|
عاشوراء بين الأحزان والعبر.. وقفة تأمل مريم المدحوب / السعودية قضية عاشوراء من القضايا التي كلما حاولنا الإبحار في عمقها نجد أنفسنا على الشاطئ، لأنها قضية عظيمة لا يمكن وصفها تجريدياً .. فأبطالها عظماء .. يعجز اي منا أن يدرك او يعرف كنه هذه الحقيقة النورانية.. فمن منا لا يعرف الامام الحسين عليه السلام حق المعرفة ؟؟ من منا لا يعرف الحوراء زينب عليها السلام نعم المعرفة ؟؟ فكل ما نعرفه هوما رواه لنا التاريخ في حقبة ظلت مجهولة في تاريخنا الاسلامي ، ولكن ابعادها ظلت مآثر وسطور يحيها المسلمين في كل انحاء الدنيا ويقيمون لها الشعائر حتى تكاد تهتز الجوارح وتحتبس الدموع في المآقي عند عصي الدمع .. فعقول الملايين لم تعد ترى في واقعة الطف واستشهاد ابن بنت نبي الرحمة محمد (ص) اعظم العبر واعمق الاحزان لهؤلاء العظماء فحسب ، بل اعظم الذكرى كل عام .. لذا فنحن عندما نقف اجلالا لهذه الواقعة في تاريخنا الاسلامي انما نستذكر كل عام مع انفسنا لنقترب بعض الخطوات نحو حقائق ربما ظلت مختفية عن اذهان الكثير منا .. ففي عاشوراء الدمعة والعبرة والدماء.. عاشوراء موسم تجديد الولاء لاشرف سلالة من اصول النبوة .. عاشوراء موسم مكاشفة النفس لنفسها .. ففيها يتم استحضار الذكرى في كل عام من الذاكرة لتكون واقعا حياتيا لمواجهة من شذ عن طريق المسالمة ورأى في آل بيت الرسول "ع" اعظم ايات الجهاد .. فها هو عز من قال يقول في كتابه المجيد ( ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب) وفي عاشوراء يتم تعظيم هذه الشعائر المقدسة.. فهذا يقيم اعظم العزاء في مجالس عرفت بالتقوى واسترجاع ما في المخيلة من شعائر وذاك يرى في الجموع تشارك في اكبر عزاء للبشرية كان وما زال قائما رغم كل المحن .. وهذا يطعم الناس باسم شهداء واقعة الطف في كربلاء .. وهذا يشارك في مواكب القنوط والسير باشكال متنوعة .. كلاً حسب مقدرته وحبه للرسول وآل بيته الكرام .. فكل عاشق له طريقته الخاصة التي يعبر من خلالها عن مدى عشقه وهيامه.. هذا إلا أن البعض من الناس ضاعت عليه معايير التقييم والقياس في اية ذكرى للمسلمين حتى بدا وكأنه اقرب الى الحقد الدفين منه في ابداء العزاء والمشاركة مع الجمع الغفير من ملايين المسلمين فيما لا يعنيهم.. يحشرون أنفسهم.. مطالبين ملايين الناس الخضوع لرؤاهم حتى وان كانت بها من الاعوجاج اكثر من الاستقامة .. فتراهم يرفضون ما لايعرفون ويصرون على ما لايريدون ان يتعلموه واستيعاب دروسا جديدة في مدرسة ال بيت رسول "ع".. عاشوراء ليست قضية وذكرى فحسب .. عاشوراء قضية إنسانية عظيمة .. بل واقعة تستحق التأمل والوقوف عندها فهي بحق وجع الإنسانية كلها .. فالتعاطف معها لابد من أن يكون في مستوى لائق بعظمتها.. ففيها أسيلت دماء اهل بيت رسول الرحمة محمد"ص" .. وفيها تعرضت اعظم نساء الامة الاسلامية باجماع كل المذاهب الى السبي وهو عار بحق من يؤمن برسالة النبي محمد"ص" ويحاول ان يبرر الجهاد الان دون ان يرى نساء النبي وهن ثكالى في واقعة كربلاء ، اية حكمة عمياء تلك التي يرى فيها المتدينون الجدد احقية الجهاد بعد ان لطخوا تاريخ الامة الاسلامية بفعلتهم هذه .. وذبح الأطفال .. فهل البكاء يشفي غليل الذكرى ام التشفي باسرة رسول الله في زمن الظلام في فترة من فترات الدولة اللااسلامية المظلمة ؟؟ ان كان البكاء او استذكار الواقعة لا يعني بحال هو رد على قتلة ال بيت الرسول واولهم سيد الشهداء الامام الحسين "ع" انما تعظيم لذكراهم عبر التاريخ .. تتعالى الاصوات هنا وهناك ويرى البعض الآخر من الناس عكس ما نرى في استشهاد الامام الحسين وال بيت النبي على ايدي حكام ادعوا الاسلام ونسبوا اصولهم الى الرسالة المحمدية وتاريخ الامة الاسلامية المجيدة وهي ابعد ما تكون عنهم في المعنى والمبنى .. ان المحزن في ما يبدو لنا من امور احياء شعائر استشهاد الامام الحسين "ع" هو اعتراض البعض على استعادة الذكرى واسترجاعها لتغطي الواقع كله وليشعر الجميع بها ومدى الالم الذي خلفته في النفوس عبر عشرات القرون .. العبرة هي ما آلت اليه احوال الامة منذ استشهاد ال بيت الرسول والى يومنا هذا ، ولكن المأساة في الأمر أن البعض لا يعرف التفرقة بين الشعائر والقضايا الإنسانية مما دفع البعض للمطالبة بايقافها او ردع من يحيها وكان مشاعر الملايين تخضع للدكتاتور هنا وهناك في اصقاع الارض في مشارقها ومغاربها .. سلاما عليك ابا الشهداء الامام الحسين وعلى كل من استشهد معك من صلب رسول الله ومن اصحابك الذين باعوا الدنيا بالاخرة في زمن الطغاة وجبابرة الاسلام المزيف الذين ما زال اتباعهم يعبثون في الارض كفراً تارة باسم الجهاد المزيف وتارة اخرى باسم الفتاوي المضللة ، وانا لله وانا اليه راجعون .
|
||||
© حقوق الطبع و النشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |