د.مهدي حيدر
dr_hayder@hotmail.com
عندما يتحدث من كان قبل السقوط مجرد متفرج تخلف لسنين في كل شئ مبتدا بقناعة الذات والتلذذ بمعاناته ومعانات الاخرين ، وكان اهلنا في الداخل يعيشون عيشة اهل الكهف لايعلمون ولا يئبهون لما يجري سياسيا في الخارج بل وامنوا مقتنعون بحتمية التعايش مع ذلك النظام القمعي المتوحش وظلوا بما يصنف الان بعراقيوا الداخل يتعايشون برحابة صدر عن حياتهم اليومية تحت ظل القمع الذي لن يمس بعضهم ابدا والبعض الاخر من عراقيوا الداخل قد رفض النظام واعطى ضحايا من اهله وعشيرته وانقسم هؤلاء بين صنفان صنفهم النظام الصدامي بصنف عراقيوا الداخل والصنف الاخر بعراقيوا الخارج وشاعت هذه الثقافة البعثية بعد سقوط النظام ،وتم تغذيته من خلال الاعلام العربي وفضائية الجزيرة المعادية لكي تضع اسفينا بين العراقين لان عراقيوا الخارج كانوا باغلبيتهم سفراء لكل العراق يتداخلون اعلاميا ويتصلون بوزراء الخارجيات والمنظمات الانسانيةالدولية بصوت عالي ينثرون مصائب العراقين والابادات الجماعية لتعريةالنظام واسكات الاصوات الشوفونية والطائفية وكانت بذرات ذلك في قانون تحرير العراق.
فليعلم اهل الداخل ان كل شهداء العراق قبل واثناء الانتفاضة الشعبانية والسجناء هم الاكرم من كل العراقيون سواء كانوا في الداخل او في الخارج ، لكن ابناء وزوجات واهل الشهداء هم من عراقيوا الخارج وعراقيوا الداخل ..فكيف نعرف ذلك يا اصوات واصداء الاعلام الماجور ؟؟
ان التميز بين عراقيوا الداخل وافضليتهم عن عراقيوا الخارج بشكل تعميمي انما هو مجرد سبب من اسباب الاستحواذ السلطوي وهدر لطاقات عراقيوا الخارج من اهل الشهادات العليا والخبرات المتمرسة في اكثر دول العالم تحضرا وتكنولوجيا في مختلف مناحي الحياة والذين يجيدون فنون قيادةالمجتمع نحو الافضل والذين سبقوا اقرانهم من عراقيوا الداخل عقودا من التقدم واتساع افق البناء بكل انواع وتشعبات البناء المتحضر الذي ينهض بالعراق نحو الاحسن.
وما مر منذ سقوط النظام ولحد هذا اليوم كانت جميع الحكومات والتوافقات قد فشلت فشلا ذريعا في اي عملية بناء بمختلف الاصعدة واهم سبب من هذه الاسباب ليس ذريعة الامن بل يرجع السبب الاهم هو ابعاد الخبرات العالية في ادارة شؤون القطاعات المتعددة القادرة على التخطيط والتنفيذ وفق المعاير المتبعة في العالم المتحضر ، اضف الى ذلك الاستخفاف الذي تزامن مع الحكومات السابقة في موضوع الزمن القياسي للانجاز ووفق المواصفات القياسية التي تعتمد النوعية وقلة التكاليف بمنظومة متكاملة من الكوادر المبعدة عن اي عملية بناء للدولة ومؤسساتها ، وهذا ما كان يجهله اهل الداخل عما يتمتع اهلا لخارج من خبرات متراكمة.
لايمكن بناء العراق المتحظر والمتطور الا بالتحام كفائات عراقيوا الخارج مع كفائات الداخل الذين عزلهم جدار الفصل السلطوي الفئوي.
الوحدة الوطنية والتوافقات قد تنجع سياسيا لكنها لن تستطيع قيادة البلاد نحو البناء بدون كوادر ذات خبرات وتخصصات مهنية وعلمية حقة كي توظف لخدمة السياسة التي يجب ان تكون لها اهداف تحقق الحاجات الانية والمستقبلية للمجتمع ولاجياله القادمة.
عراقيوا الخارج الان بكل تكنوقراطهم وخبراتهم مجرد مدافعون عن حكوماتهم التي انتخبوها وهم كرقاع يرقع اخطاء السياسيون بكل الوزارات ،والمصيبة اننا رضينا البين والبين ما راضي بينا.
العودة الى الصفحة الرئيسية