كيف نبني العراق الجديد

 

شوقي العيسى

shoki_113@hotmail.com

العراق البلد الذي تتعدد فيه الأطياف وتتلوّن فيه الفِئات والأديان البلد الحضاري الذي حوى الكثير من الحضارات القديمة التي يفتخر بها الأنسان العراقي مهما كانت توجهاته ولكن يبقى هناك صميم وعمق حضاري يربط بيننا وبين العراق الصلة التي أزيحت من القلب بالممارسات الدكتاتورية التي حكمت العراق هذه الصلة هي حب العراق كبلد ننتمي اليه حب النخلة التي نعتنقها لتفيء علينا من حرارة الشمس وحب جبال العراق وشلالاته وحب أهوار العراق وحب حضارة بابل حب محافظات العراق، أفقدونا حب كل شيءٍ بالعراق فقد جُردت العواطف الجياشة وبهذا فقد سيطرت الدكتاتوريات الفاسدة وأنظمتها الإستبدادية على مشاعر وقلوب العراقيـين طيلة عقود من الزمن فأصبحنا نتباهى ونفتخر بماضي العراق المرتبط بالحضارة ولا نفتخر بمستقبل العراق والعمل على إعادة أو إنشاء حضارة جديدة يخلدها التأريخ.......

 فأصبح العراقي عندما يتحدث ويتكلم عن العراق كل مايذكره هو من سياق قديم وحضارة قديمة هذا فيما إذا فصّلنا تاريخ العراق وتأريخ أي بلد فسوف يقع ضمن نطاق الماضي والحاضر والمستقبل فعندما نستشعر العراق نستشعر الماضي الذي ترّسخ في أذهان الذين سبقونا قبل أن يقمع الشعب العراقي بدائرة الإجحاف الفكري والركون الى نقطة واحدة من زوايا العراق الكثيرة ولا أعتقد أن أحداً عندما يتحدث في هذه المرحلة يتكلم عن مستقبل العراق وذلك لأن الرؤيا الفنية والتكنولوجية لرؤية عراق متقدم متحضر تبشّر بتحولات سريعة من الماضي الى المستقبل وهذا بأقل التقادير في التفكير الشائع في يومنا الحاضر.

 ولكن يبقى سؤال مطروح متى وكيف نستطيع النهوض وبلورة التطور الحضاري المستقبلي وليس القديم وتطبيقه على العراق الجديد؟

فلوالقينا نظرة فوقية أو سطحية الى العراق ككل نرى مايذهل العقول نرى العراق كصحراء جرداء هذه من الناحية التكنولوجية فقد دمر العراق على مدى عقود من خلال الحروب التي أقيمت على أرضه فأصبح كبيت في جزيرة أتت عليه ريح عاصف فهدمته وجعلته كالرميم .

أما من النظرة الفكرية فكانت ممارسات الأنظمة الدكتاتورية الفاسدة وخصوصاً دكتاتورية صدام قد عمقت الجهل في الفكر والسيطرة الكاملة على أفكار العراقيـين وأبعدتهم عن التنوّع في التقدم الفكري التربوي حتى يصبح المسيطر عليه كالمارد يحقق طلبات السيد وينتهي الأمر فليس هناك مجال مباح أمامه للتفكير والتعمّق في حيثيات المراحل التي تسوده فأنشأت أجيال على هذا المنوال حتى وصلنا الى مرحلة أنتهاء تلك الدكتاتوريات المهيمنة على التفكير وعلى كل شيء فما يكون هو العمل لأعادة العراق كعراق وأنشاء وتطوير الحضارة العراقية المستقبلية كحضارة تضاهي الحضارات وإعادة الفكر التربوي الى متوسط الفكر بأقل تقدير.

 وأما وقد أتسعت رقعة المشاركة الفعلية بأعادة بناء العراق الجديد والذي يجب أن يخضع الى معايير تكنولوجية وفكرية في مرحلة البناء فيجب أن نبدأ ببناء الفكر العراقي الجديد الذي يرفض السيطرة الدكتاتورية على الفكر العراقي من خلال التغني على أنغام الحس الوطني والوحدة الوطنية وعدم فرض الفكر المتطرّف التكفيري في بلد يقع ضمن دائرة البناء والإستعداد لأنطلاقة فكرية .

حيث أن كل العراقيـين أستلذوا بالرقص على نغم الوطنية ووحدة الشعب العراقي ولكن كل من الشخصيات التي تتبنى وتتباكى على الشعب العراقي يجب عليها أولاً أن تهذب نفسها فكرياً وترفض دكتاتورية مصادرة الآخرين والعمل بما تسير به عجلة العراق الديمقراطي الجديد حتى نستطيع أن نقول بدأنا بوضع اللبنة الأولى في بناء عراق متطور.

 حيث أن واقع العراق الآن يقع ضمن دائرة الصراع الطائفي الذي يتبنى الفكر الدكتاتوري وهذا فيما إذا إستمر عليه الحال سوف يكون البلد من قمامات البلدان المتخلفة فكرياً ، البناء يبدأ من بناء النفس وتهذيبها حتى تبدأ بمرحلة بناء تكنولوجي متطور وليس كما يحدث الآن معركة من التجاذبات والتصريحات التي ترفض الآخرين وتقمع الشعب العراقي من جديد والعودة الى مرحلة الصفر بل الى ما تحت الصفر .

 علينا أن نتعلَّم كيف نحب العراق كبلد ننتمي اليه وفيه حضارتنا الماضية والمستقبلية التي نبنيها بأيدينا ، علينا أن نستمع للآخرين في نظرتهم لبناء العراق الجديد ولا نصفهم بالمقسمين لوحدة العراق ولا نقع ضمن دائرة مغلقة من الفكر المتطرف الذي لايرى غير فكره الذي قد يكون ساذجاً ، أن نرى من هم الذين ناضلوا وقاوموا الدكتاتوريات التي حكمت العراق ونرى مايقدموه لنا ، أن نستقطب كل عراقي له القدرة على البناء وله الحس الوطني الحقيقي وهذا الجانب سوف تفرزه لنا الدورات الإنتخابية القادمة والمتوالية ثم يتم التشخيص ، والتشخيص يتم من قبل العراقيـين الذين لهم الحق بأختيار الأفضل حسب الرؤية التي سوف يتعلمونها من خلال تعلّم الفكر الجديد لعراق جديد .

 نبني العراق عندما تكون أيدينا جميعاً متكاتفة ومرصوصة ضد أعداء العراق الذين ينوون عودة العراق ألى عهود دكتاتورية صدام نبني العراق عندما لا نقف لتوزيع الخطابات السياسية والحماسية على الفقراء من الشعب العراقي بل عندما نطبق هذه الخطابات الى أفعال وأعمال على أرض الواقع.

نبني العراق عندما تكون أستراتيجيتنا مفتوحة أمام الكل ولن نرضخ للذل ولتكن نقطتنا في الإنطلاق هي العراق هي بناء العراق هي وحدة العراق هي صفاء النفوس وتنقيتها من شوائب الدكتاتورية هي الإقتناع بما يراه العراقيـين أنفسهم ولكي نبني العراق يجب علينا أن نغلق أسماعنا عن العالم الخارجي ونركز فقط بمرحلة البناء للعراق الجديد حتى لا نتأثر بمحوريات وتبلورات خارجية من شأنها أعاقة تطور وبناء العراق .

 بناء العراق يجب أن يبدأ بالقضاء على بؤر الإرهاب والفكر الإرهابي والتطرّف الإرهابي وهذا يأتي بوقاية أنفسها والتطعيم ضد هذه الآفة حتى نستطيع مقارعتها وعدم الإصابة بفايروسها القاتل للآخرين بناء العراق يتم من خلال الإهتمام بجيلنا الجديد ببراعم العراق بحماة العراق بنساء العراق وإعطاء حق المرأة ودورها في مسيرة هذا البناء بأعطاء الفرصة للرجل المبدع لينطلق في هذا التسابق ويبقى أن نقول أن العراق شعبٌ متعدد الأجناس وهذا بحد ذاته هو تطور لبلد كالعراق فعندما تتعدد اللغات وتتعدد الأذواق والفنون والحضارات فهذا يبدي أن البلد سبّاق لنيل درجة الرقي في المجتمعات الآخرى .

 فلنضع هدفنا الأول هو بناء العراق الجديد الديمقراطي الفيدرالي التعددي المتطور ولنسابق الزمن ولنقتحم مجال الفكر والمعرفة ونقول هكذا نبني العراق....

 العودة الى الصفحة الرئيسية

 

 

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع و النشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com