|
في ذكرى ثورة الحسين (ع)
المهندس صارم الفيلي تمر علينا هذه الأيام ذكرى محرم الحرام , وذكرى عاشوراء . انتصار الدم على السيف في تلك الوقفة الرسالية التي وقفها أبو الأحرار ألأمام الحسين (ع) . وهو يدافع عن الأسلام بقيمه ومفاهيمه وروحه . أمام تلك الهجمة الشرسة التي أرادت أن أن تنحرف بالأسلام المحمدي العلوي الأصيل . لذا أراد المجرمون أن يتخلصوا منه للمضي في طريق الأنحراف في العقيدة والشريعة والأخلاق . لتتراكم مصاديق الفتنة وتتبلور الى " ثقافة " لقطع الرؤوس . نجد صداها في عراقنا الجريح . حيث أصبح القتل عند القوم تسلية والخطف تجارة . لكن أبى سيد الشهداء ألا أن يكون كما وصفه جده (ص) " الحسين مصباح الهدى وسفينة النجاة " . ليبقي على خط استقامة الأسلام ويمنع أن ينحرف هذا الخط ولو بزاوية صغيرة , ومنذ البدايات الأولى . لأن الأنحراف الصغير يتفاقم أكثر فأكثر مع أمتداده في خط الزمن الطويل . فهنا أدرك المجرمون خطر الحسين وهو شهيد . بعد أن أمطروا جسده الشريف بسهام ورماح الغدر والكفر , فحاولوا أن يمحوا أثره . بأن سووا قبره المبارك بالأرض أكثر من مرة . ليعود بعدها وفي كل مره شيعته الى حيث جثمانه الطاهر . ليبقى (ع) في وجدان كل الأحرار . يشحذ في ضمائرهم جذوة الثورة ضد الظلم ويحبب الى أرواحهم حلاوة الأستشهاد في طريق خدمة الأنسانية والمبدأ . ومن هنا كانت عظمة الحسين (ع) كأعظم تجلي لمصاديق تجاوز الذات , وأعتبار الوحي والعقل هما معياري القيم , ومحفزي حركة الأنسان فيقول (ع) " لم أخرج أشرا ولا بطرا , بل خرجت لطلب الأصلاح في أمة جدي " . نعم أنها حركة تسبطن كل ما هو قيمي , لينقل الأنسان الى ما يبعده عن كل ما يدور في دائرة المصلحة الآنية المقامة على قاعدة أللا مبالاة أمام حركة الأحداث , أو الحيادية في مواضع الفتنة والأبتلاء , كونها ستكون خيانة لروح الثورة الحسينية . وهنا نأتي لعلة كون هذه الأيام الحسينية خالدة ومباركة , كونها أنارت الدرب للمستضعفين والمحرومين لينهضوا ويجاهدوا . وكم ذكر لنا التاريخ أن حياة الحسين , وسيرة الحسين , كانت وتبقى مشاعل أضاءت و تضئ طريق من لا يقبل الذل والعبودية ألا للواحد القهار سبحانه وتعالى , ويتحرك في درب الحرية والأنعتاق من كل مصاديق الظلم . أن الشخصية الحسينية العظيمة وخطابها أمتدت تأثيرها خارج العالم ألأسلامي ليستفيد منها كل الثوار الأحرار في العالم . فهذا غاندي يقول قولته المشهورة أثناء حركته ضد المحتلين " تعلمت من الحسين أن أكون مظلوما لأنتصر" . أن ثورة الحسين (ع) أصبحت لها عند شيعته كيانا فكريا ,أجتماعيا, عاطفيا , شعبيا . يعيشونه على طول العام ,خصوصا في هذه ألأيام الخالدة , وفي مجمل تفاصيل حياتهم أبتداءا بشرب الماء وتذكرهم له , وانتهاءا بالعمل السياسي الذي يستقي من الحسين قواعد تحركه . لذا على الشباب أن يتربى على مبادئ هذه الثورة , وعطاءات هذه الثورة ليستلهموا منها الدروس والعبر التي تنير لهم الطريق . فكل مالدينا من عاشوراه " رحم اللة قائلها وأسكنه فسيح جناته" . نعم هو كذلك , وعبر التاريخ , أتخذ الشيعة من ثورة الحسين (ع) نبراسا لهم , لرفض كل أنحراف يؤدي الى قتل الأنفس وهتك الأعراض ونهب الأموال . رفض وفضح كل الذين أسبغوا على الطواغيت من صفات أئمة الحق , والذين أستعانوا بالمتنسكين أدعياء القداسة من وضاع الحديث وفقهاء السلاطين مايمكنهم من التمويه على الجمهور بأستخدام المصطلح الديني في خدمة دولة الطاغوت , ليصل لنا هذا الموروث المشوه , خارج دائرة أحاديث أهل بيت العصمة(ع) . مثل " عليكم أن تصبروا على السلاطين وظلمهم ..إإ " . أين هذا من الحرارة التي تتجد كل عام , في هذه الأيام , في قلوب المؤمنين ليبذلوا من أموالهم ومن أوقاتهم ما يستطيعون من أجل أستمرار عطاء ثورة الحسين بكل أبعادها في مجتمعاتهم , وأينما وجدوا . ليكون المنبر وسيلة والبكاء وسيلة والموكب وسيلة كي تعكس كل تلك المعاني الحسينية الخالدة في سلوكنا وحركتنا , كي تكون بعونه تعالى صلاحا , حينها نكون أوفياء لذكرى الحسين ويوم عاشوراء لأن الحسين (ع) أراد منها طلب الأصلاح في أمة جده(ص) . لنحقق هدف الحسين (ع) في تحقيق المجتمع الرسالي التي تتجسد كل غايات واقعة الطف فيه . وهذا هو محتوى الأتباع والأقتداء وتفسير لتعظيم شعائر اللة . فقد أمرنا الأئمة(ع) بأحياء أمرهم , فقالوا " أحيوا أمرنا , رحم اللة من أحيا أمرنا " . أن الناظر الى أتباع أهل البيت عليهم السلام وشيعتهم المخلصين يجدهم يحيون هذه المناسبات المقدسة , ليثبتوا أعلى درجات الحب والولاء لأهل البيت (ع) . لدوام التفكر وأخذ العبر منهم . أللهم صل وسلم وبارك على صاحب الدعوة المحمدية , والشجاعة الحيدرية , والعصمة الفاطمية , والصلابة الحسنية , والأستقامة الحسينية , والعبادة السجادية , والعلوم الباقرية , وألآثار الجعفرية , وألمآثر الكاظمية , والحجج الرضوية , والفضائل الجوادية , والأنوار الهادية , والهيبة العسكرية , والحجة ألألهية .
|
||||
© حقوق الطبع و النشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |