نتائج أنتخابية مثيرة

 

الدكتور لميس كاظم

أُعلنت نتائج الأنتخابات النهائية غير المصدقة في 20.01.2006  وقد أظهرت النتائج فوز خمس كتل أساسية وكذلك حصول كتل وقوائم أخر على نتائج غير حاسمة. حالف الحظ الكتل الكبيرة في حصد الأصوات وهم الأتلاف العراقي ( 128 ) مقعد، والتحالف الكردستاني ( 53) مقعد، وجبهة التوافق( 44 ) مقعد، والقائمة العراقية ( 25 ) مقعد، والجبهة العراقية للحوار( 11) مقعد. وكان الحظ أقل لطفاً مع الكتل الأخرى وهم الأتحاد الأسلامي الكردستاني ( 5 ) مقعد، وكتلة المصالحة والتحرير (3 ) مقعد، وقائمة مثال الأوسي (1 ) مقعد، والجبهة التركمانية (1 ) مقعد، والرساليون ( 2) مقعد، واليزيديون (1) مقعد والرافدين (1 )  مقعد. بينما عاكس الحظ كتل كان يرجح لها أن تفوز على الأقل بمقعد او مقعدين أو اكثر في مجلس الأئمة القادم كقائمة الموتمر والكفاءات العراقية وعراق المسقبل وليث كبة وغيرهم.

جاءت هذه النتائج تعبيراً طبيعياً لحالة الهرج السياسي الذي مرت بها الانتخابات وما رافقتها من خروقات واخفاقات لكن بالنتيجة أسست هذه الأنتخابات الى حالة من الممارسة الديمقراطية المستمرة في العراق الجديد.

من خلال هذه النتائج نخلص الى القول إن الغالبية العظمى من الأحزاب السياسية الخاسرة لم تستفد تجربة الأنتخابات السابقة. إذ دخل وقتذاك  المعترك الانتخابي أكثر من 250 حزبا وكتلة سياسية لكن لم تفز سوى الكتل الكبيرة التي لا تتعدىعددها أصابع اليد.

وفي هذه  الأنتخابات كررت الكتل الخاسرة نفس الخطأ السابق. إذ دخل الى ميدان الأنتخابات أكثر  230 كتلة وقائمة الى الانتخابات. كانت أغلب القوائم الصغيرة ضعيفة في صوتها الأنتخابي وحديثة على الساحة العراقية وغير عارفه رصيدها الجماهيري الحقيقي. لكن مرشحيها كان أملهم ان يظفروا  بمقعد في مجلس الأئمة او الحكومة العراقية القادمة.

لقد حذر كثير من المحللين العراقيين والعرب الى ضرورة رص الصفوف والأستفادة القصوى من أخطاء الماضي لدخول الانتخابات  الثانية بقوى فاعلة ومحسوسة تستطيع ان تصمد أمام الكتل الكبيرة التي ستبتلعهم بسهولة. لكن الكل كان في عجلة في أمره والكل كان يريد ان يجرب حظه والكل كان يريد ان يظفر بمقعد في مجلس الأئمة المغري. هذا المقعد المثير الذي سيؤمن له الموقع القيادي والشهرة الأعلامية وسيشارك في تقرير مصير الشعب لمدة أربع سنوات كذلك سيوفر له راتب تقاعدي خيالي لا يحلم به وتعويض مادي مغري بعد أنهاء مدة الخدمة البرلمانية الطويلة. فالبرلمانيون السابقون خدموا ستة أشهر وكانت ساعات أجتماعاتهم الأجمالية في الجمعية الوطنية لا تتجاوز ستين ساعة لكنهم حصلوا على راتب تقاعدي لمدة ربع قرن قادم و50 الف دولار ( مصروف جيب) مكافئة لخدماتهم الوطنية. وبمعدل حسابي بسيط يتبين أن كل عضو في الجمعية الوطنية المنحلة  حصل حوالي 3200 دلاور لكل ساعة قضاها في رحاب الجمعية الوطنية مضافا لها بدلات تعويضةأخرى. وقسم منهم لم يحضر جلسات الجمعية الأ في جلسات برتوكولية ورسمية لكنه حصل على نفس الراتب التقاعدي ومصروف جيبه.

ومن المثير أيضا أن القوائم الصغيرة رضخت للأمر الواقع وأنسحبت بهدوء من المشهد السياسي بعد هذه النتائج المخيبة، مجرجرة اذيال الخيبة. لكن القوائم الكبيرة لم ترضخ للنتائج بل أستأسدت وأضهرت امتعاضها من هذه النتائج وقدمت الشكاوي والطعون القانونية للحصول على المزيد من المقاعد البرلمانية الجديدة.

 رغم كل ما جري لكن الشعب العراقي يطمح بأن نتائج هذه الانتخابات ستؤسس لحالة ديقراطية صحية في المستقبل. وإن الأجراءات القادمة ستكون كفيلة لتجاوز حالات الأخفاقات والقلق السياسي السائد حاليا في البلاد. وأهم ابرز هذه الاجراءات المنظمة للعملية الأنتخابية القادمة هو الغاء الأرهاب المدني والترغيب القسري واستخدام أساليب منافية للوائح الأنتخابية كما من الضروري أجراء الأحصاء السكاني العام الذي سيوضح عدد القوى التصوية الحقيقة في البلد. والأهم من هذا كله هو سن قانون تأسيس الاحزاب الذي سيسمح للاحزاب بالعمل السياسي  العلني والمشاركة في  الأنتخابات بعد أن يثبت عدد اعضاء حزبه الحقيقين. فالنتائج اضهرت ان أغلبية الأحزاب والكتل الصغيرة التي شاركت الأنتخابات، في المرتين السابقتين، لم تحسب عدد اصوات أعضاءها ومؤيديها ولم تبادر تلك القوى الى أجراء مسح عيني تجريبي لقوتهم التصويتية مما جاءت نتائج الأنتخابات منافية لطموحهم وقسم منهم بنى حلمه الجديد على وعود الناخب العسلية. لكن الناخب كان اكثر دهاءا منهم، إذ استفادة من حالة التسابق الأنتخابي وحصل على دعمهم المادي والمعنوي وبالتالي صوت لقائمة ثانية.

 هذه الأنتخابات عمقت الروح الرياضية لجميع المرشحين وأعطت للخاسرين الدرس اليقين بان لا يحلموا كثيرا، كما منحت الفائزين حظا جديدا لأثبات صدق وعودهم. فالكل يجب يقتنع بالفوز والخسارة وأن يسلّم الجميع بحقيقة مهمة بان اللعبة الأنتخابية ليست بالأمر السهل وتخضع لقوانين ظاهرة ومخفية لايمكن التنبأ بها إلا الراسخين في السلطة.

حظ سعيد للرابحين وأمل جديد للخاسرين في الأنتخابات القادمة. فليس المهم الفوز بل المهم أن كل مرشح يجرب حظه في اللعبة الأنتخابية.

 

العودة الى الصفحة الرئيسية

 

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع و النشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com