|
لوشُكلت حكومة الوحدة الوطنية لهلّ العيد الأضحى علينا بعيدين الدكتور لميس كاظم عاد العيد من جديد مشرقا وعاد الأفراح تملأ بيوت العالم الأسلأمي وعادت ليالي السهر والمسرات تبهج كل بيوت المسلمين، وعادت الأطراح تثقل بظلالها على بيوت العراقيين، إذ غدت حزينة، متكدرة، منقوصة الفرحة، لابسة حلة العيد في أبهى حداده الوطني. فبالأمس كانوا هنا أهلنا، في كربلاء والرمادي وبغداد وبعقوبة والحلة والموصل وأربيل، واليوم قد رحلوا عنا بدون سبب. بأي حال عدت يا عيدُ، وبأي عزاء يستقبل أهل العراق العيد ولازالت دماء الأبرياء لم تجف من الشوارع وراوئح الشهداء تعبق في كل زقاق. بأي حال عدت يا عيدُ وأبناء العراق يتساقطون بلا ثمن، بلا شفقة، بلا انسانية، بلا سبب، بل لمجرد أنهم قالوا نعم لوحدة العراق ولا وألف لا لكل من يحاول أن يسرق المحبة والألفة من قلوب العراقيين. بأي حال عدت يا عيدُ وقادة العراق لازالوا متخاصمين سرا ومتصالحين علنا، متفقين في الهدف الوطني ومختلفين في تشكيل مجلس الأئمة. فكل طرف يحاول ان يمط مفهوم الوطنية لصوبه ليوسع صلاحياته وعندئذ لن يسمح لأي من كان أن يتجاوز على ثوابت أفكاره الأساسية الذي يعتقد انها فقط صائبة وليذهب بقية الفرقاء الى حيثما شاءوا وكيفما رغبوا، بعيداً عن مدنه وسلطته وديمقراطيته التي يفصلها حسبما يشاء. كانت حلة العيد تبدوا أجمل وأبهى فيما لو أتفق فرسان العراق على حكومة الوحدة الوطنية قلباً ولسانًا وفعلاً وهدفاً وبدون شروط تعجيزية. فالكل يريد تشكيل حكومة الوحدة الوطنية ولكن هناك من يحاول أن يُفصّل الوطن حسب منطلقاته ويضع خطوط حمراء وصفراء فوق الوطنية لئلا يسمحوا للمسبحة العراق الوطنية أن يكتمل عقدها ويزهي شكلها الفريد،الموحد، وهم يعوفون جيدا أنهم بالأمس القريب كانوا جميعا رفاق درب متصالحين، متفقين، وقاتلوا وأمتزجت دماءهم في خندق مشترك ضد الصنم. فمنهم من يبغي حكومة شرعية ومنهم من يبغي حكومة الوحدة الوطنية لكن بلون بنفسجي مانعين الألوان الأخرى أن تمتزج معهم لئلا يسمحوا لرفاقهم أن يدخلوا أفواجا موحدة في مجلس الأمة لأغتنام حقائب الوطن الوزارية، وهم يعرفون جيدا، أن العراق لا يبنى بغير الوحدة الوطنية الحقيقة. كان العيد أبو هلالين قد اكتمل شكله وهلّ بدره منوراً على بيوت العراقيين فيما لو تشكلت هذه الحكومة بألوان قوس قزح الطيف الوطني، لكن قادتنا لازالو يتصارعون على الحقائب السيادية بالوقت الذي هرب الوطن من بين طاولة المفاوضات تاركا لهم الحقائب والثروة، خائفا على مفهومه من الانسلاخ وهو يبكي بعيدا عنهم على أبناءه الابرار وتربته المدنسة، حاملا أمتعته الى نفق مجهول المعالم. جاء العيد محبطا لأمال الناخب العراقي الذي صوت لمرشحه وكان ينتظر منه ان يفرحه بعيدية، ليست نقدية كما فعلت الحكومة الحالية، وإنما بعيدية وطنية ترسخ الأمن الاستقرار والتاخي والسلام الأجتماعي. جاء العيد صامتاً والناخب مندهشاً لا يعرف لمن ذهبت اصواته ولمَ هذا الأفتراق الديمقراطي والتقاطع المفتعل والتطاحن غير المبرر بين أبناء دجلة والفرات ولمَ لم يتشكل مجلس الائمة لحد اليوم وقد أنتهى أستحقاقه الشرعي. وكم كان الناخب فرحاً وهو يستهل العيد بحكومة الوحدة الوطنية بمفهوما الجديد وفي موعدها المقرر، ولو تحقق ذلك لأصبحت أول حكومة شرعية منتخبة في العالم تتشكل في أيام أعياد رأس السنة الميلادية... ولو هلت بحلتها الأحتفالية لأفرحت أبناء الرافدين وكان العيد سيشرق بوجوه العراقيين ويحتفل به جميعا ويغني الجميع * لو تهّل الحكومة الوطنية يصير العيد بعيدين * ولو تسارعت همم قادة العراق وتناسوا حصصهم الدسمة وشكلوا حكومتهم الوطنية في خضم فرحة عيد الأضحى المبارك لباركهم الرب أولا والشعب ثانيا وأصبحت من الحكومات المباركة التي هلت في يوم مبجل ودخلت في تأريخ العراق الحاضر والمستقبل وسميت حكومة العيد التي سيخلد ذكراها كل عراقي. لكن هكذا حال العراق فهو الشعب الوحيد الذي يستقبل العيد بملابس سوداء وتأتي الفرحة دائما حزينة ومتأخرة ولن تستكمل بدون ثمن باهض. جاء العيد مسرعاً والمواطن العراقي محبطاً من الهرقطات السياسية العقيمة، قابعاً في يبيته ينتظر قريب الفرج من أصحاب الجاه ليصلحوا قادة العراق الى درب الصواب الخالي من الحروب والأحتراب، خالي من المهاترات السياسية العقيمة التي زكمت أنوف الناخبين. رفقا يا قادة العراق الجدد بحكومكتم الوطنية القادمة، سموها مثلما ما تهتفون، شكلوها مثلما تتلونون، حاصصوها مثلما تفترقون، اخلطوها ملثما تنظرون، فهذا زمن العولمة يستبيح كل المفاهيم بأسم الوطن. رفقا يا قادة العراق بوطنكم الذي ظل ينزف مغتصبا طول القرن الماضي ويخبأ أبناءه وثروته في بطون ترابه خوفا من أن يسرقه كل الطامعين والغرباء. رفقا يا قادة العراق بناخبيكم فهم منحوكم الحكم والجاه...السلطة والمال...والخيرات والثروات...الاثار والتراث. ولم يطلبوا منكم سوى الأمن والأستقرار وراحة البال. فكله زائل إلا وجه الغريب فسيبقى جاثم على سلطتكم.
|
||||
© حقوق الطبع و النشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |