|
من مغالطات قيادات الحزب الشيوعي العراقي السابقة...!
محسن صابط الجيلاوي
أطلعت على مقالة الأستاذ كاظم حبيب ( خدام المستبد الخائب يفضح نهج حكم السوري إزاء لبنان ( ولا أريد أن أُحلل طبيعة النظام القائم في سوريا، فمعروفة طبيعة الأنظمة العقائدية في منطقتنا العربية والحكم في سوريا ليس استثناء في ذلك، ولكن ما يهمني كعراقي عشت فترة مهمة وعن قرب في شكل علاقة سوريا مع المعارضة العراقية مجتمعة أو مع الحزب الشيوعي تحديدا، فعندما تعرض الحزب الشيوعي إلى الهجوم القمعي نهاية السبعينات اضطرت أعداد كبيرة من كوادره وقياداته وقواعده الانتقال إلى سوريا ولبنان ومن هناك أستطاع ترتيب صفوفه وخصوصا في دعم الحركة الأنصارية المُشكلة حديثا من عدد من رفاق إقليم كوردستان بما يساهم في توسيعها وتطويرها عبر مدها بالسلاح والرجال ولم يجد الحزب الشيوعي بلدا يمكن أن يُسهل له هذه المهمة في سائر البلدان المحيطة في العراق سوى سوريا..فالقوى الكردية كان لها أمكانية المناورة مع إيران أما الحزب الشيوعي كإطار فكري وتنظيمي كان من الصعب عليه حتى إقامة علاقات عادية ومسالمة مع سائر الدول المحيطة بالعراق عدا دمشق..لهذا أستطاع الحزب بعد جهود كبيرة من إقامة أفضل العلاقات معها تكللت بافتتاح مقر وحظيت قيادته وزعيمه السابق ( عزيز محمد ) بلقاء القيادات السورية وعلى جميع المستويات بما فيها لقاءات متعددة مع الرئيس حافظ الأسد، وبهذا استطاع الحزب أن يحصل على الأشياء التالية:- 1- تسهيل عبور الرفاق من سوريا إلى لبنان وبموافقة المخابرات السورية لغرض التدريب في لبنان في معسكرات المنظمات الفلسطينية خصوصا معسكرات الجبهة الديمقراطية... 2- الحصول على عدد كبير من جوازات السفر العادية والدبلوماسية سهلت تحرك قيادات الحزب وعوائلهم وكذلك الكوادر من وإلى سوريا... 3- تم ربط منظمة القامشلي بعلاقة رسمية مع المخابرات السورية لغرض تسهيل عبور الرفاق والسلاح إلى كوردستان وكذلك استقبال الرفاق والبريد الحزبي منها...يمكن القول أن القامشلي كانت رئة الحركة الأنصارية... 4- الحصول على مقر ومساعدات مالية ووثائق أقامة لأعداد كبيرة من الشيوعيين العراقيين... 5- تم إدخال أول إذاعة عام 1982 إلى كوردستان بمساعدة المخابرات السورية.... 6- إعطاء حرية لإعلام الحزب فطريق الشعب والثقافة الجديدة ورسالة العراق توزع بشكل شبه علني ويجري دعم ذلك مادة وتحريرا وتوزيعا من سوريا... 7- استوعبت سوريا أعداد كبيرة من مثقفي الحزب في السكن والعمل في مؤسساتها الثقافية... 8- بعد الأنفال والتي انتقل فيها سائر الأنصار أما إلى تركيا أو إيران أو الاتحاد السوفيتي وحتى باكستان وبظروف غاية في الصعوبة لم يجد الحزب سوى المساعدة من سوريا لغرض تخليصهم من مخيمات اللاجئين في هذه البلدان عبر استقدامهم بدون وثائق سفر وساعدت سوريا بمؤسساتها في تسهيل انطلاق هؤلاء إلى بلدان اللجوء المختلفة... أذكر هذه الحقائق وأتحدى أي شيوعي أن ينكرها، للعلم كنا كقواعد ننتقد الارتباط ألمخابراتي مع سوريا أو غيرها ولكن من الصعب علينا أن ننسى مستوى الدعم ( سواء كان ذلك مشروعا أم لا ) من سوريا فقد قدمت للحزب الشيوعي ولسائر المعارضة العراقية مساعدات هائلة وعلى كافة الأصعدة وما صراخ البعض اليوم من أن الإرهاب ينطلق من سوريا ما هو إلا نتاج على أن ما حللته المعارضة ( السابقة ) بأجمعها لنفسها كشكل من التدخل في شؤون بلد آخر قد يكون ( مشروعا ) للقوى الجديدة المناوئة للحكم الجديد من مبدأ ( ليش حلال عليك وحرام علي ) أنها لعبة المصالح وتلك السياسة والعقلية التي لا تعرف شرفا أو ضميرا..! ما فاجئني هو ما كتبة كاظم حبيب والذي كان طيلة هذه الفترة المهمة من تاريخ الحزب الشيوعي أما عضو لجنه مركزية ولاحقا مكتب سياسي وكان عنصرا مؤثرا في القيادة وقريبا من سكرتيرها وقد عشت عدة سنوات على مقربة من قيادته وهي قيادة لا يمكن القول عنها إلا مغالية في إقصاء الآخر فتحت قيادته وقيادة عزيز محمد تم تجميد وطرد وتصفية الكثير من العناصر الشيوعية تصفية سياسية في الأغلب ووصلت إلى تصفية جسدية كما حدث في قاطع أربيل من سجن وتعذيب وتجريد من السلاح لعدد من الرفاق تُوجت بجريمة تصفية واستشهاد الرفيق منتصر...وأنا أثمن التحول نحو الديمقراطية في حياة كاظم حبيب وغيره لكن أن يقدم نفسه أحيانا على انه رجل ديمقراطي قديم وثاقب الرؤيا في قيادة الحزب الشيوعي السابقة فهذا مجاف للحقيقة وهذا ما يعرفه كل نصير عاش في كوردستان، لقد أراد أن يُحول أكثر من مئة رفيق إلى حمالين لتوزيع كتبه ( التطور اللراسمالي وغيرها ) وحول الإعلام المركزي إلى مكان لطباعتها وأتحداه أن ينشرها اليوم لأنها قدمت فرضيات اقتصادية مضحكة...أما ما جاء في مقالته بأنه( اطلعت عن قرب على الوضع السوري طيلة شهرين وتكونت لي صورة واضحة عن الوضع, ولم أجد مناسباً أن نبقى في ظل حكم دكتاتوري لنقاوم دكتاتورية أخرى ) وانه كرر ذلك مع عزيز محمد عام 84 بقوله ( حينها أنا مستعد أن أعمل من أجل أن أجد مواقع للحزب الشيوعي وكل الشيوعيين العراقيين في أوروبا الغربية, إضافة إلى دول أوروبا الشرقية ) وهذه الجمل تحمل مغالطات رهيبة فإذا كان صحيحا كونه يرفض النضال من نظام دكتاتوري فيا ترى هل كانت ألمانيا الديمقراطية السابقة ( وسائر المنظومة الاشتراكية ) دول ديمقراطية حقا فأين المصداقية إذن ؟ هل في السكوت وتسويق دكتاتورية لكونها تزق العسل ويكون ديمقراطيا في وصف دكتاتورية أخرى أما المغالطة الكبرى هي قوله (قلت له في حينها أنا مستعد أن أعمل من أجل أن أجد مواقع للحزب الشيوعي وكل الشيوعيين العراقيين في أوروبا الغربية, إضافة إلى دول أوروبا الشرقية, والسبب في مطالبتي كانت تتركز, وكما قلته للرفيق عزيز محمد في حينها, وهو ما يزال حي يرزق • إننا هربنا من دكتاتورية صدام فلا يجوز أن نعيش في دكتاتورية حافظ الأسد, إذ أن مصداقية نضالنا ضد الدكتاتورية في العراق ستكون فاقدة لمصداقيتها. ما أريد أن أقوله ان هذه القيادة كما هو شأن كل المشاركين في صنع قرار الأنظمة الفاسدة والأحزاب الفاسدة التي لا حرية فيها ولا ديمقراطية من خدام إلى كاظم حبيب إلى اراخاجدور إلى أحمد باني خيلاني إلى جاسم الحلوائي...نراهم يكتبوا اليوم وبغزارة مذكرات ومقالات ومواقف ( دنكوتشية ) ليوهموا الناس عن تأريخهم الديمقراطي وعن مواهبهم السياسية الرهيبة وأن كل ماضيهم هو ماض ينتصر للديمقراطية ولذلك السياسي الذي ( يلگفها وهي طايره ) ولكن أقول للأجيال الجديدة ولكل الناس أن هؤلاء هم من داسوا على رؤوسنا لهذا لا يمكن أبدا أن مبدأ ( أكتب...) حتى يصدقك الناس أن يمشي على ناس صقلتهم التجربة وعلى أجيال تعيش تلك الثورة العلمية الهائلة وكل تلك الحداثة والتطور في شتى المجالات ان تنطلي عليها ألاعيب تلك الطبقة السياسية ( المافوية ) حقا والتي خربت بلدا كاملا وبكل جدارة... أخيرا بودي أن أقول من حق كاظم حبيب وغيره التنكر لمعروف سوريا ( وخصوصا على صعيد هذه القيادة ) لكونها هي الوحيدة التي استفادت من هكذا علاقات في التنقل والسفر والاستجمام والراحة ومكانا عربيا جميلا لهم ولعوائلهم وعشائرهم ولكل ما يجعل حياتهم رغيدة وسهلة، لكن الاندماج بالضد من إرادة الشعب السوري الذي له وحده حق رسم خياراته السياسة بدون روح الهيمنة والتسلط والتدخل ستبقى أيضا حاجة عراقية فليس من مصلحة العراق الجديد خلق عداوات مع جيرانه وتوسيع دائرة الفوضى في المنطقة كما ترغب قوى دولية ولأهداف أصبحت معروفة..الضحية الكبرى في كل ما حدث ويحدث هو الشعوب المقهورة على تلك البقعة الجغرافية من هذا العالم وليس ذاك الإنسان الذي عاش برخاء في ألمانيا وغيرها عبر استخدام أيدلوجيا ميتة وبشكل مستقطع وبلا حق من عرق ودم المواطن البسيط المُغيب تحت عالم من الدكتاتوريات والأفكار التي يبدو وبشكل أكيد أن البشرية قد كنستها وإلى الأبد......!!
|
||||
© حقوق الطبع و النشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |