|
سُنة العراق: اقْتل و تحدث د. أديب طالب* إن الغزل بين شيعة العراق و شيعة إيران ليس في مصلحة السنة عموما ً و لو كان تكتيكيا ً. أما إذا كان استراتيجيا ً فهو ليس في مصلحة العراق الكامل و ليس في مصلحة شعوب الشرق الأوسط. في العراق مشروع لدولة ديمقراطية حديثة تسود فيها شرعة حقوق الإنسان و تحت سقف الشرعية الدولية، و يدفع العراقيون كلهم ثمنها من دمائهم و ثرواتهم، و في إيران قائد ديني ساذج جدا ً سياسيا ً، و ضحل و فاشل في إطار الخبرة و التجارب و بالذات حينما يحيط به النور الباهر و هو يهدد الأمم كما يرى أتباعه من المهووسين بالأوهام. يقول عباس ميلاني الخبير في الشؤون الإيرانية في جامعة ستانفورد: "إن التعامل مع نظام أحمدي نجاد هو كما لعبة الشطرنج مع قرد فيمكنك أن تخطط لتحركاتك ال 18 القادمة و لكن القرد يمكن أن ينتزع الملك من أمامك و يأكله و هذا يعني أن لا أحد يفوز في اللعبة. إذا ً في إيران دولة ثيوقراطية و قائد ديني متشدد للغاية، دولة أصولية حتى العظم تعفنت فيها بذور الإصلاح و تسطحت القيم و الهياكل الديمقراطية لدرجة السخرية. الفرق بين الدولتين شديد الوضوح و شديد التناقض و الغزل خراب في الضفة العراقية و أوراق رابحة في جيوب الملالي. و إذا بقي السنة الهواء الذي يتنفسه المتمردون و الماء الذي يشربون فإن شيعة العراق مجبرون على رفع وتيرة ذلك الغزل و قد فعلها الربيعي في زياراته المتكررة الشبه سرية لإيران. و لن يبق الغزل الشيعي العراقي الإيراني غزلا ً و قد يصبح زواجا ً سريا ً يلد فدرالية شيعية لن تبق للسنة إلا أن يأكلوا مما تنبت الأرض في مثلثهم و ما يجود النهر به من سمك و هذا يعني العودة ألفي عام إلى الوراء. و يبقى الذهب الأسود للشمال و الجنوب أما الوسط فله رحمة الله. و لن ينفع السنة ما بقي من عشرات الآلاف من أطنان الأسلحة و الذخيرة التي سيطر عليها التمرد البعثي العبثي و القاتل السادي الزرقاوي بفعل غباء اليانكي القادم المحتل عبر المحيطات. الحروب الأهلية لا تستمر و لا تُربح بالسمك و البلح، و لا بالعتاد القاتل الآخذ بالنفاذ و لا بالمال العراقي المسروق و البادي أنه يقل شيئا ً فشيئا ً و سوف تتناقص بالتأكيد أعداد شباب السنة الساخطين العاطلين عن العمل المجذوبين إلى القتل بحجة المجد و الفخار و المال إن توفر حكومة بمشاركة جميع المجتمعات العراقية يترك "المقاومة" ضدها دون غطاء شرعي. إن الاحتلال هنا لا يعطي للتمرد مشروعيته و ليس الاحتلال سببا ً للمقاومة. الصراع طائفي بهدف حيازة السلطة و الثروة و الحكم بين مختلف الطوائف و الأعراق في العراق. لقد كان للسنة العرب موقع مميز في ظل حكم صدام و من الجنون أن يحلموا بعودتهم إلى ذلك الموقع و لو قاتلوا مئة عام فصدام ينتظر الإعدام و الزرقاوي سيؤسر أو يقتل على يد السنة و إن عام 2006 سيشهد الانتقال نحو السيادة الكاملة للعراق و إن الحكومة العراقية ستنجح في فصل السنة عن المتطرفين. يقول سفير أمريكا في العراق زلماي خليل زادة: "إنما يحدث للمرة الأولى منذ التحرير هو كفاح حقيقي في المجتمع السني بين أولئك الذين يريدون المشاركة في العملية السياسية الديمقراطية و أولئك الذين يريدون إطالة أمل التمرد إن فشلنا ليس بخيار أبدا ُ" إذا ً أعداء العراق يطيلون أمد التمرد، التمرد الوطني إلى الجحيم لا نهاية له غير ذلك من حقه الفشل و الفشل حقه الوحيد فأي مصلحة لجموع السنة العرب في التحالف مع الفاشلين؟ إنما يهدره التمرد من دم العراقيين و أموالهم هو ما يُعَمِّره بل يبقيه على الخريطة البشرية. ليس الاحتلال من يقتل العراقيين بالجملة و ليس الاحتلال من يحرق نفطهم و يقطع كهرباءهم و يسمم ماءهم إنه..... التمرد البعثي العبثي و الزرقاوي القاتل. قال القاضي الفرنسي في محاربة الإرهاب جان لويس بروجوير لهيئة الإذاعة البريطانية: "إن العراق عبارة عن ثقب أسود يمتص كل العناصر المتطرفة في أوروبا و نحن نقول: إن الزرقاوي يجلس في منتصف ذلك الثقب حيث يحقق نجاحا ً راهنا ً من خلال خليط من الهجمات الانتحارية الوقحة و التسجيلات الدعائية الوحشية متحالفا ً مع قتلة الماضي و الحاضر من أعوان صدام. و قال أبو زابية الله أحمد و هو من مسؤولي طالبان الرئيسيين: "إن العراق هو المكان الذي تدور فيه المواجهات الشرسة حيث نجند و نرسل المقاتلين و حيث ترتفع روح المجاهدين المعنوية" و يقول بريان جينكينس و هو خبير إرهاب في مؤسسة راند: "إن العراق هو المستورد الرئيسي للإرهابيين، و لكنه أصبح على وشك أن يكون المُصدِر الرئيسي" و نحن نقول لسنة العراق: لماذا تخوضون حروبا ً بالوكالة عن إرهابيي العالم و العراق يدفع الثمن و القتلة هم الرابحون و أنتم الخاسرون دائما ً. هل الاحتلال هو السبب؟ إذا كان كذلك فهو باق حتى قيام جيش عراقي قوي جدير بالدفاع عن الديمقراطية و الحرية و البناء أنتم لا تقاتلون الاحتلال! أنتم تقتلون أنفسكم و تنتحرون مجانا ً و الإرهاب الدولي يقبض الثمن أنتم تدمرون العراق و تصرخون بل جدوى فلن تقوم للخلافة الإسلامية دولة في العراق و لن يعود صدام إلى قصوره فكفى أحلاما ً مستحيلة و كفانا دماء. الدولة العراقية الديمقراطية قادمة و إقبال المثلث السني على انتخابات 15 ديسمبر مؤشر هام للغاية. يقول مطلب أمرك الفلاح السني البالغ 62 عاما ً و الذي كان واحدا ً من أوائل المبكرين للتوجه إلى مركز التصويت في الفلوجة: "لو تخاذلنا بالتصويت لابتلينا بهم – أي الشيعة – لأربع سنوات قادمة و لا أحد هنا سيفعل ذلك" أحمد دريد سني من حي الأعظمية ببغداد و هو من معاقل التمرد قال: "لم نشارك و استولى الآخرون على السلطة وحدهم و هذه هي النتيجة" و قال قادة الفلوجة: "إن كسب 70 إلى 75 في برلمان مقاعده 275 سيترجم إلى مكاسب حقيقية للأغلبية السنية المهمشة و المغلوب على أمرها" يقول أبو البراء 35 عاما ،ً و هو يقاتل في الجيش الإسلامي في الفلوجة: "سوف نشارك و قد دعونا كل كتائبنا في محافظة الأنبار و بقية العراق ليشاركوا" ثلاثة أقوال و مشاركون سنة بالملايين في انتخابات 15 ديسمبر أي في العملية السياسية الديمقراطية العراقية و ذلك رغم أن الزرقاوي قتل في الأشهر الستة الماضية 6 من زعماء الاعتدال السني و قام باغتيال إياد العزي و هو عالم مبجل و مرشح للجمعية الوطنية بإطلاق النار عليه بعد دقائق من إلقائه خطابا ً معتدلا ً لأعضاء رفيعي المستوى في إحدى القبائل السنية و كان ذلك في الأسبوع الأول من ديسمبر. لقد اعتاش التمرد على نقص الوظائف و رفع الرواتب و التنمية الضئيلة في المناطق السنية و هي مشاكل تسنطيع كتلة سياسية سنية جديدة المساهمة في حلها. يقول قادة الولايات المتحدة العسكريون: "إن التمرد قد يستخدم عملية التصويت بسخرية مزاوجا ً بين تكتيكات حرب العصابات المسلحة و الإجراءات السياسية الماهرة" و يقول الجنرال جورج كيسي: "إن التمرد يتبع استراتيجية من شقين تحدث و قاتل" إن سياسية اقتل و تحدث و التي مارسها التمرد مع انتخابات 15 ديسمبر و بعدها تديم التمرد و تعاكس بعضها بعضا ً و لاتنفع إلا أعداء العراق من الإرهابيين العالميين و تعيق العملية السياسية و تعيق خروج الاحتلال من العراق إنها سياسة تنفق للوفاق العراقي في اللحظة التي تطعنه بها في الصدر و في الظهر. توجه الشيعة و الأكراد و التركمان إلى 15 ديسمبر بملابس العرس و توجه السنة بملابسهم العادية. إن حكومة عراقية متوافقة بصدق مع المجتمعات العراقية ستجعل من اختلاف ملابس العراقيين علامة لحرية المستقبل علامة لعراق الغد المأمول و الاختلاف صحة و عافية و سلام و بناء ما دام العراق واحدا ً و ديمقراطيا ً. و أخيرا ً عودة إلى الغزل إذا كان الغزل الشيعي العراقي الإيراني لا يصب في مصلحة سنة العراق لأنه ينتج حكومة شيعية دينية متشددة فإن تحالف السنة مع الزرقاوي و أعوان صدام أكثر ضررا ً من ذلك الغزل لأن هذا التحالف الأخير لن ينتج إلا بحثا ً عن دولة سنية متشددة تحت مسمى الدولة الإٌسلامية أو الخلافة الإسلامية أو دولة الله أكبر الصدامية و هذا افتراض في قلب الوهم و الأهلاس المجنونة. إن التحالف بين السنة و الشيعة و الأكراد و العلمانيين أمر أساسي في مواجهة قيام دولة ثيوقراطية دينية شيعية أو سنية عدوة للديمقراطية و صديقة للإرهاب و صديقة لدولة أحمدي نجاد الدكتاتورية بامتياز.
* كاتب سوري.. سني، عربي، شامي، من الشاغور
|
||||
© حقوق الطبع و النشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |