|
عَيّنة ٌمن نسيجِِ بلادي .. الشـهيد فارتان شـكري ( أبو عامـل ) .. لك المجـد و الخـلود عادل أمين أن تكون بعلاقات ودٍ وتزرع محبتك في قلوب المئات من الرفاق الذاهبين والقادمين من والى كوردستان، والتعامل المباشـر معهم في الظروف التي تتسم بالتعقيد والتأزم كالتي مر بها حزبنا، إثر الأحداث التي واجهها عام 1982 في كوردستان، وتحديداً في بشت آشان، والتي ألقت بظلالها علينا جميعاً ولوّنت أمزجتنا بألوان مختلفة، لأمـرٍ في غاية الصعوبة، وتكاد أن تكون مستحيلة المنال، فبالإضافة إلى المهارة الفنية التي تتطلبها، فهي بحاجةٍ الى مواصفات آخرى منها البساطة، الصدق، النقاء، الاستقامة، النزاهة، الجهادية العالية والتسامح، أغلب تلك الصفات، إن لم أقُل كلها، كانت ملازمةُ للشهيد فارتان، وبعيداً عن الادعاء، كان يؤدي واجباته بهدوءٍ وكتمانٍ . ولد فارتان عام 1955 في آفدروكي التابعة لمدينة زاخو، لعائلة أرمنية مناضلة، فالأب شكري مراد، محاسب في إحدى الشركات، وهو مناضل وطني معروف، اُعتقل لمرات عديدة دفاعاً عن شعار السـلم في كوردستان في أعوام 61 ـ 62، ونزيل سجن ( نقرة السلمان ) السيئ الصيت عام 1963 و على يده تتلمذ فارتان على حب الوطن والشعب . غادر فارتان، الأبن الوحيد للعائلة، الوطن أثناء الهجوم الدموي الذي شنه النظام الدكتاتوري ضـد الحزب الشيوعي العراقي عام 1978، وأستطاع فيما بعد الالتحاق بإحدى جامعات الاتحاد السوفيتي آنذاك، لكن قلبه كان مشدوداً الى الوطن والى شعبه المكتوي بنارين، نار الحرب الطاحنة مع إيران من جهة، ونار الإرهاب والاستبداد على يد النظام من جهة أخرى . عندما تناهت إلى أسماعه عام 1981 نداء المنادي، يحثه إلى نيل شـرف المسـاهمة في إسقاط النظام الهمجي، وإنقاذ الشعب من براثنه، قاطع دراسته وترك طموحه في نيل الشهادات العليا جانباً، وتوجه إلى سورية ومن هناك إلى القامشلي في طريقه نحو كوردستان للالتحاق بصفوف الأنصار، إلا إن قراراً حزبياً صدر إليه يقضي ببقائه في القامشلي والعمل مع الرفاق القائمين على عملية عبور الأنصار إلى كوردستان حال دون مواصلة سفره، كان هذا القرار مبنيا على ميزتين يمتاز بهما الشهيد، وهما جهاديته العالية في العمل دون كللٍ أو تذمر أولاً، وثانياً، كتمانه الشديد، فهو الذي يطبق عليه المثل القائل عندما تعمل يمينه لا تعلم شماله بالأمر . كان شجاعاً باسلاً، يرافق المفارز إلى أعمق نقطة داخل الأراضي العراقية، ولمتطلبات أمنية يرافق الأدلاء أثناء عودتهم إلى الأراضي السورية، كان يُكلف في الكثير من الحالات بالمهام التي تتطلب السرية التامة و الذهاب منفرداً، ولفرط شجاعته كان يوصَـف أحياناً بالتهور، لكنه لم يكن هكذا، وإنما كان يتحلى برباطة الجأش وتمالك النفس في الملمات الحرجة، ويبلي بلاءً بطولياً في المصادمات التي تقع أحياناً على الحدود أثناء عبور المفارز، وكانت تربطه وشائج الألفة والمحبة بالعوائل التي هي من أعضاء الحزب الشيوعي السوري الشقيق التي تستضيف رفاقنا في تلك المدينة . كانت رغبة تواجده داخل الوطن، والعمل بين جماهير كوردستان، تغلي في داخله، وإجادته اللغة الكوردية واللهجة البهدينية خاصة تساعدانه للعمل وسط الفلاحين، لذا كان تواقاً وملحاً للسفر إلى الوطن، في عام 1983 سمح له بالسفر إلى هناك وسافر . لقد كلف في كوردستان في منطقة البهدينان بمهام عديدة، من ضمنها التجوال في القرى والاحتكاك بالفلاحين وكذلك الهاربين من الخدمة العسكرية زمن الحرب مع إيران، وشرح سياسة الحزب ومواقفه لهم، ومحاولة تنظيمهم والتعرف عن قرب لأحوالهم ومشاكلهم، كل ذلك إضافة الى مهماته الأنصارية، والتي جـُرح في واحدة من معاركها، وتعرض عام 1985 مرتين لمحاولة الاغتيال وجـُرِح في إحداها . اُغتيل الشهيد فارتان شـكري مراد غدراً في 1986\8\31 في قرية بيركة التابعة لمناطق دوسكي القريبة من قضاء باطوفة، على أيدي مرتزقة ( جحوش ) النظام، الذين باعوا أنفسهم وضمائرهم لأعداء أمتهم وأصبحوا مطايا لمستخدمي الغازات السامة ضد أبناء شعبهم . لك المجـد والخلود أيهـا البطـل، ستبقى حياً في ضمير رفاقك وشعبك.
|
||||
© حقوق الطبع و النشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |