الى خلف العليان .. الفدرالية وأجتثاث البعث فقرات دستورية

 

المهندس صارم الفيلي
sarimrs@hotmail.com

أكتب هذه للرد سريعا على تصريحات العليان بأن السيد عبد العزيز الحكيم قد وضع  شروطا تعجيزية مثل الفدرالية وأجتثاث البعث  الصدامي إإإ .

 متجاوزا العليان  لحقيقة أن هذه الفقرات أقرت في الدستور العراقي الدائم , والذي من الصعوبة  أجراء تعديلات جوهرية عليه , لأن ذلك يفتقر الى النصاب البرلماني اللازم لأجراء  تعديلات دستورية .

  على أي حال ستتشكل بعونه تعالى حكومة مشاركة وطنية برئاسة القائمة الكبرى تضم  مكونات الشعب العراقي , حكومة بقاعدة عريضة  على الأرجح .

 لا حكومة توافقية  تتجاوز على الأستحقاق الأنتخابي .

 لأسباب كثيرة , من أهمها ضرورة الأبقاء على  معارضة داخل البرلمان كشرط من شروط التوفر على ديمقراطية حقيقية .

 كذلك صعوبة  توافق كل الكتل البرلمانية على قواسم مشتركة كافية ومقبولة .

  المشهد الأهم , هو وجود تمثيل حقيقي للأخوة السنة العرب داخل الحكومة القادمة ,  ممثلين على الأرجح بجبهة التوافق أن لم تضع هذه الجبهة هي شروط تعجيزية .

  كأن تبقى هذه الجبهة  غير" متوافقة " مع القائمة الكبرى وربما مع القائمة  الثانية على المواضيع الدستورية المهمة كأصل الفدرالية أوحدودها .

 لأن هذا ما  صرحوا به سابقا ,بأنهم سيعملون على تعديل الدستور وهذا يأتي في مقدمة أولوياتهم  , بل هو مؤشر لنجاحهم من عدمه أمام ناخبيهم "كما صرح قبل أيام عديدة طارق  الهاشمي ".

 رغم اننا لدينا شكوك كبيرة لجهة  أستطاعتهم أحداث تعديلات ملموسة  على الدستور لعدم توفرهم على ألآلية اللازمة لذلك , وأعني بها كما ذكرت ,النصاب  البرلماني الكبير الذي من المستحيل ان يتوفروا عليه , بسبب المقاعد الكثيرة  التي تكاد أن تصل الى نصف عدد مقاعد البرلمان  , هي بحوزة الأئتلاف العراقي  الموحد .

  لذلك نجد الآخرين , قد عملوا على جبهتين , ألأولى محاولتهم الطعن بنتائج  الأنتخابات في المدن الشيعية بضمنها بغداد , وكذلك وبدرجة أقل بنتائج مدينتي  كركوك والموصل وهذه الأخيرة مطلب لصالح المطلك .

 الجبهة الثانية هي مشاركتهم في  التفاوض على الدخول في الحكومة , مستغلين الضغط الأقليمي الذي يعاونهم باتجاه  التأثير على الجانب الأميركي , من اجل الحصول على مكاسب سياسية حكومية أكبر من  تمثيلهم البرلماني وربما , وعود بتعديل بعض فقرات الدستور , رغم ان الأمر  الأخير مستبعد قبوله من الأطراف الأخرى .

  ليضيفوا عبئا آخرعلى كاهل  العراقي المتعب أصلا أمنيا وأقتصاديا واجتماعيا الذي  أستبشر ابنائه خيرا بأنجاز العملية الأنتخابية  وقبلها الدستورية التي أعتمدت  من الشعب بالأستفتاء عليه على أمل أن نخطوا خطوة مهمة بأتجاه عملية التحول  الديمقراطي , رغم ان  صياغة الدستورلم تكن  بالعملية السهلة لأسباب التنوع  العراقي في الكثير من الخصائص  وتقاطع هذه مع  بعضها لتضيف تعقيدا اكبر على  صيرورة العملية الدستورية ناهيك عن التباينات السياسية المحضة .

  كانت الولادة صعبة للغاية , بسبب تباين الأولويات عند كل قائمة , أوضمنها .

مع  اتفاق الأغلبية الساحقة من العراقيين في الجمعية  الوطنية التي حلت , على تبني  المفردات الدستورية التي وردت , لكن أقول كانت مسألة تدافع الأولويات هي المشهد  العام في الشهور  الماضية وقبلها .

 البعض يهمه "الديمقراطية" بدرجة اساسية , مع  ان قسما من هذا البعض قد تشبع بالفكر الشمولي وبنسخته  البعثية , والبعض لم  يستخدم آليات الديمقراطية داخل أحزابهم , ومنهم من قرب وأعاد أعدى أعداء  الديمقراطية لمصلحة  ضيقة , كيف نكون ديمقراطيين أقولها لهؤلاء , وانتم تقربون  من لا يفهم غير لغة الدم , ولغة القتال والقتل .

 بل ان وزيرا من الحكومة قبل  الحالية , كان ينظر الى الديمقراطية كتعددية مزيفة , توهب من حزبهم القائد , ورمزه الجرذ , للآخرين  كأحزاب , أو دكاكين حزبية .

البعض كان يجعل الفدرالية  متقدمة على كل شئ , بل كان يذهب الى حيث أقرار تقرير المصير كحق له في الدستور  .

 وآخرون كانوا ومايزالوا في مسألة الفدرالية متوجسين , يقبلوها لطرف , من حيث  المبدأ لا التفاصيل ,  ولا يقبلوها للشيعة حتى بعد تم تثبيتها كحق في الدستور .

  وهنا لا اقصد بفدرالية  الشيعة كفدرالية المحافظات التسعة , وان كانت  منطقية ,  الا انهم أي السنة العرب يرفضون حتى فدراليات المحافظات الشيعية كمحافظات , أو  كأقاليم متعددة , ليسحموا لأنفسهم التمتع بحق تقييد حريات الآخرين في تقريرهم  لما يجدونه في صالح مناطقهم ومعايشهم ومكاسبهم .

 ناهيك عن  ايديولوجية الفرقاء  , وهذا تقاطع من نوع آخر , فمنهم كان يقدم علمانيته ويردها ان تفرض في الدستور ولو بطريقة غير  ديمقراطية , بمعنى عدم  الأحترام الكافي لثقافة المجتمع العراقي المعروفة .

 وبعكسة  فكان الكثيرون يرون  ان الأصل ان يكون الدستورمنسجما مع ثوابت الأسلام وأحكام الأسلام , ولا يرى هذا  الطرف تعارضا في ذلك مع الديمقراطية الأجرائية , بل  متفقا معها , ثم ان هذا  الطرف أصر على الفدرالية لناخبية وهم الأكثرية المستضعفة , وهو على حق , لأن  الجميع في  العراق يجب ان يكون لهم حق متساوي في حرية أختيار ماهو مناسب لهم  ضمن اطار الوطن  الواحد الذي ارتضوا جميعا البقاء في اطاره , رغم ان الفرصة  كانت ولاتزال ولو نظريا تسمح بعكس ذلك .

 الكل حينها توصلوا الى اتفاق , أو  الأصح توافق  دستوري يضمن للأسلامي اسلاميته وللعلماني علمانيته , ويضمن  الفدرالية لمن يريدها , واللا مركزية أو أي أختيار آخر لمعارضي الفدرالية  للعراقيين كلهم .

 هؤلاء يعارضون ايضا اجتثاث الفكر المسؤول عن المقابر الجماعية  وانتهاك الأعراض  وسائر الحرمات , "الفكر" الذي أعاد وطننا الغالي الى الوراء  لعشرات السنين , بل أرتهنه وحاول ان يبيعه مقابل بقائه متسلطا على رقاب  الأغلبية المستضعفة .

 واقصد بهم  الصداميين المنحدرين من مثلث السلطة , والكثير من هؤلاء قدموا  أو تساقطوا من أزمنة المقابر الجماعية  والتهجيرات والعمليات الأجرامية التي سماها الجرذ بالأنفال , واستخدام الأسلحة  المحظورة ضد شعوبهم وجيرانهم .

  هؤلاء يتحدثون نفاقا بالأستقلال والسيادة الوطنية ويحلمون بعودة المركزية  المقيتة للدولة ليعيدوا انتاج المجاز , وعلاقات العبودية  المعروفة لأغلبية  العراقيين .

 نقول لهم لا خير  في وحدة وطنية مع غياب الحرية والديمقراطية وبقاء  البعث  الصدامي والمركزية المقيتة التي تسببت هي بفقدان السيادة الوطنية أو  تواجد  القوات الأجنبية على أرض عراقنا الغالي .

  المعارضون لمنع البعث الصدامي , والذين يكيلون بأكثر من مكيال في مسألة  الفدرالية , هم نفسهم استضعفوا أكثرية  المجتمع في العهد البائد , وبذلك بددوا  عناصر قوة العراق , بدلا ان يتجهوا بها الى التكامل في اتجاه تأصيل شعور  الأنصاف  , ان هذا الشعور في اي شعب هو مصدر امداده بالحيوية والحركية والتفاعل  الأيجابي بين عناصره .

هذا لم يوجد  في واقع العراق التاريخي .

  هؤلاء قد فشلوا في تنفس هواء التعدديةالطلق النقي , وفشلوا في ان يعيشوا صحوة  شروق فجر العراق الجديد , وفشلوا من ان يخرجوا من تلك الشرنقة الطائفية  الشوفينية التي أحاطت بهم ليفرضوا خصوصيتهم على الجميع دون ان يحترموا خصوصيات   الأغلبية الساحقة من الشعب .

 فشلوا بممثليهم في لجنة كتابة الدستور , في  التحاور مع الآخر , ومخاطبة الآخر وهو  الشريك أو الشركاء في الوطن , كانوا  يخاطبون ذواتهم مع الآخر , بدل ان يخاطب الآخر في ذاته .

 لأن غريزة الذات ,  والأستعلائية الموروثة عندهم منعتهم في اشغال طاقة تفعيل الذات لتتأمل وترصد التنوع في العراق , فكرا وجغرافية وغيرها  ليغنوا هذا التنوع ويجعلوه أكثر  أثراءا بأضافة ذواتهم الشخصية أو النوعية اليه , لينطلق الجميع , كل العراقيين  , بهذا التنوع لأثراء الفكر وتوسعة آفاق روح التسامح وربطها بأنتاج المعاني  الأنسانية , بدل من ذلك أرادوا من هذا التنوع ان يدور حول محور أنانيتهم ,  بحركة تتصل فقط بذاتية مصالحهم .

 ليطيفوا " من الطائفة " حزبهم الفاشي العنصري  .

 كأني بهم  مصداق للقول المعروف " أتحسب انك جرم صغير وفيك انطوى العالم  الأكبر" .

 نقول لهم ان العراق ليس أرضا أو سكنا , وانما هو كيان قائم يشمل في  المقدمة الناس الذين تعيشون معهم , وارضهم التي يعيشون عليها , انه الآفاق التي  يطل  عليها من خلال كل شعبه وكل أرضه .

  فشلوا ايضا في سعيهم " وهم يلبسون الباطل ثوب الحق " لأبتزاز العراقيين في  النزول عند رغباتهم غير المشروعة في  تأهيل البعث الصدامي من جديد , رغم نجاحهم  المرحلي في اسدال الستار عن جرائمهم السابقة بحق الأغلبية المستضعفة، بالتقنع  الطائفي والتستر بستار "حماية مصالح السنة العرب" وبقذف الخوف في قلوب الآمنين  من خلال ارتكاب جرائم جديدة وبطرق مستحدثة، ليخترعوا شرعية جديدة يدخلوا بها  كرقم صعب في معادلاتهم السياسية الطائفية، وهي شرعية الأرهاب.

  نقول لأخواننا من عقلاء السنة العرب ,وقد أنتهت الأنتخابات بمشاركتهم الكثيفة,   عليكم ان تثبتوا بشكل حضاري فك الأرتباط بين مذهبكم وبين البعث الصدامي ,  وادخلوا عملية تشكيل الحكومة بروح ايجابية , مختلفة , بعيدة عن المزايدات   السياسية للبعض , برفع شعارات حق يراد بها باطل , مثل دعاوي اخراج القوات  الأجنبية من جهة ,والتفاوض السري  وتقديم التنازلات والعروض  لها من جهة أخرى ,  كل ذلك عبر الأستمرار في قتل العراقيين , وخاصة أتباع مذهب أهل  البيت (ع)  .

تيقنوا أن الزمن قد تجاوز المرحلة السابقة و لا يمكن اعادة عقارب الساعة الى  الوراء و أن تخلفكم عن مشاركة الأغلبية الساحقة من العراقيين في قبول الأمر  الواقع والطبيعي , سيعود بضرره الأكبر عليكم وسيضع العراق أمام معادلات جديدة  وربما  غير واضحة المعالم .

 نرجوكم ايها الطيبين ان تمدوا ايديكم لأخوانكم من  الأغلبية الساحقة التي تتطلع بفكرها ووجدانها للحياة  الجديدة .

 لنحرص على  بعضنا البعض، ولنتألم لآلام بعضنا البعض, ونحن في شدة على المستوى المحلي  والأقليمي وعلينا ,أن  لا نضيف شدة إلى شدائدنا، فكروا في الله قبل أن تفكروا  في عصبياتكم وطائفياتكم وحزبياتكم ومناطقياتكم.

  لأن الكل سوف يقف أمام الله ليجادل كل واحد عن نفسه، فلتستغلوا هذه الفرصة  المتبقية كي تمدوا ايديكم لأخوانكم لننهي  كلنا أيام المحن والمواقف الحرجة  ونقف جميعا أمام التحدي الحضاري .

 لنجد اللة سبحانه وتعالى سيغدق علينا جميعا  الرحمة والمغفرة والرضوان .

 

العودة الى الصفحة الرئيسية

 

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع و النشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com