|
حتى لا يُستبدل النظام السوري بخداميه او جلاديه ياسر سعد / كندا النظام السوري يعيش أيامه الاخيرة, او على الاقل هذا ما يعتقده الكثيرون سياسيون كانوا او مراقبون اومحللون. فالطوق الامريكي يزداد إحكاما والحصار الدولي يشتد على عنق النظام والذي يُتوقع ان يشهد إنشقاقات متتالية وقفزات متوالية من سفينته الممتلئة بالمتملقين والمنتفعين والتي اوشكت على الغرق في محيط السياسة العالمي الهادر. خدام في هجومه الشرس وإنتقاده اللاذع للنظام الذي خدمه زهاء اربعة عقود يحاول تبرئة نفسه من التجاوزات والانتهاكات الخطيرة والتي تأسس عليها النظام وترسخت دعائمه, إن كان في ما يتعلق بمقدرات الوطن الاقتصادية او بكرامة المواطن وحريته وحقوقه الاساسية. كما انه من المحتمل ان خدام بخطوته الاخيرة يمهد نفسه او يمهده الاخرون كبديل للنظام السوري والذي انتهت او اوشكت صلاحيته السياسية دوليا واقليميا. ولأن التجربة العراقية المؤلمة والدامية ما تزال أحداثا حية نشاهدها يوميا والذي من ابرز محطاتها الاخيرة تصريحات اياد علاوي والتي قال فيها بأن انتهاك حقوق الإنسان في العراق "الجديد" أسوأ مما كان يحدث في عهد الرئيس العراقي السابق صدام حسين إلى درجة أن الناس – والكلام ما زال لعلاوي- أخذت تترحم علي أيام النظام السابق. كما ان التجربة الموريتانية الاخيرة والتي قامت بها ثلة من الضباط المخلصين لولد الطايع بإنقلاب عليه بعد ان وصلت البلاد تحت قيادته الى حافة الاختناق السياسي, ليُطلق بعدها الحكام الجدد سراح بعض المعتقلين السياسيين حتى إذا تمكنوا من السلطة وتنفس الاحتقان الشعبي بعض الشئ عادت ممارسات النظام القديم والذي كان الانقلابيون من اركانه الى سابق عهدها تعسفا في الداخل والتزاما بسياسات غير مقبولة شعبيا في الخارج. المعارضة السورية والتي تحرك الدم في عروق كثير من شرايينها وشهدت ميلاد تجمعات واحزاب سياسية في الخارج مع الهزات الارتجاجية والاعاصير السياسية والتي تعرض لها النظام جراء سياساته الفاسدة والخاطئة والتي تراكمت عبر عقود طويلة إضافة الى ضعف قيادته وعدم قدرتها على قراءة المتغيرات الدولية, المعارضة السورية والتي يتأمل منها المواطنون المسحوقون في الداخل الشئ الكثير عليها ان توضح موقفها وبشكل لا لبس فيها من التعاون والتعامل مع القوى الدولية المتنفذة ومع المنشقين من ازلام النظام وجلاديه. القوى الغربية وامريكا تحديدا وفرنسا وحلفاؤهم لا يقيمون للاسف الشديد وزنا لمبادئهم واخلاقياتهم المعلنة إن تعارضت مع مصالحهم ومكاسبهم. فنظام الاسد دخل لبنان بمباركة امريكية وغربية وطرد الجنرال ميشيل عون في عام 1990 بعد تلقيه ضوء اخضرا من الادارة الامريكية والتي صمتت هي وحلفاؤها ردحا من الزمن على تجاوزات النظام وسياساته الدموية في سورية ولبنان كما حصل في تدمر وحماة وغيرهم. البراغماتية والواقعية في السياسة شئ والانتهازية والزئبقية شئ آخر, فأي حكم قادم لسورية لا بد من ان يتعامل مع القوى الدولية ولا بد من أن يأخذ بعين الاعتبار موازيين القوى وحساباتها. غير انه من الواجب ان تكون قاعدة تلك العلاقات ومنطلقاتها الاساسية حرية المواطن ورعاية حقوقه الاساسية وصيانتها والحفاظ على امكانيات البلاد الاقتصادية وعدم العبث بمقدراتها. اما المنشقين عن النظام والذي كانوا سدنته وجلاديه وخدامه, فليسعهم عفو عام إذا ما إعتذروا عن جرائمهم وتجاوزاتهم قبل ان تتمكن منهم العدالة وإذا ما اعادوا ما سلبوه ونهبوه وساعدوا على إعادة مقدرات الوطن المسلوبة. ولكن ان نقبل بان نمد لهم الايدي او ان يكون لهم دور سياسي في سورية المنشودة, فذلك يعني بأننا ارتضينا ان نكون شهود زوروقبلنا بأن نستبدل ظالما بظالم ربما يكون اشد وآنكى. إن انعدام المبدئية الواضحة في هذا الوقت الحرج والمنعطف الخطير التي يمر على سورية سيلقى بظلال من الشك والريبة على المعارضين السوريين في الخارج, هل يصارعون الاستبداد ام يتصارعون على مواقعه؟ لعله من التكرار الممل الحديث عن تصرفات ونقائص خدام ومشاركته الفعالة في جميع تجاوزات النظام وتصرفاته من الاحداث الدامية الى قمع الحريات والاغتيالات المتعددة في لبنان لشخصيات معروفة مثل سليم اللوزي ورياض طه وكمال جنبلاط وغيرهم حين كان الملف اللبناني بين يديه. واذا كان خدام يتباكى على الحريات وبطء ان لم نقل انعدام الاصلاحات في سورية بشار الاسد فدعونا نستذكر لقاءه مع قيادات حزب البعث العربي الاشتراكي في جامعة دمشق يوم السبت 17-2-2001 والذي أكد فيه حين كان نائبا للرئيس في أن الندوات -والتي أنطلقت فيما عُرف بربيع دمشق- تجاوزت "الخطوط الحمر" وأضرت بأمن المجتمع واستقراره. مضيفا بأن "هناك فرق بين الحرية واستغلال الحرية ضد أمن المجتمع والدولة". وحمل خدام في ذات اللقاء على أصحاب البيانات التي تطالب بمزيد من الحرية وإجراء انتخابات ديموقراطية، وهي البيانات التي كانت تحمل توقيع مثقفين ومحامين يشاركون في هذه الندوات. مشيرا إلى أن "الهدف هو إشعال سوريا في وقت تواجه فيه الصراع العربي الصهيوني". فهل يستحق الشعب السوري بعد هذه المعاناة الطويلة في الغاء دوره وسحق حرياته وتجويع أطفاله ان يكون البديل او جزء منه الرجل الذي خدم النظام وبتفان سنوات وعقود؟ وهل يتخيل عاقل ان يكون رفعت الاسد -والذي يلهو ويعبث بالمليارات المنهوبة في منفاه الغربي- بطل تدمر ومأساة حماه والسفاح الذي تلوثت يداه بدماء الابرياء من المواطنين جزء من الحل للمأساة السورية وهو احد صانعيها ومهندسيها. أن الايدي التي تمتد الى رموز النظام للعمل على تغيير الوضع السوري الحالي دون ادانة واضحة واعتذار قولي وعملي بيّن من تلك الرموز هي أيد ستتلوث بالموبقات السياسية وستكون مسؤولة عن أية معاناة مستقبلية اضافية للشعب السوري المغلوب على أمره. المطلوب من المعارضة محاصرة رموز النظام في منافيهم والتعاون مع المنظمات الحقوقية الغربية للطلب من الحكومات تجميد ارصدتهم واستثماراتهم والتي هي ملك للشعب الذي يقتات من القمامة حسب توصيف خدام نائب الرئيس السابق. الضغوط القانونية والاعلامية يجب ان تتظافر حتى لا يكون خُدام النظام وجلاديه جزء من حل موهوم او سراب ملغوم يجعل من ايام النظام الحالي بما فيها من شقاء وظلم وإعتداءات آثمة اياما يُتحسر عليها كما هو الحال في العراق الامريكي الجديد.
|
||||
© حقوق الطبع و النشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |