العراق إبتلعته المحاصصات ... الحج والحجاج نموذجاً

حروف عراقية

أمجد حامد

جامعة بغداد – كلية العلوم السياسية

مدينة الصدر المجاهدة

يكرس مبدأ المحاصصة لحل المشاكل المؤقتة والآنية التي تعصف  الدول والمجتمعات ، ولا يمكن إنكار الفوائد الوقتية ايضاً في الأخذ بها. وقد يعتقد البعض إنه الحل السحري وعصى موسى لإخراج العراق من المستنقع الذي هو فيه وهم لا يعلمون أنهم يدخلونه إلى أعمق نقطة بالمستنقع.

وأني لأعتقد أن تقنين مثل هكذا مشاريع سوف تقع تحت مصلحة الانتهازيين المنتفعين والجهلة والمغفلين، وستقصي أصحاب الكفاءات العلمية والخبرات والمفكرين ، وستصب في مصلحة أصحاب البدلات الراقية وأصحاب ربطات العنق وأصحاب العمائم الوهمية والمزيفة، وتضر بالفقير المسكين الكادح الذي أتعبته هموم الدنيا ومبتلياتها.

قد لا يعجب هذا الكلام المترفين وأصحاب البطون الكبيرة لأنه يخالف ما اعتادوا عليه من مديح وتملق وتصفيق وهز الرأس نحو الأعلى والأسفل وأيضاً الذين يملكون الأقلام فأنهم سخروها لخدمة تابعيهم مقابل بضعة دنانير وقليلاً من البارك الله بيك وأزيد من كثر الله من أمثالك لأنك تنفع الدين والمذهب والمجتمع!!.

متأكد إن مبدأ (المحاصصة) كرسه المعتوه بول بريمر وطبقه وصفق له أعضاء مجلس الحكم على اعتبار أنه أعطى كل ذي حق حقه، وهم لا يعلمون أنه بداية لتهديم العراق لا محال.

استمرت عمليات المحاصصات في حكومات مؤقتة وانتقالية انتهاءاً بهذه الحكومة المزمع تشكيلها تحت مختلف التسميات والشعارات فمنهم من يذهب إلى تشكيل حكومة وحدة وطنية وآخر يقترح بأن تكون توافقية وبعضهم يذهب أكثر من ذلك ويسميها حكومة أنفاذ وطنية، ولا نعلم في الأيام القليلة القادمة ماذا سيسمونها!.

وهذه هي صورة عراق اليوم وهذا هو المشروع الذي تسعى الولايات الأمريكية المتحدة تكريسه في العراق والمنطقة وهذا ما تطبل له الأحزاب والحركات التي انتفخت بطونها من أموال الفقراء وسرقاتهم لقوته.

هذا الشعب الذي لازال يصدق شعاراتهم المنمقة بالطائفية المقيتة الذي تسعى لفرضه قناة الفرات والشرقية .

لا تتعجب أخي القارئ ما حصل لهذا الشعب فعندما تعلم إن الوزارة (س) للحزب الفلاني حصراً فعند دخولك لها ستشاهد يافطة كبيرة مكتوب عليها لا يسمح بالدخول إلا للحزب (....) هكذا بدا حال العراق ويضل المسكين هذا الفقير الذي لا يعلم إلى أين يتجه ويفر وأين يلتجأ فلا حول له ولا قوة إلى بالله.

أكررها مرة أخرى قد لا يقنع هذا الكلام الانتهازيين وأصحاب المصالح وهذا لا يعنيني، وقد يقبله عقل الفقير الكادح وهذا الذي أبغيه، إن بعض المتعصبين لا يقبلون بكلامِ يخالف لون عقلهم أو يزعجهم  فلا يهمهم أن اغتالوا قلماً هنا وآخر هناك ، والبلهاء لا يدركون أن العراق منبعاً لرافضي الظلم والهوان ويجهلون أن جيوش من الأقلام ستقف للمتعصبين والانتهازيين والمترفين بالمرصاد.

لعلي أضرب مثلاً للمحاصصة وقد لا يختلف عاقلين عليه، أريد أن أبين إلى أين وصلت المحاصصة ، أنظر وصلت إلى عبادة الله هذا الذي لا تنفعها كل ما يعمله الإنسان إلى إذا كانت نيته خالصة. وما ندري قد يضنون أن الجنة والنار هي أيضاً محاصصة وقد تقسم الجنة على أساس التوافق (والعياذ بالله).

لا أعرف مدى الشرعية الدينية للمحاصصة في الوصول إلى بيت الله (عز وجل) ولكنني متيقن بل متأكد أن هذا المبدأ قد حصل حتى بالحج! إذا فماذا تفسرون لي ذهاب الزعيم زيد والعالم والوزير عمر .... للحج ونحن نعلم أن القرعة هو النظام الذي عمل فيه لاختيار الحجاج، يا الله .. ما هذه الكارثة التي حلت بنا وإلى أي مطاف سيلقى بنا فحتى العبادة الروحية التي وكما أعتقد بين العبد وخالقه أشركت بها (الواسطة) والمحسوبية والمنسوبية ، وأتساءل مع نفسي أين الخطب الرنانة التي يتمشدق بها البعض ويحشو دماغك لأكثر من ساعتين من المثالية والمساواة ورد الحيف والظلم، وفي النهاية تجده في بيت الله بواسطة. وأعتقد إن البعض قد غضب من الكلمات ولا عجب فهم يريدون أن يبقى الضعيف والفقير تابعاً لهم فالمتعصب دائما لا تعجبه الحقيقة فقد ورث آرائه عن غير عقل وتفكير وقدس وأله على أساسها، وعجبا حيث ألقيت نظرة على أسماء الحجاج ولم أرَ فيها سوى أصحاب المناصب والمرتفعين اجتماعيا ودينياً وبعض من الذي دفعوا مبالغ مالية ،أما العجوز المسكينة التي لم يظهر اسمها بين القوائم فليس لديها سوى البكاء.

لا أريد أن اسرد مقالة مثالية، لكن أصابتني الدهشة والفزع لمستويات التفكير عند القادة (لا أستثني أحداً) وأنني أقول لهم هل تصنفون أنفسكم أناس من الدرجة الأولى والفقير الذي لا يجد واسطة من الدرجة الثانية، ألم يكن الأولى أن تقدموا الناس على أنفسكم أو على الأقل أن تتساووا معهم أم أنكم نسيتم كيف كان رسول الرحمة محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) وكيف كان على وفاطمة والأئمة الأطهار (عليهم السلام) وكيف كان عمر وأبو بكر، هل كانت تسود بينهم المحاصصات أم كان الإسلام عندهم لا يجد فرقاً بين عبد أسود وآخر أبيض، عجبي من أين أتيتم بهذا الدين.

لا يسعني في نهاية المقال سوى دعوتي للذين لم يذهبوا إلى بيت الله أن يكتب لهم حجة كاملة لأنهم نووا وكما قال تعالى : "لا يكلف الله نفساً إلا وسعها" وإن الأعمال بالنيات وليست بالواسطات، وأقول إن لم تستحٍ أيها الحاج (بالواسطة) فأفعل ما شئت.

 

العودة الى الصفحة الرئيسية

 

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع و النشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com