ألأمام علي (ع) حذر من التمسك بالحكم كغاية

 

المهندس صارم الفيلي
sarimrs@hotmail.com

 تكلمنا في مقالات سابقة عن الفساد المالي والأداري في العراق , أسبابه , كما أقترحنا وغيرنا طرقا أو حلولا للتقليل منه الى أقصى حد ممكن , لا انهائه بالكامل لأستحالة هذه الغاية .

 وهنا أريد أن أقول ان للفساد مظاهر كثيرة بعضه يتجلى بسرقة المال العام وبعضه باستغلال المنصب وبعضه بقبول الرشوة وبعضه بسرقة الجهد وبعضه في التأخر بالعمل وبعضه بأعاقة مصالح المواطنين وأخطره على الإطلاق أيصال الفاسـدين ألى مواقع القرار مما يتـيح لهم العبث في مقدرات البلد و نهبها أو على الأقل تبديدها والمسؤول الفاسد لاشك سيعمل على أن تلتف حوله بطانة فاسدة الأمر الذي يهيئ الوضع لنمو وازدهار حالة الفساد وتفشيها أفقيا وعمودياً .

 ثم التشبث في الموقع يعتبر من ممهدات الفساد على الصعد السياسية ,حتى لو ثبت عدم صلاحية المتصدي في البقاء في موقعه لأسباب ذاتية وموضوعية , وهنا عامل التجربة يكون حاسما في الحكم على هذا الموضوع .

 فكيف نطلب من المدير أو من فوقه في تسلسل هرم الوظيفة الشفافية , وتحري الكفاءة في الكوادر التي يعمل معهم .

 لكن في نفس الوقت نمهد لتكريس حالة معاكسة في مواقع أرفع؟ .

 ثم أن التبادل في المواقع التنفيذية لا يعتبر معيبا , لا في الدول المتقدمة ولا في النامية التي تتوفر على آليات شفافة بقدر معقول لتداول السلطة.

 فنلاحظ تحول رئيس الجمهورية الى موقع آخر , وكذلك رئيس الوزراء .

 لا لعدم النزاهة أوالأهلية , وانما هي سنة المداولة .

 لكل وقت رجال في موقع ما , وآخرون في مواقع أخرى لتعضيد وترسيخ قواعد التفاهم وتنشيط آليات العمل , التي ربما أصيبت بتكلس هنا ,وأحتقان هناك .

 اننا بحاجة الى تفعيل مستمر لسنن المداولة في المواقع التنفيذية , لكسر الحاجز النفسي التاريخي الذي أنشأته ثقافة الرجل الواحد " الضرورة " خلال أربعين عام مضت قبل سقوط صنمه .

 أن الأصلاح في العراق له مظاهر عديدة بعضه يتجلى في الصدق مع النفس , والأيثار خدمة للمصلحة العامة بتغليبها على المصالح الذاتية أو الحزبية .

 أن المداولة تمنع أو تقلل الى حد بعيد من أمكانية تكون ظروف تخلق فيها الشخصية المستبدة حتى لو كانت ورعة في ظلال من دماثة في الخلق أو ميوعة الغموض وادعاء قبول الآخر وزعم الحرية والشفافية .

 لماذا ؟ انها غريزة حب الجاه .

 الموجودة في كل أنسان سوي لكن بدرجات متفاوتة .

 لكنها عندما تصل الى موقع الحكم تصبح محتقرة "بفتح التاء " ان أصبحت غاية بحد ذاتها , وهنا المقياس هو لايمكن لشخص ان تختزل الوطن ومصالح الناس في ذاته .

 ليكون كل شئ مفتقرا لبقاءه في منصبه .

 عندها نسترشد بأمامنا علي (ع) حيث كان يحتقر الحكومة بهذا المعنى لأنها تصبح مقاما دنيويا "لأشباع حب الجاه " في الأنسان خوفا أن تصبح هدفا في الحياة .

 وحينئذ لا يعتبرها بشئ أبدا .

 بل هي عنده أهون من عظم خنزير في يد مجذوم " أجلكم اللة يأخوان ويا خوات " كما جاء في بعض كلماته عليه السلام .

 كم نحن بحاجة الى التعمق في الشخصية العلوية , عندها تتلاشى الطموحات الشخصية لتتنامى صفة الأيثار , فيخرج الأنسان من نفق الضيق الى رحاب الأبداع والأنفتاح والأنبساط والمحبة .

 -كان (ع) لاتأخذه في اللة لومة لائم , فهو الذي يعدل بين رعيته , بغض النظر من القرب أو البعد " الحزبية الضيقة في مفهومنا المعاصر" .

 ليقول "واللهِ لَوْ أُعْطِيتُ الأَقَالِيمَ السَّبْعَةَ بِمَا تَحْتَ أَفْلاكِهَا عَلَى أَنْ أَعْصِيَ اللهَ فِي نَمْلَةٍ أَسْلُبُهَا جُلْبَ شَعِيرَةٍ مَا فَعَلْتُهُ " .

 ففي الحق يتساوى عنده القريب والبعيد , القوي والضعيف " الذَّلِيلُ عِنْدِي عَزِيزٌ حَتَّى آخُذَ الْحَقَّ لَهُ والْقَوِيُّ عِنْدِي ضَعِيفٌ حَتَّى آخُذَ الْحَقَّ مِنْهُ " فهل نحن شيعته فعلا , ومليارات الدولارات تسرق من قوت الشعب , لتهرب خارج البلاد , وعقود توهب بأبخس الأثمان دون محاسبة , مراعات للزمالة أو التحزب إإإ .

 ثم يتبرأ من عاقبة الظلم ليقول عليه السلام "إِنَّمَا هِيَ نَفْسِي أَرُوضُهَا بِالتَّقْوَى لِتَأْتِيَ آمِنَةً يَوْمَ الْخَوْفِ الأَكْبَرِ وتَثْبُتَ عَلَى جَوَانِبِ الْمَزْلَقِ ولَوْ شِئْتُ لاهْتَدَيْتُ الطَّرِيقَ إِلَى مُصَفَّى هَذَا الْعَسَلِ ولُبَابِ هَذَا الْقَمْحِ ونَسَائِجِ هَذَا الْقَزِّ ولَكِنْ هَيْهَاتَ أَنْ يَغْلِبَنِي هَوَايَ ويَقُودَنِي جَشَعِي إِلَى تَخَيُّرِ الأَطْعِمَةِ ولَعَلَّ بِالْحِجَازِ أَوْ الْيَمَامَةِ مَنْ لا طَمَعَ لَهُ فِي الْقُرْصِ ولا عَهْدَ لَهُ بِالشِّبَعِ أَوْ أَبِيتَ مِبْطَاناً وحَوْلِي بُطُونٌ غَرْثَى وأَكْبَادٌ حَرَّى " فهل سأل مسؤول نفسه عن عواقب أفقار الناس , أكثر فأكثر بقرارات أرتجالية تؤخذ ليزداد الفقير فقرا وبؤسا "؟ بينما الأنفاق مفتوح على مصراعيه في مواقع أخرى ,وبدون حساب .

 هل تمثلت صفات القيادة الحقة بمن يتصدى لها , بأن يتفقد أحوال من هم في ذاكرة النسيان داخل الوطن أو في مخيمات الملاجئ أو من يعيشون تحت رحمة قاطعي الرؤوس ومغتصبي حرائر شيعة أهل البيت ؟ .

 وهو القائل(ع) " أَأَقْنَعُ مِنْ نَفْسِي بِأَنْ يُقَالَ هَذَا أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ولا أُشَارِكُهُمْ فِي مَكَارِهِ الدَّهْرِ أَوْ أَكُونَ أُسْوَةً لَهُمْ فِي جُشُوبَةِ الْعَيْشِ فَمَا خُلِقْتُ لِيَشْغَلَنِي أَكْلُ الطَّيِّبَاتِ كَالْبَهِيمَةِ الْمَرْبُوطَةِ هَمُّهَا عَلَفُهَا . .

" نعم القيادة تكليف وعمل ونجاح ,لا تشريف , بدون ان نضع تلك الدرر العلوية كمنهاج عمل لنا .

 وان لم نفعل , نقع بدورات أستبداد جديدة وبروز للرأي البدء غير القابل للجدل والتحريك والمواجهة على الصعيد العملي لا الكلامي المستهلك بألفاظ قبول الآخر والحوار والشفافية وما أليها .

 عنده تنكشف الأمور للشعب لتتراكم العيوب البنيوية في منظومة الحكم , ولا تلعب شخصية الحاكم ألا دورا بسيطا في أوائل حكمه، قبل أن تتسلط عليه وعلى السلطة الحقيقية طبقة المنتفعين "المتحزبين له" .

 التي تقوم بحماية الحاكم ومعاونته .

 ثم تتزايد لحماية نفسها بدورها حتى تصبح هي القوى الحقيقية , ويرغم المسؤول نفسه على قبولها , لأنها تحافظ عليه وعلى مصدر شرعيته .

 بتظخيم حجمه , وتعظيم شأنه وأضفاء صفات تقترب من القداسة اليه, ان لم تلامس القداسة لهذه الشخصية .

 فالمصلحة مشتركة ووجود كل منهم مرهون بوجود الآخر .

 انهم الطفيليون " رحم اللة الصدر الأول" تتسع قاعدة المنتفعين لحماية نفسها فأنهم ينشرون الفساد بألقائهم بفتات مائدة اللئام إلى الطبقات العريضة من الناس!! .

 لتعم الفوضى والجريمة والتسول , أطفال في عمر الزهور يملئون الشوارع ,للتسول , بينما الأموال تنهب بالمليارات لتصرف بذخا في عاصمة دولة مجاور , نساء العراق فيها تفترشن الطرقات في بيع السكائر .

 ليكون المواطن البسيط كالجمل ينقل الماء وهو ظمآن ؟ .

 ولا حول ولا قوة الا باللة العلي العظيم

العودة الى الصفحة الرئيسية

 

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع و النشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com