هل يراعى بتأليف الحكومة العراقيه اختيار القيم الحضارية ورفض الاعراف الجاهلية..؟!

 هلال ال فخر الدين

hilal.fakhreddin@gmail.com

اذهل شعب العراق العالم كله شرقا وغربا عندما خرجت جموع الشعب في استفتائين وسط الطلقات الطائشة والسيارات المفخخة والسكاكين الحادة التي تقطع رؤوس البشر ببربرية متعمدة لاتفرق بين رجل أو امراة او طفل او عجوز او شيخ بين عراقي او عربي اوقوات اجنبية لاتفرق بين هذا وذاك لان الهدف هو الارعاب والارهاب وفي خضم انفلات امني وتهديدات وتهويشات داخلية ومكائد ومؤامرات خارجيه وفي ظل ظروف غير طبيعية بكل معنى الكلمة ..ولاتحدثنى هنا عن الحرية أو أي قيمة إنسانية أخرى لانها جميعا ضاعت منذ مئات السنين تحت سنابك الخيول وصليل السيوف في مزايدات فقهاء الدم والحقد في الأزمنة القديمة وتحت جنازير الدبابات وانقضاض الطائرات والصواريخ عندما تقدمت البشرية وسلكت طريق الحضارة في انقلابات الثورجية في العصر الحديث!!

وسط هذا المناخ لم يكن هناك أحد –بما في ذلك الرئيس بوش ذاته- يتوقع ان تخرج جموع الشعب العراقي بهذه الاعداد تتحدى (بعابع )السيارات المفخخة ودانات الهاون والاربي جي وطلقات الكلاشنكوف التي (تتكتك)عشوائيا ليلأ ونهارأ وبلا هدف..

وسط هذا المناخ الارهابي القاتم خرج العراقيون السنة والشيعة والاكراد والتركمان والكلدان والاشوريين وو.. يصرون على الادلاء بأصواتهم واختيار ممثليهم الحقيقين في عراق جديد توحد الجميع تحت لوائه ..أن يكون القوة الحقيقية الرابضة بقوة وثبات عند البوابة الشرقية للامة العربية في رفع مشاعل الحرية والاخاء والتعددية وحقوق الانسان والديمقراطيةوالسلام ودولة المؤسسات وسيادة القانون الى العالم العربي والاسلامي المستعبد..

كذلك ابدى الشعب العراقي زيف الانتخابات لطغات العروبة التي تحقق رقما قياسيا في الاسفاف والاستهانة بابناء شعوبها عندما يعلنوا حصولهم على نسبة 100%من اصوات الناخبين!إسفاف ما بعده إسفاف ولكنه متوقع من امثال هؤلاء الاشقياء الذين ابتلتنا بهم الاقدار بانتظام وبين الحين والحين ..المصابون بجنون العظمة ومفاهيم الاستبدادومعاير الجاهلية

بمايمارسوه من قسوة مفرطة ورعب رهيب واجرام فضيع في قهر الشعوب ..

وعندما يحين وقت القوة والقيادة والاقدام واتخاذ القرار يكونوا اول من يفرون من المواقف ومن خلفهم كل المرتزقة والابواق والحناجر التي كانت تهتف لهم –تمام كما هرب صدام ليعيش كالفار داخل حفرة مهينة تحت الارض ..!

وتمام كما اختفى في لمح البصر كل مريدوه من فوق الساحة العربية بطولها وعرضها وانخرست أصواتهم فجاة وإلى الابد بعد ضجيج وعجيج وصخب غوغائي استمرا عقودا طويلة من الزمن المظلم المغيب للوعي والمحجر على العقل!

كذلك أبدى الشعب العراقي شجاعة منقطعة النظير عندما ألقى بالقفاز في وجه عصابات هيئة علماء الارهاب ومعممي صدام ونجوم فقهاء الفضائيات المسمومة الذين يحرضون على ذبح المواطنين ويكبرون لانفجارات السيارات المفخخة ويلوثون عمدا وجهلا سماحة الاسلام ورحمته وتعاليمه العظيمة التي نشرت العلم والحضارة وفنون الحياة في ارجاء الكرة الارضية بأكملها بما في ذلك القارة الاوربية ولكنها انتكست بسبب زرع الخلافات المذهبية في مكائد السياسيين المتسترين برداء الدين (مرتزقة المعممين)من منطلقا ما يتخفى وراءها سلاطين المسلمين(لكي يمارس الانسان الشر يجب ان يؤمن اولا بأنه يقوم بعمل طيب)سعيا للسلطة والنفوذ وجاه الدنيا الذي كان أن زال من وجه الجميع .

كذلك ابدى الشعب العراقي صموداابهر العالم بأسره عندما ذهبوا يجودون بأرواحهم عند صناديق الاقتراع غير مبالين بتهديدات التكفيرين ونباح الصدامين وتنفيذها عمليا كشهادات مقدما لما كان يمكن حدوثه عند صناديق الاقتراع ..ومع ذلك قررالعراقيون ان يجودوا بانفسهم ..لماذا؟! هنا ستكون الاجابة اللطمة لكل القومجية والاسلامجية ومشايخ فتاوى الارهاب ..لقد قرر العراقيون ان يقولوا نعم للحرية نعم للتحرر من نظام الدكتاتورية و التخلف و الاجرام ونظام الجاهلية البائده ونعم للتحرر من ربقة اصحاب النصوص الدموية الذين اصابهم الدم البرىء بالسعار واللوثة ..لقد رفض العراقيون دكتاتورية الطائفية والجماعات المتأسلمة ودكتاتورية القومجيةوالحزب القائد ودكتاتورية التفرعن والابادة ..!

لقد قالوا لكل المتشنجين في بلادنا تأييدا للمقاومة العراقية الدموية الفاشية ..ألا تستحون اليوم ؟!

ألا يندى جبينكم بعرق العار؟!

لقد قلتم انها مقاومة وطنية رغم كل الوان الذبائح التي طالت كل شريف من المواطنين وكل بريء من المستأمنيين!

ان المقاومة كعمل عسكري يهدف الى مصلحة الوطن والمواطنين كي تصف بانها وطنية ان تقرها كل اطياف ومفردات الوطن ..وهي بهذا المعنى مساحة لتبارى أبناء الوطن في كسب شرف الدفاع عنه ضد اجنبى يحتل ترابه نعم هذه المقاومة الوطنية..!

واذا كان شعب العراق قد قال نعم للانتخابات الحرة فقد قال( لا )لكل مقاطعي الانتخابات وقال (لا )لكل قاطعي الرقاب وسحب عما ظلوا يسمونه مقاومة مظلتها الشرعية ولم تعد مقاومة وطنية كما احب اشقيائنا وعناترتنا وفقهاء فضائياتنا تسميتها..لان الاجماع الوطني العراقي قد انعقد على ان هذه المقاومة خارجه عن الصف الوطني وعن الشرعية وو..!

قد يتصور احدنا ان ماجرى في العراق اثناء انتخابات 30 – ا و15-12 الماضى هو انتصار للرئيس (بوش) والولايات المتحدة وبريطانيا والعالم الغربى بأكمله وان هذه الكلمات والاسطر تندرج في اطار الدعاية لتلك الدول وقادتها! وهذا ليس صحيح بالمرة وأبعد ما يكون عن أهدافنا وقناعاتنا التي هي في الواقع ارادة هذا الشعب وتصميمه على الانعتاق من ربقة الماضي البغيض الذي جثم على صدر الشعب طوال تلك السنين العجاف وضحى في سبيل الخلاص منهابكل غالى ونفيس وبما لايتصوره احد في الدنيا باسرها..لاجل ان يعيش ويحيى حياة (الانسان) التي افتقدها لعقود..!!

ان خروج العراقيين واصرارهم على اجراء انتخابات حقيقية حرة وهو انتصار ليس للعراقيين فقط بل هو انتصار للعرب والمسلمين والشرق!!

أما الرئيس بوش ودول التحالف فقد تصوروا ان انتصارهم تحقق يوم ان خرج الشعب العراقي ليحطم وثن الجاهلية (الصنم ) في ميدان الفردوس بقلب العاصمة بغداد ويسحله الجميع ويدوسه بالاقدام والنعال يومها خرج الاعلام الامريكي والغربي ليقارن بين هذا الحدث وبين انهيار (حائط برلين) في عام 1989 وانه انتصار حاسم ونهائى لهم..!

ولكن هذه الانتخابات افرزت الهوية العراقية الحقيقية نفسها وما تصبوا اليه ..

ألا ترون حجم النظج السياسي والحس الوطني بعد سنوات قهرمريع وعذاب طويل تباعد ت بهم بمسافات عن الشعارات الضخمة التي طالما كانت الطريق المستديم الى الهزائم العربية التليدة ؟ الاترون العراق اليوم رغم تكالب كل قوى الشرودسائسها ومكرها الى جانب (جهاد) عصابات صدام وفتاوى عتاة هيئة معممي الارهاب وتحريض كل الفضائيات المتأسلمة والمستعربة بالاخص على اكل لحم اخيهم جريحا قبل حتى ان يموت؟ رغم فنونهم الباهرة في المكر والخبث في قنواتهم واستيلاد هذه القنوات لمزيد من مشايخ التخلف والكراهية والدم وتحفيز المزيد من الشباب للقتال والقتل والدمار..رغم استيلائهم في كل بلاد المسلمين على عقول الرعاع والمغفلين من المسلمين من على منابر الوعظ والارشاد في مساجد المسلمين كل هذا الحشد من اشباح الماضى الكريه اجتمع بكل فنونه ضد العراق لكنهم جميعا فشلوا واحبطوا في اقناع المواطن العراقي بانفسهم لانهم شاهدوهم باعينهم وسالت دمائهم ضريبة زكية اليقين للخلاص من كل الوان الجاهلية والفاشية والصدامية..

رغم المتفجرات ورغم الذبائح البشرية على قربان الكراهية ورغم اعمال الخطف ورغم العنف ورغم الارهاب ..رفض العراقي ان يرضخ لهم بعد ان وجد النور طريقه عبر الثقب في جدار الظلمة الذي طالما حلم به وشاهده وعاينه لذلك رفض ان يعود الى ماهو وراء التاريخ لقد قرر العراق ان ياخذ حظه من الدنيا بعد عذابات تنوء بها الجبال الرواسى لقد اختار العراق المستقبل ورفض الماضى اختار العقل ورفض الخرافة اختار الحضارة ورفض الجاهلية اختار القيم الانسانية ورفض انصاب الوثنية ..

لقد اختار العراق ان يبصق في وجه كل اوثان الجاهلية العربية بصقة من نوع ثقيل العيار لاول مرة في تاريخهم عبر انتخابات حقيقية في ارض الرافدين بصقة الاطهار على وجوه المتكهنين والاحبار والاصنام من قومجية واسلامجية طالما ساندوا الدكتاتور ضد شعبه ..ان العراق سعيد جدا بهزيمتهم ومعه كل شرفاء واحرار العالم يهيمون به وجدا وبشعبه اعتزازا وبناسه احتراما لهذا الحجم من التعقل والتروى والانقلاب في ظل ظروف عاتية عبثية همجية ولهذا الحجم من استيعاب المواقف ولهذا الحجم من الاتفاق على القرارالنهائى

ماهو ياترى موقف المقاومة وموقف النابحين من نوافذ قصورهم معها ؟! هل ستظل المقاومة شرعية وطنية؟ أم لابد ان تتحول اليوم وفورا إلى إدانتها باعتبارها اعمالا إرهابية مرفوظة من كل النابحين والمستثمرين وتجار كوارثنا واهل (الكوبونات النفطية)ومن اعلامنا ..على كل هؤلاء اليوم إن كانوا ابناء هذه البلاد حقاوان كانوا احرارا كما يزعمون وينتمون الى تلك الامة صدقا ان يقدموا (اعتذارا) تاريخياواضحا لشعب العراق ..!

لقد اعلن العراقيون إسقاط صفة الوطنية عما يسمونه المقاومة المسلحة (المستوردة)لتتحول الى ارهاب فصيح صريح بقرار شعبي عارم ..!

إن المقاومة الحقيقية اليوم لاتفرض نفسها على ابناء الوطن بقوة العنف والسلاح –اسوة بسيدها صدام- إنما عليها ان تحل نفسها بنفسها بعد ان لفضها الشعب وقال كلمته الفصل ..فان استمرت في غيها وارهابها فستكون هي الغزو الخارجي المتحالف مع الطابور الخامس الداخلي ..لن يقف فيه العراق وحده مع دول التحالف وكفى إنما سيقف فيه كل العالم مع العراق ضد الارهاب ستكون المقاومة اليوم هي مقاومة الوطن كله ضد جماعات ارهابية داخل الوطن وقد بدأ الشعب العراقي هذه المقاومة الشريفة بصناديق الاقتراع المعمدة بالدم والمصونة باشلاء البواسل من ابنائه الشهداء الابرار ..!فان استمرار ثقافة القبيلة واستمرار الاعلام العربي على مواقفه من العراق فهو ما يعنى رغبة في تمزيق العراق الذي ولد الان عراق لم يعد بحاجة الى فنون خبرات العروبة ولا تضلع الجماعات المتأسلمة والوهابية في الدين واصوله السلفية بقدر ماهو بحاجة الى كف اذاهم عنه..!

 ولان أطلت برأسهاحثالات (العصمنلي)وعصابات صدام وتسندهم انظمة الجاهلية في المنطقة ينبحون ويهوشون حول ما افرزته صناديق الاقتراع واظهرته نتائج الانتخابات في ودعاوى وطعون مزيفة كاخواتها السابقات وهي اخر ماتبقى بجعبتهم من اوراقهم المحترقة.. فاستجابت لهم قوى الشر والظلام بحجج (الوفاق)وادلوا بدلوهم وارسلوا المحققين ..ورغم كل التلاعب... لكن بان الزيف ولايضير وارتدت السهام الى النحور ..والان حصحص الحق وقد خاب من افترى وبان الاستحقاق الانتخابي في(العراق)واضحا..صريحا..فصيحا .. -ولكن بشرط ان يكون بعيدا عن المحاصصة الفئوية والتشكيلات الضيقة ويبنى على اساس الخبرات والكفاءت والنزاهة والماضي النظيف وكذلك من غير ضغوط وفروض واملاءت وفاء للشعب والمبادىء السامية والمسؤلية التاريخية الجسيمة -حتى يبقى هو الفيصل بين قيم ماهو وطني ديمقراطي وحضاري وبين اعراف ماهو دكتاتوري وارهابي وجاهلي..!!!

 

العودة الى الصفحة الرئيسية

 

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع و النشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com