إشكالية تنحية أمير الكويت سعد العبد الله السالم الصباح

 

وداد فاخر* / النمسا

تتباهى الكويت بأنها مجتمع الأسرة الواحدة ، بحيث تحل كل مشاكلها ضمن إطار الأسرة دون الاخلال بذلك العهد . لكن هذا الإطار الأسري اختفى تماما بعد وفاة الأمير الراحل جابر الأحمد الصباح وتولي ولي العهد الشيخ سعد العبد الله السالم الصباح منصب الإمارة بصورة تلقائية كما ينص على ذلك الدستور الكويتي وقانون رقم 4 لسنة 1961 لتوارث الإمارة . حيث اظهر الطرف المهيمن على السلطة في الكويت والممثل برئيس الوزراء الشيخ صباح السالم الصباح الأخ غير الشقيق لأمير الكويت الراحل ، والحاكم الفعلي للكويت منذ مرض الأمير الراحل وولي عده قبل أكثر من أربع سنوات ، والذي عزز دوره الصلاحيات الواسعة التي أعطيت له من قبل الأمير الراحل ، اظهر سرعة غير طبيعية في عرض حالة الأمير الجديد المريض بمرض الزهايمير على مجلس الأمة لتقدير حالته المرضية وبيان عجزه عن القيام بمهماته الرسمية وبالتالي تنحيه عن سدة الحكم . وهذا التحرك العلني والسريع في تقرير حالة راس الدولة وبهذه الصورة الغير لائقة بمقام راس الدولة في دولة تحترم القانون والعرف القبلي والعائلي يضع العديد من المحللين السياسيين في موضع التساؤل المر عن مغزى هذا التصرف الغريب ، والذي خرج بصورة سريعة من تحت عباءة العائلة الحاكمة للخارج لكي يكون حديث الناس والدواوين والمس بالذات الأميرية التي يجب أن تكون مصونة كما يقول بذلك القانون الكويتي .

وقد عزز موقف الشيخ صباح الأحمد الجابر الأمير المزكى حاليا من قبل مجلس الوزراء التحول السريع لعدد كبير من آل الصباح إلى جانبه ومن ضمنهم بعض فرع بيت السالم  بما فيهم أبن شقيقته وزير الخارجية الحالي وأبن عم الأمير المتنحي الشيخ محمد صباح السالم الصباح الذي أشيع بأنه رشح كولي عهد الكويت المحتمل إلى جانب أخ الأمير الجديد وزير الداخلية ونائب رئيس الوزراء الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح  ، مضافا له اخوة الشيخ صباح الجابر الصباح في الوزارة الكويتية  ، وابن أخيه وزير الطاقة احمد فهد الجابر .

والسؤال لم ظهر هذا الخلاف العائلي على السطح مباشرة ولماذا لم يتم التروي والتاني لمدة زمنية تسمح للمتفاوضين بالوصول لحل عائلي في مسالة تحول منصب الإمارة بالطرق الودية دون اللجوء رأسا وبدون مقدمات لمجلس الأمة ، وعرض الذات الأميرية للقيل والقال وبالتالي قيام مجلس الأمة بتنحية الأمير دون انتظار ربع ساعة أخرى لوصول قرار الأمير السابق بالتنحي ؟؟ّ بينما انتظرت الكويت سنينا طويلة منذ مرض الأمير الراحل جابر الأحمد الصباح تاركة رئيس الوزراء قائما بأمر الإمارة لمدة أربع سنوات دون موافقة عائلة آل الصباح على مقترح كبير السن في العائلة من فرع السالم رئيس الحرس الوطني الشيخ سالم العلي الصباح ، بتشكيل مجلس حكم يدير أمور الكويت بسبب عجز كل من أميرها جابر الأحمد وولي عهده سعد العبد الله !!.

كذلك لا يعرف للان سر تأخير وصول رسالة الأمير التي طلب فيها التنحي بعد أن وصلت أول الأمر بيد الشيخ فهد نجل الشيخ سالم العلي يصحبه ابن الأمير الشيخ فهد سعد العبد الله بدون ختم من قبل الأمير ، ويلقي البعض اللوم في ذلك على زوجة الأمير المتنحي الشيخة لطيفة فهد السالم الصباح ، بينما نعرف جميعا ومن خلال ما بثته وسائل الإعلام أن من يدير الأزمة ليس الأمير السابق سعد الذي يعجز عن فعل أي شئ بسبب مرضه الآنف الذكر ، أو أي من أفراد عائلته بل الشيخ سالم العلي نفسه فكيف غاب عنه ذلك ؟. وما قيل عن مطامع للشيخة لطيفة كما نشر في " إيلاف " لا يرقى للواقع المعاش في الكويت ، كون الشيخ سعد ليس له من الذرية الذكور غير الشيخ فهد ولده الوحيد الذي لم يستلم أي منصب رفيع لأسباب معروفة لأهل الكويت ، وثلاث إناث ، وهو الوحيد من بين عائلة الصباح ممن لا أبناء له ، أو أبناء أخ يمسكون بالسلطة في الحكومة الكويتية ، وهو سبب جوهري جدا في مجتمع يعتمد في بسط السلطة على الفكر القبلي الذي يشكل فيه الأبناء وأنباء العم لبنة أساسية من لبناته  .

أخيرا ألم يجد مجلس الأمة الكويتي في مرض الأمير سعد العبد الله الصباح مسالة تستوجب التأني والتقدير للتفاوض بين أفراد الأسرة الحاكمة والخروج بحل يرضي الجميع دون الدخول في معمعة عرض تنحي الأمير على المجلس والإسراع بتنحيته مع معرفته بان هناك رسالة قادمة من الأمير يطلب فيها التنحي شاطبا بعمله هذا على كل تاريخ الرجل في التضحية من اجل الكويت ، وخاصة كونه أول من دخل الكويت بعد تحريرها من الاحتلال الصدامي معرضا نفسه للأخطار التي كانت موجودة أساسا كآثار للغزو الصدامي ، وبذل جهودا استثنائية في سبيل إقرار الأمن وعودة الكويت لسابقها قبل الغزو الصدامي البغيض ، بينما لم يرجع البعض للكويت إلا بعد استتباب الأمن والهدوء فيها . لكنها وكما يقال :

( شنشنة اعرفها من اخزم ) ، لصقت بجدارة بالممارسة الديمقراطية ، والممارسة الديمقراطية لا غبار عليها وحقيقية ومشجعة لكنها كانت بفعل فاعل كما يقال ،  لأن الرجل لا سند له في داخل السلطة . وقديما قيل ( تجري الذئاب على من لا كلاب له ... وتتقي مربض المستأسد الحامي ) فتحية للأمير السابق الذي خذله الجميع الشيخ سعد العبد الله السالم الصباح صاحب المواقف الشجاعة الرائعة ، ومنها إخراج ياسر عرفات من الأردن سالما بعد معارك جرش العام 1970 ، ومواقفه المعادية للديكتاتور الأرعن صدام حسين أيام قوة صدام وتسلطه ، وحمى الله الكويت وشعبها من كل سوء .

 آخر المطاف : يقول المثل العربي ( أنا وابن عمي على الغريب ، وأنا وأخي على ابن عمي ) ، وللضرب من تحت الحزام أقول محورا المثل كما شاهدته في أزمة الكويت واعني به البعض ممن وقف مع خاله ضد ابن عمه ( أنا وابن عمي على الغريب ، وأنا وخالي على ابن عمي ) .

 

 

 * شروكي من بقايا القرامطة وحفدة ثورة الزنج،  ليس له في العير ولا في النفير ، ولم يدبج مقالا يمدح به من تسلم سدة السلطة في الكويت كما فعل البعض .

 العودة الى الصفحة الرئيسية

 

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع و النشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com