قناة الفيحاء الوطنية

 بلقيس حميد حسن

balkis.h@wanadoo.nl

عرفت ُ أن قناة الفيحاء سوف تغلق إذ لم تحصل على تجديد أجازتها من دولة الإمارات التي تستضيفها , انه أمر مؤسف جدا أن  نفتقد صوتا وطنيا طالما أحببناه , إذ  تنسم به العراقيون رائحة نخيلهم  الصابر  وجبالهم الشم  وأهوارهم الحزينة.

 مهما كانت إمكانيات هذه القناة المتواضعة, غير أنها كانت أول من وقف موقفا وطنيا إزاء الإرهاب وسماه باسمه, وهي أول من كشف زيف ما يسمى بالمقاومة, فكانت السبـّاقة  في عرض  مقابلات حيـّة مع المجرمين الذين عاثوا فسادا بوطننا, وتقتيلا بأبناء شعبنا بسياراتهم المفخخة واعتداءاتهم على أعراض الناس وممتلكاتهم , إنها القناة الأولى التي شاهدنا عبرها هؤلاء المضللين وهم يعترفون باستلامهم أجرة كل قتيل أو مختطف من أمراء الإرهاب الذين يستغلون بساطتهم وحاجتهم إلى المال , من كان منا سيعتقد يوما أن هناك من البشر من  يرضى بقتل مجموعة من الأبرياء  مقابل مائة دولار أو خمسين أو حتى خمس وعشرين دولارا؟  لقد أوصلتنا الفيحاء إلى هذه الحقائق المرعبة عن واقعنا المخيف الذي  خلفته عصابة صدام, والذي  لابد وان نراه على حقيقته كي لا ننـظـّر بعيدا عن  وجود هؤلاء الذين يملئون أرضنا خوفا ..

إن المقياس الوطني العراقي اليوم لكل إعلامي لابد وان يكون حبه للعراق كوطن وشعب , وهذا لا يمكن أن يتوفر بأي وسيلة إعلام ما لم تكن هذه الوسيلة رافضة أولا العنف المسلط على أبناء العراق وأرضه , كما لا يمكن أن يكون الحب للعراق حبا لطائفة دون أخرى أو قومية دون أخرى, من هنا أود أن أقول كلمة بخصوص الفضائيات العربية والعراقية , خاصة بعد أن أصبحت الفضائيات أهم وسائل الإعلام إذ دخلت كل البيوت وشاركت الناس بحياتهم بشكل مذهل سيما وأن الشعوب العربية لازالت لا تعتمد على الانترنيت والكومبيوتر بشكل كبير ولا تخصص وقتا له كما هو بالنسبة للأوروبيين والأمريكان وسواهم من الشعوب التي أجادت باستخدام التكنولوجيا المتطورة حتى أصبحت أهم شيء في حياتهم , حيث لا يستطيع المرء أن يستغني عن كومبيوتره الشخصي  حتى بوقت الإجازة , إن اغلب القنوات العربية إن لم تكن جميعها تتجاهل دماء أبناء وطننا المتناثرة يوميا على الإسفلت , وهي لازالت تسبغ صفة المقاومين على قتلة العراقيين السائرين  بالشوارع أو المستقلين  سيارة اجره , وبأحسن الأحوال تغض الطرف عن توصيفه بالإجرام لتقول مسلحا أو مسلحين مجهولين.. الخ  من صفات تغضبنا نحن أبناء العراق المتألم الغارق بسواد الحزن, فكيف بنا ونحن نرى بعض الفضائيات العراقية تنهج ذات النهج العربي الذي كتبنا وصرخنا به .

لقد  كانت قناة الفيحاء القناة الاولى ولربما الوحيدة  التي انتبهت لمئات الكتاب والصحفيين الذين همشهم النظام السابق وأبعدهم عن المساهمة في ما يخص وطنهم ولو بكلمة تقال, ففسحت المجال لأصواتهم المبعدة  وآرائهم المحاصرة سنينا , أوصلت صوت المقهورين , وحاورت أمهات الشهداء, وكشفت مآسي المقابر الجماعية, وحاولت الدفاع عن جميع مكونات الشعب ,والاحتفاء بهم وإحياء أعيادهم الدينية والقومية, و سلطت الضوء على المدافعين عن هؤلاء وأدخلت مبدأ العراق أولا  والذي نسته الكثير من القنوات العراقية ذات الإمكانيات المادية الأفضل مع الأسف  وكأنما الدنيا واقفة على زمن قال به الأمام علي :

"لا يستوحشنك طريق الحق لقلـّة سالكيه"

لقد ارتبط قول الحق دائما بالتعب والنضال والفقر والتهميش, وهاهي قناة الفيحاء تناضل وتناشد من اجل أن تبقى منبرا لنا جميعا , لإيصال كلمتنا التي حوربت وشردت وغاصت تحت  الحناجر دون أن تنطلق, لهذا لا نستغرب اليوم  إذا ما أغلقت  نافذة حق قد فتحت لأبناء العراق المظلومين, العراق الذي تـُسرق ملايينه بأيدي حفنة من الفسّاد المتناسلين  والمتكاثرين  كما الفطر,  ولا ندري متى وأين توضع أمواله بأيدي  من يستحق  من اجل البناء والعطاء الحقيقي....

العودة الى الصفحة الرئيسية

 

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع و النشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com