حكومة المفاوضات السرية

 الدكتور لميس كاظم

 lamiskadhum@hotmail.com

أختلف قادة القوائم الأنتخابية على تسمية الحكومة العراقية المزمع تشكيلها بعد فرز الأصوات الانتخابية. فراح البعض يسعى لتشكيل حكومة الوحدة الوطنية والأخر يتناغم مع بعض القوى ليشكل حكومة توافقية وأخر يهمس لتشكل حكومة الشرعية الأنتخابية وهناك من يطمح لتشكيل حكومة * شيلّني وشيلّك* وفق مبدء تقاسم الغنائم على حساب مصلحة المواطن والوطن. كل من هؤلاء القادة لهم  تبريرات ومسلمات واستحقاقات يحاول أن يوظفها في هذه المشاورات السرية لأبتزاز الطرف الثاني للحصول على مكاسب تخدم مصالح قائمته على حساب المصالح العامة. ويتم ذلك من خلال أتفاقات متكوبة تلزم الطرف الثاني بوجوب تنفيذها. لكن هل  أن هذه الأتفاقات السرية هي جزء من الاستحقاق الانتخابي وهل ستلبي رغبة الناخب العراقي في المستقبل؟ أن أهم الملاحظات على هذه الأتفاقات هي: 

  • هذه الأتفاقات السرية بين القوائم بعيدة كل البعد عن رغبة الناخب العراقي. فلن تحقق له  طموحاته والوعود الانتخابية بل ستوفر فرص ثمينة لهذه القائمة الفائزة على حساب المشروع الوطني. إذ تقيد كل طرف بشروط جزئية تمنح لكل قائمة أمتيازات خاصة تقتطع من مصالح الوطن.

  • هذه الاتفاقات السرية تعكس حالة الريبة وعدم الثقة بالطرف الاخر وبالتالي لن يتوفر مبدء العمل الجماعي الوطني المشترك بين الأطراف المتحالفة في الحكومة الجديدة  وأنما ما جرى  وسيجري هو بعيد عن الاستحقاق الأنتخابي، فكل طرف سيستثمر وجوده في الحكومة ليحقق برامجه الخاصة على حساب البرامج الوطنية. وقد شهدنا في الحكومتين السابقتين تقاطعات في أداء كل طرف على حساب الاخر وكانت نتائجه مضرة بمصالح الوطن والأنجاز الحكومي.

  • هذه الأتفاقات السرية التي جرت بالأمس القريب كانت مضرة بالعملية السياسية برمتها إذ أجتزء كل طرف حصته وترك المواطن منتهك الأمن والحقوق. وقد أسفرت هذه الأتفاقات عن تباين في الاستقرار الامني. إذ شهدت بعض المدن حالات من الاستقرار الامني والعمراني والخدمي على حساب العاصمة ومدن التوتر السياسي وهذا لا ينسجم مع النفس الوطني الذي يجاهر به الجميع. فكل الحكومات الديمقراطية تحاول أن توفر الاستقرار الامني والعمراني والخدماتي لعموم المدن العراقية، مع أخذ بنظر الاعتبار خصوصية العاصمة بغداد، بأعتبارها القلب النابض للوطن والوجه الحضاري للحكومة والأستحقاق الأنتخابي الأهم لكل القوائم. وقد دأبت كل قائمة الى توفير الامن والاستقرار لمدنها على حساب العاصمة بغداد التي باتت اكثر المدن العراقية تعرضا للأضطراب الامني بأستثاء المنطقة الخضراء. وبات المواطن البغدادي ينعم بأكبر الحصص التفخيخية من التفجيرات والقتل الجماعي وأقل فرصا للعمل. وشوارع العاصمة وأحياءها باتت اكثر عرضة للدمار والتهميش والأنفلات الأمني.

  • هذه الاتفاقات السرية كرست البعد المذهبي والطائفي بكل مستلزماته وبالتالي قسمت مدن العراق على أسس بعيدة عن المفاهيم الوطنية والتي لا تنسجم مع التعددية والرأي الاخر. وستلغي مبدء التعاون المشترك بين المدن العراقية و تكرس مبدء الأكتفاء الذاتي لكل مدينة على أنفراد  ومما لا يسرع في تطور العراق بشكل كامل وعادل ومتوازن.

  • الاتفاقات السرية وفرت فرص بسط سلطة كل قائمة على مدنها على أنفراد ، وفق منطلقاتها الفكرية أو الطائفية دون أن يتدخل الطرف الاخر، بأستثناء العاصمة وبعض المدن. هذه السياسة تجاوزت على المفهوم الوطني وساعدت على ترسيخ الثقافات والأفكار الخاصة بهذه القائمة دون غيرها وعدم السماح لأي فكر أو مبدء وطني مغاير أن يسود او ينتعش في تلك المدن وهذا شكل وسيشكل خرق واضح لثقافة الوطن وبالتالي سيساهم في ترويع المواطن وأخضاع القانون لسلطة المليشات الحزبية التي تسيطر على المدن المعنية لبسط الأمن والنظام بوسائل بعيدة عن ثقافة الوطن العامة.

  • الولع المفرط من قادة الأحزاب على كراسي الحكم خلق حالة عامة أنعكست سلبا على قيادي وأعضاء هذه القوائم الفائزة للظفر بأكبر عدد ممكن بكراسي الحكم الأداري والبلدي وتقسيم الوزرارات  والبلديات فيما بينهم وبالتالي أدى الى سيطرة هذه القائمة دون غيرها على الوزارة  والبلديات مما جعل أحقية التوظيف والتعيين لمنتسيبها وأعضاءها أولا ومسك عصب كل الوظائف المهمة بيد هذه القائمة على حساب المواطن المستقل وبالتالي أصبح المواطن غير المنتمي الى القائمة الفائزة أقل حظا في الحصول على الوظائف المهمة بالبلد أي أن هذه الاتفاقات ولدت مناخات لمبد المفاضلة الحزبية في أغلب مفاصل الحياة الحكومية والأدارية. الأمر الذي سيلغي مبدء الكفاءة في فرص العمل.

  • أن مبدء الأنتخاب العلني الديمقراطي يتعارض مع مبدء المحاصصة والاتفاقات السرية بين القوائم. فالأنتخابات قامت على أساس تنفيذ البرامج الأنتخابية لعموم الوطن. ولذلك فمن المفترض أن تتشكل حكومة وطنية وفق استحقاق شرعي ثوابته عامة لجميع العراقيين وبعيدا عن المحاصصة الجزئية.

  نحن نطمح لحكومة يكون همها بناء الوطن ووفق أسس الدستور وسلطة القانون والغاء أشكال مظاهر العنف والقتل والأنتهاك لحرمة الوطن وضمان الحق المتساوي في العمل والضمان التعليم والرعاية.

 أن القوائم الفائزة يجب أن تسعى لتحيق برنامج وطني يلتف حوله كل أبناء العراق من شماله الى جنوبه ليضمن استمرار فوزهم في الأنتخابات القادمة وليس أقتصارهم على مدن محددة. 

فلاداعي لاتفاقات جزئية ومعاهدات سرية وبروتوكلات مجتزئة بعيدة عن الثوابت الوطنية. ومن يعتقد أن هذه الطريقة هي الاسلم لتشكيل الحكومة العراقية القادمة سيكون من الخاسرين في العراق القادم.

 العودة الى الصفحة الرئيسية

 

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع و النشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com