|
كان الحضور ضعيفاً في هذه الجلسة، إذ حضر ثلاثة فقط من المتهمين الثمانية وغياب قائدهم الصنم ومدير الدعاية والتحريض المتهم برزان وخادمهم طه ياسين وأثنين أخرين. لكن حضور ثلاثة من الاقزام السبعة الى المحكمة يعتبر بحد ذاته خروج عن وصايا الصنم وقيادته المطلقة للمتهمين. ففي المرة السابقة طرد هو وثلاثة من أقزامه وبقي اربعة منهم وفي هذه الجلسة أمتنع خمسة منهم عن الحضور. كل ذلك يدلل على حدوث شرخ في وحدة المتهمين وخروج بعضهم عن كنف الأب القائد نعله الله. كما أمتنع عن الحضور محامي الدفاع مما انتدت المحكمة ثلاثة محامين جدد. هذا الغياب سيسجل نقطة سلبية ضد القاضي وضد هيئة المحكمة بشكل عام وسيؤثر سلبا على المتهمين أنفسهم. فهيئة الدفاع حاولت ان تجد ادنى الأعذار للأنسحابها من المحكمة. بعد ان تيقنت ان بالوناتها المفرقعة قد أفسدت ولعبها على الحبال باتت ضيقة لذلك فضل كل أعضاءها الانسحاب حفاظاً على ماء وجوههم الكالحة. كان رئيس محامين الدفاع خليل الدليمي قد أصدر بياناً تعجيزياً لضمان عودتهم الى المحكمة ( يعني شحاد ويشارط). كان أبرز شروطه هي. * اعتذار القاضي الجديد للمحامي الأردني. لكن لا اعرف عن ماذا يعتذر؟ ومن هو الذ ي يفترض أن يعتذر من الاخر؟ فمن اخل بقواعد الجلسة، هو المحامي الذي جاء ليشد همم الدفاع بعد ان فشل المدافعون العراقي والقطري والأمريكي. فمنذ اللحظة الأولى راح يهتف ويخطب كانه سيحرر فلسطين من قاعة المحكمة. * طلب المحامي * خلاوي* أن تكون مدة التأجيل بين جلسة وأخرى لا تقل عن شهر كحد ادني ليتسنى للمحامين الاجانب ترتيب مواعديهم. هذه أول سابقة في قاعات القضاء وهو ان يرتب القاضي مواعيد جلساته حسب أوقات المحامين وكأنه يطلب من القاضي أن يحدد لهم أكثر من موعد وهم سيختاورا موعد يناسب المحامين الأجانب وموعد اخر يناسب المحامين العرب وأن لن يتفقوا فستؤجل الى الجلسة الى أشعار أخر... تره ماكوا هيكي دلال بكل محاكم العالم. * حماية المحامين وعوائلهم من التهديد القتل. وهنا نسى المحامي * خلاوي* نفسه أنه في بلد لن يضمن القاضي نفسه من محاولات الاغتيال. * عزوف القاضي عن عصبيته وان لا يتصرف بناء على حكم مسبق. وكأنه يطلب من القاضي ان يفصل مزاجه وتصرفاته حسب توجيهات لجنة الدفاع. لكن الغريب في هذا التصريح هو ان المحامي * خلاوي * كان عصبيا ولوح بتهديد شديد اللهجة قائلا...في حال عدم تلبية مطاليبه واستمرار المحكمة سيقاطعون الجلسات وستشهد البلاد حرب اهلية لن تخمد نارها بسهولة. وهذه سابقة غير مطروقة في ساحات القضاء فشروط المحامي * خلاوي* لايمكن باي حال أن تكون تهديدية. فعلى مايبدوا ان رئيس خدم النظام المقبور* خلاوي* نسى نفسه بأنه يوجه بيانه الى هيئة المحكمة وليس في معركة انتخابية لتشكيل الحكومة القادمة. كانت هذه الجلسة فقيرة في وقعها الدرامي وضعيفة في لقطات الأثارة والشد الخطابي الذي تعودنا أن نسمعها من الأخوين المتخاصمين. لكن هذه الحلقة تميزت بأدلتها الدامغة بحيث وجه الشهود سهامهم المباشرة الى قلب المتهمين وخصوا بالذكر ثلاثة أضواء المحكمة وهم الصنم و برزان وعبدهم المطيع طه الجرافي. إذ تشجعت أحدى الشاهدات لفضح اساليب التعذيب بحق النساء أبتداءا من تعريتهن الى أشكال التعذيب بالكهرباء. فقد اكدت أن برزان حضر تعذيبها بنفسه وعلقها من يدها عارية في المروحة وحين لم يثن عزيمتها عاد وعلقها من رجلها وهي عارية ايضا ثم ركلها برجله ثلاث رفسات مما كسر عظام صدرها الذي لم يلتحم لحد اليوم وهي تعاني أثار واضحة عليها. كما استخداموا تعذيب الأطفال امام أعين أمهاتهم ومحاولات أغتصاب واعتداء ناهيك عن الاساليب الأخرى. إذ لم يمتلكن الشاهدات الرغبة في البوح عنها تفصيلياً لكنها اكتفت أنها اغمى عليها حين أحضر أخيها اليها. هذه دلالات تثبت زيف وكذب الصنم وزبانيته طيلة ال 40 سنة التي حكموا بها البلاد بالرعب والقتل والتغييب. كانت الشاهدتين قد خرجتا عن صمتهما وأعترفتا بكل اساليب التعذيب المهينة للكرامة والشيم العربية الاصلية التي يتبجح بها قادة النظام المقبور وزبانيته. تلك المماررسات التي تشكل قطرة في بحر من أشكال التعذيب والتغييب التي شملت مئات الأف من العراقيين الابرار. كنت اتمنى ان يكون المتهم الدجال برزان حاضراً في هذه الجلسة لنستمع لأكاذيبه اللأنسانية في الرد على تلك الشهادات القوية التي تفضح وحشيته في التعامل مع المتهمين الذين لم يعرفوا اسباب أعتقالهم. هذه الشهادات وغيرها أثبتت فشل تمثيل مشاهد رخيصة يؤديها الصنم في المحكمة إذ يستهل حديثه بقراءة أية من القران الكريم وأصراره على حمل كتاب الله قريبا من قلبه في كل جلسة. فهو يؤكد أزدواجية سلوكه المريض، كونه كجزار، سفاك، في الحكم وأنساني، شفاف، عادل أمام عدسات التلفزة. فنحن لم نسمع يوما ما انه قرء اية قرانية واحدة في كل خطبه الكاذبة. أنه بعيد كل البعد عن تعاليم الدين ولا يعرف ذكر الله إلا وهو متهم. الدلالة الثانية هي ان احد الشهود كان من عناصر الجيش الشعبي، أي أنه أبن المؤسسة القمعية الحاكمة. وهذه تعتبر افضل شهادة ممكن ان يدلي (وشهد شاهد من أهلها). اثبت هذا الشاهد تواجد برزان لمرتين في الدجيل. في المرة الأولى كان موجوداً في مقر الفرقة الحزبية لأشرافه المباشر على التعذيب والاعتقال. هذا المقر الذي تحول مكان لجمع جثث منفذين محاولة الاغتيال ومكان لتعذيب واعتقال الابرياء. وفي المرة الثانية كان موجوداً في مقهى عبود الفاضل في المنطقة القديمة من الدجيل. كذلك أثار الشاهد موضوع كيفية قتل الشهداء التسعة الذين تصدوا لموكب الصنم. أذ قصفوا بصاروخين في مكان مقاومتهم في البساتين مما تشوهت جثثهم ولم يستطع اهاليهم التعرف عليهم. كشف هذا الشاهد النجيب معلومات مهمة. كان أخطرها هي ان المجرم طه ياسين قد شكل فرق حزبية مقاتلة من 90 رفيق حزبي من ذوي الدرجات الحزبية العالية الذين حضروا من مدن أخرى خارج الدجيل. كانت مهمتهم تتركز في حماية الجرافات التي ستجرف البساتين وستهدم البيوت. وقد وثق الشاهد قسم من أسماءهم لهيئة المحكمة. لكن الحاكم لم يمر على اسماءهم كما ينبغي بالوقت الذي يعتبرون هؤلاء الحزبيين من المتورطين في الجريمة لكونهم حماة متطوعين لتنفيذ الجريمة. الدلالة الثالثة هي أن الشهود ذكروا أسماء مجرمين أخرين كانوا قد تورطوا في هذه الجريمة ولم يتم محاسبتهم أو استدعاءهم لحد الأن ولأستكمال عدالة التحقيق يتطلب أعتقال كل هؤلاء المجرمين. فيفترض من المحكمة أن تطالب بأعتقال وملاحقة كل من سمير الشيخلي وسعدون شاكر وأبراهيم أحمد الحسون ( أبو نبيل) وأبو أحمد ومدير الأمن والمسؤول الحزبي ومسؤول الجيش الشعبي لمدينة الدجيل واسماء الحزبيين الذين ساهموا في الأعتقال والتعذيب وفي جرف وهدم البيوت ويعفى من وفاة الأجل. أكدت الشاهدتان ان قسم من رجالهم وابناءهم وأزواجهم المعتقلين والشهداء كانوا من منتسبي المؤسسة القمعية الحاكمة لكنهم مع ذلك لم ينجوا من الأتهام والعقاب الباطل. كان أغلب الشهود ينوون أن يدلوا بمعلومات أكثر لكن القاضي حدد لهم طريق الشهادة طالباً منهم الأختصار والأجابة على اسئلة محددة. وهنا لابد من التأكيد أنه لو كان هناك محاميين للشهود لساعدوا على أنطاقهم بمعلومات أفضل تفيد التحقيق.
|
||||
© حقوق الطبع و النشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |