|
الحسين "ع" عنوان الخلود جعفر عبد العزيز الصفار – تاروت (السعودية) مع مطلع كل سنة هجرية جديدة ، تصادفنا الذكرى الإسلامية العطرة لتعطينا دروسا و عبر في منهج الحياة الإسلامية ، كما تحاورنا أيضا البطولات الإسلامية العظيمة بثقافة قرآنية رحيبة تتسع لكل التعدد الإسلامي جامعة إياه في وحدة واحدة أشهر ما تنعت به الإسلام المحمدي الوجود، و الذكرى الأثقل و الأرحب في هذا كله ،. هي ذكرى الإمام أبي عبد الله الحسين عليه السلام، شهيد كربلاء و سبط النبي الأكرم(ص) و صنو سيدا شباب أهل الجنة و رائد الإصلاح في الزمن الإسلامي كله، إنها واقعة الطف التي لديها خصوصية إسلامية عالمية تنضح بتعاليم الإسلام و أبعاده الرسالية في الحياة... بيد أن هذا الحدث الإسلامي الخالد، في الوعي الإنساني ككل، يستدعي تجاوبا معرفيا واسعا و عميقا كما يتطلب زادا إيمانيا كبيرا وروحا عاشقة لدروب اللطف الإلهي ومسارعة في ميادين المبادرين لامتحان الكمال، لأن كربلاء الحسين عليه السلام سر رسالي عظيم انفتح على الكون الفسيح و الزمن الرسالي البعيد ككل، دون أن تتعقد من الواقع المر، بل على العكس من ذلك،عمدت لإصلاحه واجتثاث الفساد من نفسه، مما جعل اكتساب ثقافة هذا السر الكربلائي استحقاقا تعب مستتعب لا يقدر على حمله إلا مؤمن امتحن الله قلبه للإيمان ؛ وأفاض عليه من إحسانه . على هذا الأساس، يبدو أن إحياء عاشوراء مسؤولية عظيمة و تكليف ثقيل، قبل أن يكون تشريفا إحيائي فقط... و حتى نتنفس هواء كربلاء القيمة و نستمد القدوة من شهادة الحسين عليه السلام و الولاء الحقيقي من تضحيات أصحابه الكرام رضوان الله عليهم والصبر الجميل من صبر أهل بيته عليهم السلام ، لنحيا حياة إسلامية كريمة نبراسها الثقافة الحسينية؛ بعد هذا يكون واجبا علينا أن نرسل عناوين الثقافة الحسينية بروح جديدة في واقعنا الإسلامي القابع بين قوسين أو أدنى من التخلف الحضاري و الجُبن الرسالي... فعلينا للثورة الحسينية حقوق .. حق الحفاظ عليها عبر أحياءها .. وهذا الأحياء يتطلب منا جهد و وعي كامل بأهداف ثورة الإمام الحسين (ع) المقدسة وأبعادها .. " هذه هي كربلاء . . .كربلاء الكروب . . .كربلاء الفاجعة . . .كربلاء المضيئة رغم بشاعتها . . .كربلاء الزاكية رغم أوجاعها . . .كربلاء الموت مِن أجل الحياة . . .ظاهرها شنيع وباطنها وديع . . .فكانت الصخرة التي تشقّقت ليخرج منها الماء . . .وكانت الآلام التي تسبق الولادة . . .وكانت التضحية مِن أجل البقاء . . ." شيعتي يا كرام يا عظام المقام . . . فاندبوا يا حُسين بفؤادٍ حزين وبعد أن أستشهد الإمام الحسين "عليه السلام" مع أنصاره هل في الحقيقـة أستشهد الإمام الحسين (ع) ؟ وهل كانت " كربلاء " مجرد حادثة فقط ؟ و لماذا نحي ذكرى الأمام الحسين "ع".. ماذا تعلمنا من الحسين؟ ... لماذا نبكي على الإمام الحسين عليه السلام ؟ فجميل أن نتذكر مصائب أهل البيت لنصلي عليهم ولنلعن ظالمهم ..وغاصبيهم ليكن هدفنا الأول والأخير هو المساهمة في نشر ثورة الإمام الحسين (ع) بشكل متألق ليعكس تراث أهل البيت (ع) وعلمهم ..
*ماذا تعلمت من الحسين؟ فهو كل عام يكبر و تكبر معه متطلباته و يزيد تعطشه للإمام الحسين فتأتي عاشوراء لتروي هذا التعطش بفيض الماء الحسيني.. نعم استفدنا الكثير والكثير ومع كل عام و في شهر محرم الحرام وشهر صفر تتجدد عندنا المعرفة والاستفادة.
*لماذا نبكي على الإمام الحسين عليه السلام ؟ عندما يتذكر المسلم ما جرى على العترة الطاهرة من أعدائهم ويتذكر عطش الإمام الحسين عليه السلام وعطش من معه من أهل بيته وأطفاله وأصحابه ، وحرق الخيام وسبي النساء فإنه من الطبيعي أن ينبعث من قلوبهم ما لا يتمالكون أنفسهم ؛؛ فتحترق قلوبهم ألماً وتسيل دموعهم حزناً على هذا المصاب الأليم .. فالبكاء على الإمام الحسين (ع) وتجديد مصابه يعتبر نوع من التأييد لنهضته والإقرار بهدفه . قال الرضا (ع) :"يا بن شبيب !.. إن كنت باكيا لشيء فابك للحسين بن علي بن أبي طالب (ع) فإنه ذُبح كما يُذبح الكبش ، وقُتل معه من أهل بيته ثمانية عشر رجلا ، ما لهم في الأرض شبيهون ، ولقد بكت السماوات السبع والأرضون لقتله ، ولقد نزل إلى الأرض من الملائكة أربعة آلاف لنصره ، فوجدوه قد قُتل ، فهم عند قبره شعثٌ غبْرٌ إلى أن يقوم القائم ، فيكونون من أنصاره ، وشعارهم : يا بن شبيب !.. لقد حدثني أبي ، عن أبيه ، عن جده : أنه لما قُتل جدّي الحسين أمطرت السماء دما وترابا أحمر . - إن في البكاء على الحسين سراً عظيماً من أسرار عظمة الإسلام، وعظمة الحق، وعظمة أهل البيت صلوات الله عليهم أجمعين فمن أدرك هذا السر العظيم في البكاء على الحسين فقد أدرك حقيقة الإسلام، وحقيقة الإيمان والتوحيد. فهذه آهاتي سطرتها في هذه الكلمات المتواضعة عليّ أكون قد وفيت القليل من تضحيات أبا الشهداء فإن هذه الكلمات الهدف منها معرفة ما بقلب كل موالي ومحب خصوصا لهذه الأيام العظيمة وهي عاشوراء الدم... إن ثورة الحسين (ع) أصبحت لها عند الشيعة كياناً فكرياً ,اجتماعياً, عاطفياً , شعبياً . فكل ما لدينا من عاشوراء " رحم الله قائلها وأسكنه فسيح جناته" . فهذا غاندي يقول كلمته المشهورة أثناء حركته ضد المحتلين " تعلمت من الحسين أن أكون مظلوما لأنتصر" .. نسال الله تعالى أن يوفقنا لأن نكون من أنصار الحسين بسلوكنا وأخلاقنا وعبادتنا وتمسكنا بالقران العظيم ومقارعة الظلم والظالمين وعدم الركون إليهم من اجل دنيا فانية زائلة يخسر من طلبها وينجى من تركها . فالقريب من الظالمين يكون من الذين خسروا الدنيا والآخرة ذلك هو الخسران المبين والبعيد عنهم ربح الدنيا والآخرة في حفظ كرامته ودينه. فما دام هناك صراع دائم بين الحق والباطل بين خط الحسين وخط يزيد فسيكون في كل ارض كربلاء وفي كل يوم عاشوراء .. وبهذه المناسبة نرفع أحر آيات التعازي والمواساة إلى حضرة مولانا صاحب العصر والزمان قائم آل بيت محمد"ص" الإمام المنتظر المهدي عجل الله تعالى فرجه نسأل الله أن نكون من أنصاره وأعوانه لنصرة الحق والأخذ بثار الحسين وأهل بيته عليهم السلام ؛وإلى الأمة الإسلامية جمعاء وعظم الله أجورنا وأجوركم أيها الموالون ونسألكم الدعاء ..
(1) الاثنى عشرية في الرد على الصوفية ، للشيخ الحر العامل . (2) بحار الأنوار . (3) جواهر البحار
|
||||
© حقوق الطبع و النشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |