|
من واجبات الحكومة المنتخبة المقبلة
المهندس صارم الفيلي يتحلى البعض بصفات الألتزام والخوف على مصير ألأهل والوطن وهو يمر هذه الأيام بأصعب الظروف منذ سقوط الجرذ وألأسباب في بعضها تكمن في الأرادات المضادة التي تكلمنا عنها كثيرا , من بعث صداميين وسلفيين وجدوا في نتائج الأنتخابات خيبة كبيرة لهم في أمكانية أعادة مجدهم المورث في خط التاريخ المنحرف وملكهم المفقود الذي بني على جماجم شيعة المعصومين (ع) . لذلك ايماننا بقدرة المحرومين من أهلنا لتولي زمام أمرهم , والنهوض بمسؤولية قرارهم أذا تجاوزوا بعض السلبيات هنا وهناك يدفعنا بين الحين والآخر الى توجيه بعض الأنتقاد لبعض المواقع التنفيذية لا من موقع الترف الفكري واستعراضا للذات , بأمتلاكها ثقافة تضيق هنا وتتسع هناك . بل أيمانا منا بدور كل العراقيين , وحسب أمكانياتهم للنهوض بهذا الواقع المؤلم الى أقصى الحدود . أكتب هذه السطور بعد أطلاعنا الى تقرير وزارة التخطيط العراقية الذي يؤشر الى تفاقم حالة التضخم لتصل الى 33% , بسبب غياب برنامج حكومي جدي لمعالجة أرتفاع الأسعار وأنخفاض القدرة الشرائية للدينار العراقي , وأنخفاض قيمته بشكل ملحوظ وللمرة الأولى أمام الدولار الأميركي , لتنذر بانخفاضات أخرى تؤثر سلبا على المستوى المعيشي , المتدهور أصلا , للمواطن العراقي في ظل أرتفاع نسبة البطالة 70%. كل ذلك يحدث بشكل متزامن مع تدهور خطير في الخدمات وسرقة منظمة لأموال المستضعفين وأمن مفقود بسبب السياسات الخاطئة للأحتلال الأميركي في عدم أطلاقها ليد الأجهزة الأمنية كي تؤدي دورها المطلوب , ومنع هذه الأجهزة من صلاحياتها الأستخباراتية . تمهيدا لتوليد حالة أحباط شاملة لدى المواطن بجدوى العملية السياسية التي من المفترض لها أن تقوم في الأساس على قاعدة الأستحقاق الأنتخابي . ثم علينا أيضا تنبيه بعضنا البعض من الوقوع في الغفلة الناتجة عن الوصول لبعض مواقع الحكم وأخذ بزمام بعض المسؤوليات بأن ينسى الشخص نفسه وكأن وصولة للموقع هو الغاية , معه قد تزال وبشكل تلقائي كل النواقص لتعود الأوضاع الى مجاريها الطبيعية إإ . لذلك يذكِّر الأمام علي (ع) مالكاً بالماضي القريب " والذي كان يوجّه فيه انتقاداته بهدف الحيلولة دون نسيان الذات والتي تقود بالتالي ألى العجب والاغترار بالنفس , فيخاطبه (ع) قائلاً:«ثُمَّ اعْلَمْ يَا مَالِكُ أَنِّي قَدْ وَجَّهْتُكَ إِلَى بِلاد قَدْ جَرَتْ عَلَيْهَا دُوَلٌ قَبْلَكَ ، مِنْ عَدْل وَجَوْر ، وَأَنَّ النَّاسَ يَنْظُرُونَ مِنْ أُمُورِكَ فِي مِثْلِ مَا كُنْتَ تَنْظُرُ فِيهِ مِنْ أُمُورِ الْوُلاةِ قَبْلَكَ ، وَيَقُولُونَ فِيكَ مَا كُنْتَ تَقُولُ فِيهِمْ " . وهنا نتساءل لو أخذ المسؤولون هذه الوصية بنظر الاعتبار وحاسبوا أنفسهم بينهم و بين الله , دون تحكيم أهوائهم وأراداتهم وقبل أن تنظر الاُمة في أعمالهم وتصرفاتهم فهل تبقى هنالك من مصاعب ومطبات في هذه المسيرة؟ لينبه (ع) واليه الى ان مهمة الحكم هي أرساء قواعد الحق وبسط العدل وضمان أمن ورفاهية الشعب . «ولْيَكُن أَحَبُّ الأُمورِ إليكَ أَوسَطَها في الحقِّ ، وأَعَمَّها في العدل ، وأَجمَعَها لرضى الرعية ، فإنَّ سُخْطَ العامّةِ يُجحِفُ برضى الخاصّة ، وإنّ سُخْطَ الخاصّةِ يُغتَفَرُ مع رضى العامّة» . هناك نقطة، وهي أن مسألة العدل ليس فيها أي طبقية , وليس فيها أي دخل لنوعية العلاقات بينك وبين الأنسان الذي تريد أن تعدل معه, حتى أن العدل لا يفرق فيه بين المؤمن والكافر, فيجب عليك أن تعدل مع الكافر حتى ضد المؤمن الظالم, ولا فرق فيه بين القريب والبعيد, فعليك أن تعدل مع البعيد ضد القريب أذا كان الحق له, ولا فرق بين الصديق والعدو فعليك أن تجري العدل مع عدوك أذا كان الحق له, فليس هناك عاطفة في العدل, لا عاطفة مضادة كما في موقف الإنسان مع أعدائه, ولا عاطفة موافقة كما في عدل الأنسان مع أقربائه, وقد أكد القرآن الكريم هذه المسألة في أكثر من آية. ثم اننا هنا لا نستغرق في المثالية . بل نأخذ جميع زوايا المسألة موضوعة البحث والأمكانيات المتاحة والأرادات المعيقة دون الأستسلام لها بل العمل الجدي , وربما المرحلي لقويضها وتفكيك شرورها . المهم هو الأتجاه والطريق . هل هو صحيح . أم مجانب للصحة والصواب؟ دون ان يمنع هذا الواقع الحاكم والمسؤول من مراعاة ما يقرب من الحق بأستمرار . بعيدا عن التهرب من المسؤولية بذريعة الظروف والأرادات السلبية . أوسطها في الحق هنا تعني أخذ الواقع الآني بنظر الأعتبار , دون التسليم بهذا والا الأبتعاد عن موقع ومسؤولية الدفاع عن المستضعفين يكون أولى , ليترك ذلك لمن هو أقدر وأكثر خبر وأصلب في المواجهة . هنا تحذير مبطن من خبرة التجربة الواقعية التي تتحرك فيها المصالح والأَهواء والشهوات الذاتية, لتعبِّر عن نفسها في الضغوط العملية التي تضغط على المواقف القيادية وتنحرف بالكثير من المواقع الأيمانية عن الاتجاه الصحيح, وفي الاهتزازات الحركية التي تمنع الإنسان عن الثبات والتوازن والاستقامة في علاقاته وشؤونه وأوضاعه, وفي التخطيط المعقَّد الذي يخطط للمشاريع العامة والخاصة في دائرة العقد النفسية المنطلقة من الارتباكات الداخلية والخارجية المحيطة به. نحن نجد في الكثير من الأحيان تقتيرا بمختلف الذرائع عندما يكون الأمر متعلقا بألأغلبية المحرومة , وبذخا وأسرافا يتجاوز حتى حدود ما هو موجود في أغنى دول العالم , عندما يتعلق بالخاصة , الطبقة السياسية المقربة . هذا يتناقض مع توصيات أمامنا علي(ع) عندما يقول: «وَلَيْسَ أَحَدٌ مِنَ الرَّعِيَّةِ أَثْقَلَ عَلَى الْوَالِي مَؤُونَةً فِي الرَّخَاءِ ، وَأَقَلَّ مَعُونَةً لَهُ فِي الْبَلاءِ ، وَأَكْرَهَ لِلإِنْصَافِ ، وَأَسْأَلَ بِالإِلْحَافِ ، وَأَقَلَّ شُكْراً عِنْدَ الإِعْطَاءِ ، وَأَبْطَأَ عُذْراً عِنْدَ الْمَنْعِ ، وَأَضْعَفَ صَبْراً عِنْدَ مُلِمَّاتِ الدَّهْرِ مِنْ أَهْلِ الْخَاصَّةِ» . يريد عليه السلام بهذا أن رضى العامة , عامة الناس , هو الملاك الرئيسي في حركة الحاكم بعد أحقاق الحق وبسط العدل . لأن الصفة الرئيسية التي يتميز بها عامة الناس ومستضعفوا المجتمع هي أنهم يكتفون دائماً بالمقدار المتواضع من المأكل والمشرب والملبس وسائر متطلبات الحياة ويواصلون مسيرتهم بالقناعة والرضى بالقليل , ومن هنا فهم لن يثقلوا كاهل الحكومة أبداً . بينما يطالعنا مترفوا المجتمع بما هم عليه من مظاهر البذخ والترف الذين يثقلون كاهل الحاكم كلّ يوم بما يمارسون من ضغوط , وربما سرقة الملايين كما فعل بعض الوزراء السابقين المشوهين أخلاقيا لتحقيق رغباتهم الشيطانية على حساب الغالبية المحرومة ، وبالمقابل أذا ما عمّ البلاء ونشبت الحروب وسائر الخطوب , ولّوا ظهورهم وتركوا المستضعفين لوحدهم في الساحة, وهنا يندفع المستضعفون ليضحوا بالغالي والنفيس , مستندين في ذلك إلى صبرهم وصمودهم وقناعتهم . أن من حقوق الأغلبية المستضعفة على الحاكم هو الأمن وألأمان بأخذ القصاص من الذين حولوا حياة العراقيين الى جحيم يتحرك مع الزمن . وذلك بأخذ القصاص العادل والفوري منهم (وَلَكُمْ فِى الْقِصاصِ حَياةٌ يا أُولِى اْلأَلْبابِ) . نعم أنها الوسيلة الوحيدة لحفظ الحياة الأنسانية وصونها من الأقتتال . دون أخذ بعين الأعتبار ما تتحدث به قوات الأحتلال بضرورة حماية " حقوق المجرمين " . لأن السؤال الذي يطرح نفسه هنا . ماهذه الحقوق التي يتحدث عنها هؤلاء؟ ومَن هو الأنسان المعني بهذه الحقوق؟ فهل يستحق أسم أنسان من يشهر سلاحه في وضح النهار ليفتك بالأطفال والشيوخ ويحرق الأخضر واليابس؟ وهل هناك من حقوق لمن يزرع القنابل في الأزقّة والأسواق والطرقات ويفجر الحياة كلها في عراقنا الجريح؟ هل نعتبر من يتعاون مع الأرهابيين ليلا ويهاجم شرفاء العراق نهارا ويحلم بعودة البعث , أنسانا ؟ أو مَن يقوم بهذه الجرائم البشعة والجنايات القذرة ، أنساناً ، ولو اعتبرناه أنساناً ذا حقوق فما بالك بحقوق أولئك الأفراد الذين يمزق أجسادهم بقنابل غدره؟ فأذا كان الاقتصاص من القاتل الذي يؤدي بحياة العشرات من الأبرياء وتطهير المجتمع من دنسه يعد عملاً وحشياً وغير أنساني ، فهل من تبرير وتوجيه لقتل الأطفال والنساء والشيوخ الذين لا يعرفون حتى قاتلهم وهدفه من ذلك القتل؟ أليست هذه الأفعال الشنيعة والجرائم البشعة تتناقض والأنسانية؟ أفلا يتمتع ضحايا هؤلاء المجرمين بقيمة وحقوق أنسانية معتبرة , وليست هناك من حقوق سوى لذلك القاتل قرتها له الدول الكبرى؟ وهل للحكومة العراقية أن تستجيب لهذه الحقوق المضحكة والتي تدعو للسخرية فتحترم حقوق القتلة وتسهر على توفير الدعم لهم وتولّي ظهرها للضحايا الأبرياء؟ فهل نحن شيعته (ع) فعلا ولا نقتدي بمقدمة عهده الى ملك الأشتر ليوضح مهمة الحاكم: " جباية خراجها، و جهاد عدوها، و استصلاح أهلها، و عمارة بلادها " ليحدد (ع) في خطبة أخرى ما يرتبط بمقومات التعايش وتحديدا ما يرتبط بأنصاف الناس والصبر على حوائجهم ودون تمييز . ( أنصفوا الناس من أنفسكم واصبروا لحوائجهم فإنكم خزّان الرعية ووكلاء الأمّة.... ) نعم أنها الدرر العلوية التي تضمن الأستقامة في مواقع الانحراف, والثبات في مواضع الاهتزاز, والأهتداء في الدروب الضائعة ليؤكد المسؤول والحاكم صدق أيمانه، وقوة موقفه، وسلامة خطه. ولا حول ولا قوة الا باللة العلي العظيم
|
||||
© حقوق الطبع و النشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |