|
عندما يموت الرسام قابضا على فرشاته .. في وداع زياد حيدر حميد الهاشمي- هولندا ما معنى أن يموت الرسام في مرسمه وهو قابض على فرشاته؟ تراءى لي المشهد كموت الجندي في ساحة المعركة وهو قابض على سلاحه مجسدا إخلاصه لوطنه. أو كغرق ملاح في عرض البحر وهو قابض على مجدافه معبرا عن تحديه للبحر وجبروته. أو هو كموت فلاح في حقله ملتصقا بمعوله، كناية عن حبه لأرضه وارتباطه بها. احسب أنه كالمعبد للراهب وكهف الصوفي. فارقنا زياد حيدر دون وداع، وربما غير آسف ولا آبه. فقد ترك ما هو أهم منا، ترك العراق الذي أودعه كل ذكرياته وأسرار طفولته، العراق الذي بنى له مخيلة طرية كانت بمثابة النسغ الذي تغذت منه فرشاته. زياد حيدر، ورقت سقطت بموسم "خريف" تساقطت فيه الكثير من الأوراق العراقية، ففي ظرف عشرة أيام سقطت رموز ثقافية عراقية مبدعة ومن مختلف الأجيال والتخصصات (مؤيد نعمة- رسام، عباس جميل- موسيقار، مير بصري- كاتب ومؤرخ، بالإضافة إلى زياد). الفنان التشكيلي زياد حيدر، من مواليد 1954 - العمارة – العراق، خريج أكاديمية الفنون الجميلة- جامعة بغداد 1976. قال عنه الناقد العراقي عدنان حسين أحمد "تتميز تجربة الفنان زياد حيدر بالبحث في المناطق اللا مرئية من أعماق الإنسان، ففضلآ عن همه الوجودي نراه يغوص إلى أعماق الذاكرة , ويفتش في حجراتها عن نثار الذهب المتبقي , وما خلفته الحضارات العراقية المتعاقبة من درر الأفكار , وشظايا الأحاسيس الموخزة التي تستفيق في دواخلنا لتستحضر آلافا من السنوات دفعة واحدة , فيغدو الماضي البعيد راهنآ نتلمسه , ونراه , ونتذوق نكهته وطراوته , وتستشرف المستقبل البعيد وكأنه الحاضر الذي يتمرأى أراد أن ينقل تجربته وعوالمه إلى الانترنت من خلال حجز موقع شخصي له على شبكة الانترنت (لم يروج له رغم مضي أشهر على إطلاقه)، لكن تجربته لم تكتمل، ربما لكسله في هذا الجانب وانشغاله بهموم حرفته وهوايته المفضلة الرسم. زياد حيدر، كان رمزا للمثقف العضوي الملتزم، كان العراق قضيته ولم يزل حتى فارق. زياد حيدر في ذمة العراق الآن، في ذمة رفاقه وفي ذمة الفن التشكيلي الذي اخلص له ومات في معبده. موقع زياد حيدر على شبكة الانترنت: www.ziadhaider.nl
|
||||
© حقوق الطبع و النشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |