|
مقابر جماعية للبشر والكتب!!!
جاسم هداد بعد سقوط النظام الديكتاتوري الفاشي ، تكشفت الكثير من جرائمه ، وظهرت المقابر الجماعية واحدة تلو الأخرى ، حتى تجاوز عددها المائتين وخمسين مقبرة جماعية ، ويقال ان كثيرا منها لم يتم كشفه لغاية الآن ، حتى ان احد المواطنين وجه دعوة من خلال الفضائيات لرجال الأمن وازلام النظام البعثي الذين كانوا مشاركين او شهود عيان لتلك المقابر بإخبار السلطات عن أماكنها ، وعليه اصبح مفهوم " المقابر الجماعية " متداولا رسميا وشعبيا واعلاميا ، وهذه من مخلفات النظام البعثي الفاشي . بعد سقوط نظام المقابر الجماعية ، راود العراقيين أمل بأن زمن المقابر الجماعية ولى واندثر واصبح من الماضي ، وتم طرح مفردات جديدة للتداول مثل " العراق الجديد " و" دولة القانون والمؤسسات" و" العراق الديمقراطي " و " العراق للعراقيين " وكثير من المفاهيم التي كان تحقيقها حلما للعراقيين وقدموا من اجلها التضحيات الجسام ودفعوا اثمانا غالية جدا . ولكن مجريات الأحداث أيقظت العراقيين من حلمهم ، وقرأت لهم انهم كانوا يركضون وراء سراب ، فالطامعين في بلادنا من دول اقليمية ، والمستفيدين من نظام البعث الفاشي ، والمتاجرين بدماء ابناء شعبنا من انتهازيين وسماسرة سياسة ، ودعاة دين زورا ودجلا ارادوا تصفية حساباتهم مع امريكا على ارض العراق ، كل هؤلاء شاركوا في حرمان العراقيين حتى من الحلم ، وقاموا بتحويل افراحهم بسقوط نظام القتلة والأجرام واللصوصية الى مآتم يومية واحزان . وفاقت جرائم الأرهابيين جرائم من سبقهم ، حيث ظهرت مقابر جماعية فوق الأرض ، فيتم اكتشاف عشرات الجثث مرة في هذه المنطقة واخرى في منطقة غيرها ، ثم ظهر مفهوم " المقبرة الجماعية المائية " ، حيث تم اكتشاف حوالي مائتين وثمانية جثث في مشروع الصرف الصحي في الرستمية خلال الأشهر الثلاثة الماضية . مقبرة جماعية جديدة سلط الضوء عليها الكاتب والصحفي الأستاذ الفاضل عبدالمنعم الأعسم ، وهذه المرة تكون المقبرة للكتب ، حيث قام من اصبحوا في موقع المسؤولية في محافظة جنوبية بتنظيف مكتبة المحافظة من الكتب التي لا تروق لهم ولا تتماشى مع نهجهم الظلامي المتخلف وبموجب اوامر من مجلس المحافظة تم " اعدام طائفة من الكتب الفكرية والعلمية والسياسية التي لا تتماشى مع ثقافة المرحلة ولا تنسجم مع الفكر الأسلامي" ، وتعقيبا على نفس الموضوع اشارت الشاعرة والكاتبة الأستاذة الفاضلة وئام ملا سلمان الى قيام سلطات النظام الفاشي بتنظيف مكتبة الكوفة من الكتب التي لا تتماشي ونهجهم الفاشي وقتذاك . يمكن ملاحظة تشابه وتماثل الأسلوبين فهما من مدرسة واحدة ، فالفاشية والظلامية وجهان لعملة واحدة ، ومن استبدل الزيتوني بالقميص الأسود واللحية هو نفسه لم يتغير ، فهو مازال تلميذ ووريث مدرسة البعث الفاشي ، والمهم لديه هو تحقيق هدفه بإلغاء الآخر النير وإشاعة التخلف والجهل والظلامية ، ولافرق لديه ان حقق ذلك بلباس الزيتوني او ان استبدلها بما يتناسب وظروف المرحلة الحالية . ان مجلس المحافظة الذي اصدر اوامره لأدارة المكتبة لإعداد جرد بمحتوياتها ثم اصدر امره بإتلاف الكتب التي لم يقرأ سطرا منها ولكنه فعل ذلك تنفيذا لتعليمات آتية له من وراء الحدود ، اليس كان الأفضل له ان يكرس اجتماع من اجتماعاته لكيفية محاربة المخدرات التي تفشت في المحافظة ، ام انه غض النظر عنها لأنها قادمة من دولة يقيم فيها الولي الفقيه ؟ ، أما كان الأجدر بمجلس المحافظة اعداد جرد بالمشاكل التي يعاني منها من اوصله لكراسي المسؤولية ، وبحث سبل معالجتها ؟ . ثم ماهو موقف وزارة الثقافة من هذه الجريمة ؟ أم هي مشغولة بكيفية اعادة المطبلين والمزمرين لنظام البعث الفاشي الى المؤسسات الأعلامية ليمارسوا دورهم من جديد في اهانة الثقافة والمثقفين . وأين ما يحدث من بنود الدستور العراقي الذي صوت له الملايين ، الا يشكل ذلك انتهاكا له ،ألم يكن هذا ارهابا فكريا ؟، ألم ينص الدستور العراقي في مادته السابعة بـ " تلتزم الدولة بمحاربة الأرهاب بجميع أشكاله " ؟ ، وأين مجلس الرئاسة العراقي من هذه الجريمة ؟ ، وأين مستشار السيد رئيس الجمهورية للشؤون الثقافية ؟. وأين الأتحاد العام للأدباء والكتاب ؟ ، وأين لجنة الثقافة في الجمعية الوطنية ؟ ، وأين ... ؟ وأين ... ؟ . دعوة للمثقفين العراقيين برفع الصوت عاليا للوقوف في وجه هذه الريح الصفراء ، بالوقوف في وجه " الموت القادم من الشرق " ، للوقوف بوجه التخلف والظلامية ، للوقوف بوجه " الزمن النذل " ، لأنقاذ تراثنا وحاضرنا ومستقبلنا من التشويه ، الذي سلحق به على أيدي الجهلة . للوقوف بوجه محاكم التفتيش القادمة . ويبدو ان هذه الجريمة سوف لا تكون " آخر المذابح بحق الفكر الأنساني " ، حيث ستقوم بتقليدها محافظات اخرى ، وسيتم ارتكاب جرائم غيرها ، فقد يتم منع الأطباق الفضائية ( الستلايت) بحجة محاربة الأباحية القادمة من دول الغرب الكافر ، متناسين انهم بدون الغرب الكافر لم يصلوا الى ما وصلوا اليه ، انه حقا " زمن نذل يستعد للأغارة علينا " . فمن فرض الحجاب بالأكراه حتى على غير المسلمات ، الى منع الزفة في الأعراس ، الى حرق محلات بيع التسجيلات الغنائية ، ومحلات الحلاقة النسائية ، الى ...... وصدقت ايها الشاعر الشعبي الأصيل عندما قلت " طاح الصنم ... لا ما طاح الصنم " نعم " نحن نذرنا ابدا من جائر لجائر " ، ولكن الشمس لابد وان تبدد بنورها هذا الظلام . 4شباط2006
|
||||
© حقوق الطبع و النشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2... bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |