فدعوكم من أحقاد ما مضى من أيام و تمسكوا بوحدتكم التي أرادكم الله سبحانه أن تكونوا عليها (( واعتصموا بحبل الله جميعا و لا تفرقوا )) ثم يا أحبتي .. إن عدنا الى سبب فرقتكم هذه الأيام فأقول .. لو كانت المفاضلة بين الدكتور الجعفري و بين أياد علاوي لكنت أول من ينادي و على رؤوس الأشهاد بأن هذه جريمة لا تغتفر , فكيف تتساوى الثريا و الثرى ؟؟؟ و لكنكم تفاضلون بين علمين من أعلامنا في الجهاد و العلم و التقوى و الوقوف بوجه الطغاة على مدى عقود من السنين حرموا فيها أنفسهم من لذائذ العيش و تغربوا في المنافي البعيدة .. فكان الأجدر بكم و بمن تمثلونهم أن تنظروا الى المصلحة المشتركة بين هذين العلمين , و تعلنوها بضرس قاطع بوجه كل من يريد النيل منّا .. كلاهما فاضل لدينا و لا فرق بين الجعفري و بين عبدالمهدي .. المهم أنهما ينطلقان من مكان واحد وهو التشيع و يستقيان فكرهما من منبع واحد وهو فكر أهل البيت عليهم السلام و غايتهما واحدة و هي الوصول بالعراق و العراقيين الى بر الأمان .. و بذلك تكونون قد بعثتم بخير هدية معطرة بالأزاهير الى أرواح كل شهدائنا الأبرار .. وهم يرون كيف أنكم قد قدّرتم تلك التضحيات التي ضحّوها على مدى عقود طويلة و جادوا في آخر المطاف بنفوسهم ... و الجود بالنفس أقصى غاية الجود .. وكلمة أخيرة أقولها للدكتور إبراهيم الجعفري و الدكتور عادل عبدالمهدي , أنا على يقين تام بأن كل واحد منكما مخلص في عمله متبصر طريقه مسترشد بهدى من تولاهم ماض على ما عاهد الله عليه في سره و علنه و أنكما ستوصلان البلاد الى بر الأمان وإيصال البلاد الى ما كنتما تأملان و ترجوان .. ولكن كما تعلمان بأن المقام لا يسمح إلا أن يكون واحد منكما في ذلك المنصب فتحليا بالشجاعة و أعلنا معا موقفا نفخر به ما حيينا و يفخر به كل جيل يأتي من بعدنا , وذلك بعقد لقاء مشترك بينكما تتفقان فيه على تأكيد منهج مدروس تشتركان في وضع لبناته معا , ثم بعد ذلك يتنازل واحد منكما للآخر كي يسير مركب الإصلاح .. و في هذا رضا الله تعالى و يقينا أن أرواح الشهداء ستسعد و هي بين يدي رحمة الباري تعالى .. و كأني بتلك الأرواح أسمعها تردد نشيد آخر المشوار لكن اذا ابتعد الظلام و مزّقت *** بيد الجموع شريعة القرصان فلسوف يذكرني و يكبر همّتي *** من كان في بلدي حليف هوان و الى اللقاء تحت ظل عدالة *** قدسية الأحكام والميزان اللهم اشهد أني قد بلّغت
|
||||
© حقوق الطبع و النشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info***bentalrafedain.com |