غلق الفيحاء تهديد لحياة العاملين بها

 علي الشلاه / كاتب وشاعر عراقي

erde4uns@hotmail.com

 شكلت قناة الفيحاء العراقية التي تبث من المدينة الاعلامية في دبي رؤية مختلفة في الاعلام العربي ، اذ انها القناة الاولى التي تقوم عليها شخصيات اعلامية عراقية مستقلة ليست خاضعة لمنهجية دولة من دول المنطقة واحزابها الدافعة، ولذا كان المواطن العراقي يجد فيها متنفساً مختلفاً في الحديث عن مشكلاته دون ان يضطر لمجاملة دولة بعينها سواء كانت تلك الدولة ناطقة بالعربية او بالفارسية أو بأية لغة اخرى ، لكن هذه الحرية المشروطة بضوابط المدينة الاعلامية في دبي سرعان ما اصبحت ثقلاً على القناة التي وجدت نفسها وحيدة امام انتقادات دول وجهات عدة - عربية وغير عربية-  ولم يكن وراءها من يدافع عنها خصوصاً وان الحكومة العراقية ليست كلها مع الفيحاء، وحالها معها عكس حالها مع قناة الجزيرة ففي حين تسعى الغالبية الحكومية دون جدوى الى تحجيم اساءات القناة القطرية فان تلك الغالبية تسعى الى مؤازرة الفيحاء دون جدوى ايضاً ، ولذا أنشأ كل طرف حكومي قناته الخاصة التي تبث دون رقيب من بغداد وتركوا الفيحاء تعالج مشكلاتها مع الارهاب واعوانه في البلاد العربية وحدها معتمدة على تعاطف العراقيين الكبير معها، في حين تدخلت اطراف عراقية طائفية لديها قنواتها المعروفة بدعم الارهاب والصدامية وطالبت المسؤولين بغلق الفيحاء التي تعريهم بلا هوادة وقد تواشج هذا الطلب مع دعوات بعض الانظمة العربية المتضررة من هذا الصوت العراقي الصريح، والغريب ان الاسباب التي سيقت لغلق الفيحاء تنطبق وبشكل أكبر على قنوات عدة تبث من المكان نفسه لكنها قنوات تخالف الفيحاء في الهوية وفي الموقف من صدام ولذا فهي مرحب بها في العواصم والمدن العربية كلها.

اننا اذ نتفهم الضغوط التي تتعرض لها المدينة الاعلامية في دبي لغلق القناة لنتمنى على الزملاء في فيها ان يعيدوا النظر في قرارهم هذا دفاعاً عن سمعة المدينة أولاً ولكي لاتتهم بالطائفية والانحياز خصوصاً وان هناك قنوات عراقية صدامية تبث من المدينة نفسها وقد قدمت خطاباً طائفياً مريضاً، وهي منبوذة لدى الأكثرية العراقية، وكان وجود قناة الفيحاء يعطي الانطباع بالموضوعية والمهنية والحياد لكن غلق الفيحاء سيجعل الدفاع عن موقف المدينة الاعلامية متعذراً بل وسيحول المدافعين الى ناقدين دون ريب، كما ان المتضايقين من الفيحاء والمطالبين بغلقها سيجدون انفسهم في ضيق أكبر عندما تبث الفيحاء دون رقابة الزملاء في دبي وستفتح ملفات يصعب تحملها او الرد عليها.  

ان المطالبة بحرية الفيحاء ومواصلتها البث من مكانها ذاته لهي مطالبة بحق كل اعلامي عربي مستقل بان ينشئ منبراً حراً للتعبير عن رأيه، ولذا ينبغي على سائر الزملاء الاعلاميين والمفكرين والكتاب العرب التضامن معها، لأن غلقها يضع عشرات علامات الاستفهام امام ما ندعيه من حرية الاعلام العربي أفراداً ومؤسسات، وتلك اشكالية اكبر من اشكالية غلق منبر اعلامي ناجح  قد يجد مكاناً جديداً يبث منه وبحرية اكبر وبتكاليف اقل ربما، فالانتقال الى بغداد او البصرة متاح للفيحاء ولن يكون بوسع المخبرين والوشاة والأنظمة التأثير عليها هناك الا اذا استعانوا بالارهاب حليفهم الذي يدافعون عنه وحتى ذلك الخيار الدموي المتخلف لن يوقف الاصوات العراقية الحرة الشريفة عن قول رأيها كما رأينا حتى اليوم وبعد عشرات الشهداء من الكتاب والصحفيين على يدي المقاومة الزرقاوية الصدامية الشريفة جداً.

ترى ماذا سيكون رأي الزملاء في المدينة الاعلامية بدبي لو استشهد احد الزملاء من اسرة الفيحاء على يد الارهابيين بعد قرارهم هذا الذي يجبر القناة على الانتقال الى العراق؟

انني ادعو الى اتفاق واضح جديد بين قناة الفيحاء والمدينة الاعلامية بدبي يعيد تنظيم الامور ويقلل الضغوط على الطرفين، فمأزق الزملاء في المدينة لايقل عن مأزق الزملاء في الفيحاء وان توهموا غير ذلك بل ربما يكون مأزقهم أكبر بكثيرفمصداقيتهم وليس مصداقية الفيحاء هي التي على المحك وقد يضيف لها اغلاقها بطولة جديدة ولكن ماذا سيضيف لهم اغلاقها ؟

 

العودة الى الصفحة الرئيسية

 

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع و النشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com