وزير النقل العراقي وقراراته .. المستعجلة

 د . جعفر العاني

استاذ جامعي عراقي

jafaralani@yahoo.com

 عندما فرضت العقوبات الاقتصادية على النظام الديكتانوري البائد بقرار من هيئة الامم  ، اثر فعلته المشينة باحتلال الكويت ، سارعت بعض المنظمات الانسانية والدولية الى ابداء المساعدة للشعب العراقي واظهرت استعدادها لارسال معونات اقتصادية هدفها التقليل من اثار وتبعات تلك العقوبات .  بيد ان النظام البعثي البائد ،  الساعي لافقار الناس وحرمانهم من ابسط المقومات الحياتية ابدى  معارضته لتقبل مثل تلك المساعدات  ، بحجة ان افراد الشعب ذوي عزة  وكرامة ، لا يمدوا ايديهم للمساعدة من الاخرين ! وكان مرمى النظام البعثي الحقيقي بالطبع ليس هذا ، وانما انزال العقاب الجماعي بهم لانتفاضتهم المجيدة  ضد الحكم التوتاليتاري ، وفرض مزيدا من المحن والمتاعب في حياتهم ومعيشتهم وعملهم ؛ وكأن عقود من التخلف والظلم والضيم والارهاب والحكم الشمولي ليست بكافيه ! .

تذكرت واقعة رفض الدكتاتور للمساعدات الانسانية ، بحادثة رفض السيد وزير النقل سلام المالكي " لجميع المنح المقدمة من الحكومة الدانمركية لوزارته ، والغاء كافة العقودالموقعة بين وزارته والحكومة الدانمركية " وفق ما جاء بتصريحة للصحافة  بتاريخ 5/2/2006  ؛ < عقابا > منه للدانمرك لنشر احد الصحف في ذلك البلد  رسوما  مسيئة للاسلام والتى اعترفت الصحيفة لاحقا  بخطأها مقدمة الاعتذار العلني لما قامت به .

ويبدو ان تصرف السيد الوزير هذا ، عدا كونه غير مفهوم ولا مقبول ، كون الدانمرك هي المتفضلة بمساعدتها لنا، وليس نحن مستلمي تلك المساعدة ، فاننا نتوقع بان قرارا شخصيا وسريعا بالغاء العقود والمنح  مثل ما صرح به السيد الوزير ، هو من صلاحية الحكومة ، وليس وزيرا وحيدا فيها .

واذ نصاب بالصدمة المشوبة بالدهشة  لمثل هذه القرارات ، فان علينا التذكير بان المسؤولية الملقاة على " المستوزرين " هي مسؤولية رعاية الناس والحفاظ على حقوق البلد ، والمنح المقدمة من الاخرين، ومن دول العالم ، ليست هي هدايا مقدمة الى هذا الوزير او ذاك ، وانما هي ملك الشعب العراقي وتهدف فيما تهدف  الى تسريع انتشاله من  ما لحق به من جور وظلم ومتاعب وقسوة خلفها النظام البائد ؛ ومثل هذه القرارات السريعة وغير المدروسة ستزيد من محنة الناس لمدد طويلة وتعرقل تطورهم ،  وتسهم  في وضع العراقيل امامـهم للتخلص من واقعهم المـرير والمأساوي .

واننا اذ نحتج على مثل هذه القرارات ، نتساءل هل ان البلد اصبح " ضيعة شخصية " لمن هب ودب ، تماما مثل ما كان عهد النظام البعثي الديكتاتوري المقبور ؟

وهل تبني مثل هذه الاساليب واتخاذ مثل تلك القرارات  في منع المساعدات وابداء التعاضد معنا ، هو في مصلحة البلد واهله ؟

هل هذا ما كنا نتوخاه من حكومتنا  ووزراءها " المخلصين " ؟

رحمة بالعراقيين ، ايها السادة !

فقد تحمل الناس الكثير ايام الديكتاتورية ، ولا يريد ، وليس له قدره في  تحمل .. المزيد .

 

العودة الى الصفحة الرئيسية

 

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع و النشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com