الشهر الحرام بالشهر الحرام وخلاف الفكر السلفي مع القرآن والسنة النبوية

 

وداد فاخر* / النمسا

هل هناك أية أوجه ترابط بين ما قاله عزوجل في محكم كتابه الكريم وما تلفظ به نبي الأمة من أقوال وما قام بها من تصرفات ضمن السنة المحمدية ، وبين ما يقوم به ويفعله الاسلامويين التكفيريين الجدد ؟؟ ، الجواب طبعا كلا . وللرجوع لبعض التصرفات والأفعال التي قام ويقوم بها دعاة ورجال الفكر السلفي التكفيري نلاحظ أن هناك بونا شاسعا بين ما جاء في الكتاب الكريم وسنة نبيه العظيم وبين أقوالهم وأفعالهم .

وقد عودنا منظرو الفكر التكفيري بسماع مفاهيم وأقوال لا تمت للدين الإسلامي بصلة تذكر ، ولا رابط إنساني ، أو أخلاقي بالعرف والتقاليد التي يجب أن تسير عليها الأمم المتحضرة .

وقراءة سريعة لبعض آيات القرآن الكريم تصيبنا بالعجب لما يقوم به التكفيريين من أفعال تخالف السنة والشريعة كاملة . ففي حجة الوداع وهي السنة التي توفي فيها رسول الله قال استنادا لما ورد في سورة التوبة ( فإن الله حرم عليكم دماءكم وأموالكم وأعراضكم كحرمة هذا في شهركم هذا ، في بلدكم هذا ) أخرجه ابن جوير وابن مردويه . بينما قال الله تعالى في سورة التوبة وهي سورة البراءة من الكافرين التي تميزت بكونها السورة الوحيدة بدون البسملة ( إن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهرا في كتاب الله يوم خلق السماوات والأرض منها أربعة حرم ذلك الدين القيم فلا تظلموا فيهن أنفسكم ) – الآية 36 - . والأشهر الحرم كما كانت منذ أيام الجاهلية هي أربع اشهر ( رجب وذي القعدة وذي الحجة ومحرم ) ، وقد جعلت العرب شهر ذي القعدة شهر القعود عن الحرب لكي تسير نحو موسم الحج بأمن وأمان ، فسمته بذي القعدة ، وذي الحجة حيث تؤدي مناسكها في موسم الحج وتقيم أسواقها كسوق عكاظ ، وتركت شهر محرم بغية رجوع الحجيج لديارهم . أما شهر رجب فقد جعلته وسط الحول لأجل زيارة البيت العتيق وقت العمرة ، وسارت عليه العرب بعد الإسلام . لا بل إن العرب أيام الجاهلية كانت توفر الملاذ الآمن حتى للحيوانات في الأشهر الحرم فحرمت الصيد فيه . لكن كعادة عرب الجاهلية فقد كان بدء خلو البيوت من سكانها الشباب خاصة في بداية شهر صفر حيث ينطلقون للسلب والنهب والغزوات التي نهى عنها الإسلام ، لذلك كانت العرب تتشاءم من شهر صفر لكثرة ما يراق فيه من دماء وترتكب فيه جرائم وتزهق أرواح بريئة . وقد قال رسول الله محاولا أن يبطل ذلك التشاؤم ( لا عدوى ولا طيرة ولا هامة ولا صفر ) .

لكن مفكري الجاهلية الأولى في عصرنا الحديث ، والذين قال عنهم الجليل في محكم كتابه الكريم ( قالت الإعراب آمنا قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا ولما يدخل الإيمان قلوبكم ) سورة الحجرات – الآية 14 - ، الذين تنطبق عليهم الآية الكريمة لا زالوا يطبقون هذا القول الكريم حرفيا في فهمهم للدين الحنيف الذي قال عنه رسول هذه الأمة ( خلاف أمتي رحمة ) وكان يقصد بتعدد الفرق الإسلامية ضمن الخلاف السياسي لا العقائدي ، حيث يفسرون الدين على هواهم مصرين على أن يكونوا كما وصفهم القرآن الكريم في سورة التوبة ( الأعراب اشد كفرا ونفاقا وأجدر أن لا يعلموا حدود ما انزل الله على رسوله والله عليكم حكيم ) – الآية 97 - . لذا فلا غرابة أن نرى قوى الشر من الإرهابيين التكفيريين تقطع الحدود والفلوات في سبيل التسلل من حدود الجار البعثي في سوريا العلمانية ، والتي تصفها أدبيات التكفيريين ( بالعلوية النصيرية الكافرة ) بغية قتل العراقيين والاعتداء على حرماتهم ومقدساتهم وأعراضهم باسم ( الجهاد الإسلامي ) ، ممنين النفس بجلسة سمر مع الحور العين في جنة صورتها لهم عقولهم السادية بعد اقتراف جرائمهم التي تعد من جرائم الابادة البشرية نظرا لكونها تدخل في باب التمييز العنصري والطائفي وتصنف ضمن جرائم التطهير العرقي .

وفاق التكفيريين من الاسلامويين حتى العرب في أيام جاهليتهم الذين احترموا الشهر الحرم وحرموا حتى قتل الطير وأعدائهم في الأشهر الحرم ، وهم هم أنفسهم الاسلامويين الجدد الذين ختمت على مؤخراتهم عبارة(Made inUSA ) من أيام ( جهادهم ) سوية مع رجال إدارة المخابرات الأمريكية C I A ) ) عند تحالفهم ( الشريف ) مع أمريكا في أفغانستان زمن ( الجهاد ) المشترك مع الصديق الأمريكي سابقا .

لذا فهجوم اليوم الإرهابي على مواطنين آمنين وفي باب مسجد من مساجد الله ، هو الحضرة الحسينية في كربلاء يسجل في عقول التكفيريين إنه غزوة من غزواتهم ( الخالدة ) في تاريخهم المليء بالجرائم والقتل العمد ، وفي شهر من اشهر الحرم هو ذي الحجة وعلى مؤمنين يقومون بطقوسهم الدينية العادية حيث يؤدون الزيارة ويختمونها بأداء الصلاة المعتادة عند كافة المسلمين في أرجاء المعمورة .

 آخر المطاف : من غريب أقوال وحكم أهل السلف أنهم يؤيدون ما ذهب إليه القائل ( إمام غشوم ولا فتنة تدوم ) ، ولذا قال ابن تيمية ( ولهذا كان المشهور من مذهب أهل السنة إنهم لا يرون الخروج على الأئمة وقتالهم بالسيف وإن كان فيهم ظلم ) . وهذا القول يفسر بوضوح التحالف البعثو – سلفي والذي سبب تدفق آلاف التكفيريين لأرض الرافدين لنجدة ( إمامهم ) صدام حسين .

 

* شروكي من بقايا القرامطة وحفدة ثورة الزنج

 العودة الى الصفحة الرئيسية

 

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع و النشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com