ثورة الامام الحسين في حركة الشهيد الصدر

احمد مهدي الياسري

العملاق حينما ينطلق في حركته يحيل البسيطة تحت ارجله الى ركام متراكم من الاقزام المسحوقة باقيا هو وارثه وموروثه، عملاق هو الحسين الحي في عنفوان شهادته وألق مجده،عملاق في في كل الحركة والتوقف والصمت والقول والسلم والحرب والسياسة والعقيدة، كذلك هوحفيده الشهيد السعيد ابا جعفر محمد باقر الصدر رضوان الله عليه وعلى تربة طاهرة يرقد حيا في جنانها.

هناك الكثير من الاواصر العتيدة والمتينة الرابطة بين فلسفة الانطلاقة الحسينية الخالدة وحركة الكثير من الهائمين حبا وعشقا بتلك الحركة الحياتية المتألقة دوما وابدا.

لم يكن الشهيد الصدر ببعيد عن تلك الثورة البركان المتفجر دوما بنيران جحيمها الحارقة لكل من يدخل في اتونها معاندا وباغيا غير مدرك ان الدخول في لبها تجاوزا انما هو فناء محقق، بينما يمكن لمن يريد التمتع بالدفئ والنفع والسحر والجمال والطاقة من تلك الثورة والحصول على كنوز كثيرة مما تقذفه من مفيد المعادن النفيسة ان يجني منها مايشاء بعد ان تترك لهم مايغنيهم من ثروات زاهية هي دوما في متناول اليد.

هو الشهيد الصدر حينما اتذكرفيه تلك الحركة والايماءة والصمت والتحدي واختيار الفرصة المناسبة للانطلاق اجد الكثير من الشبه التطبيقي العملي مع مما فعله جده ومعلمه ابا الاحرار سيد الاخيار ابي عبد الله الحسين عليه السلام.

كثيرة اذا ما عددتها تلك المتنوعة البارقة في القها المتشابهات بين تلك العترة وافذاذ المتعلمين من تلك العترة منهج الحياة والخلود، ولكن بودي التطرق الى شذرة واحدة وجدتها في تلك الروح الطاهرة المُنـْشدة الى لقاء ربها راضية مرضية كما هي روح الطهر المحمدي المتجسد في نور قلبي وعيوني روحي له الفداء ابي عبد الله الحسين عليه السلام سيد الشهداء ومعلمهم.

تلك هي حركة المضي نحو الشهادة بتحدي بالغ الدقة والاصرار، بتألق الضامن للنتيجة مسبقا وهو فرح بالنتيجة باسما ضاحك السن والقلب مغيضا قاتليه وقاتلهم قبل الزوال.

لم يفعلها تلك الحركة بين افذاذ التاريخ سوى قلة قليلة نادرة والسعيد الشهيد باقر الصدرأحدهم،حيث كان يتحرك وفق منهج ان دمي سينتصر حتما على سيف الطغاة مهما كانت قوتهم فأختار الخلود لنفسه وقلبه وروحه وعقله وضميره الطاهر وفي ذات الوقت حكم على قاتليه بالموت رعبا قبل ان تتفسخ ارواحهم واجسادهم الى جيف عفنة وترحل من على تلك البسيطة الدنيا البالية الدنية الى حيث ماهو ابقى واشد فتكا والما من تلك المرعبة اهوال الثورات الخالدة والمتلاحقة والتي احالت نهارات الطغاة ليالي ظلماء حالكة، وهكذا فعلها ذلك الضعيف البنية المحدودب الظهر الذي لطالما كنت اتمعن في تلك الحقبة العصيبة من ايام كنا فيها قربه في الجوارحيث اقسى ايام الظلم وانظر في محياه الطاهر وهو يسير بين رحاب علمه ورحاب جده علي عليه السلام لايدري مما يجري حوله شيئا وحتى وكأنه في بعض الاحيان لايرد السلام على محبيه لابتعالي منه حاشاه ذلك القلب الكبيرالحنون العطوف على اعدائه فكيف مع محبيه، بل هو شرود المحب المتفكر، وهيام العاشق وحبيب ومعشوق يهيم به حبا, لايترك فرصة يقظة او نوم لايحاوره فيها ذلك هو غرامه الكبير الحسين الشهيد بكامل مدرسته وبنيه وابيه وجده صلوات الله عليهم وسلامه، ولهذا تراه سارح الفكر منشدا الى خيالات تلك الحركة القرآنية المحمدية العلوية الفاطمية الحسنية الحسينية الخالدة لايعلم من الذي كلمه ومن سلم عليه ومن لم يرد عليه السلام.

تعالوا احبتي معي نستعرض اوجه الشبه بين تلك الحركة الحسينية وتطبيقاتها في ارض واقع حركة الشهيد الصدر رضوان الله عليه وفي هاتين الرسالتين المتبادلتين بين يزيد عصرنا وعاشق الحسين وحركته الخالدة.........

هاتين الرسالتين انقلهما حرفيا لكم....

في آذار 1980، اي قبل شهر من اعدامه، تلقى السيد الشهيد محمد باقر الصدر في سجنه رسالة من الرئيس المخلوع صدام حسين ورد عليها.

نص رسالة المجرم الخسيس يزيد العصر صدام:

لعلك تعلم ان مبادئ حزبنا منبثقة عن روح الاسلام وان شعاراتنا التي نطرحها هي شعارات ذلك الدين السمح لكن بلغة العصر. وان الذي نريد تطبيقه على واقع الحياة في وقتنا هذا هو احكام الشريعة الغراء ولكن بلون متطور رائد يلائم هذه الحياة الصاعدة. واننا نحب علماء الاسلام وندعمهم ما داموا لا يتدخلون في ما لا يعنيهم من شؤون السياسة والدولة ولا ندري بعد ذلك لماذا حرّمتم حزبنا على الناس؟ ولماذا دعوتم الى القيام ضدنا؟ ولماذا أيدتم اعداءنا في ايران؟ وقد انذرناكم ونصحنا لكم واعذرنا اليكم في هذه الامور جميعاً غير انكم أبيتم واصررتم ورفضتم الا طريق العناد مما يجعل قيادة هذه الثورة تشعر بأنكم خصمها العنيد وعدوها اللدود وأنتم تعرفون ما موقفها ممن يناصبها العداء وحكمه في قانونها.

وقد اقترحت رأفة بكم ان نعرض عليكم اموراً ان أنتم نزلتم على رأينا فيها أمنتم حكم القانون وكان لكم ما تحبون من المكانة العظيمة والجاه الكبير والمنزلة الرفيعة لدى الدولة ومسؤوليها تُقضى بها كل حاجاتكم وتُلبى كل رغباتكم، وان أبيتم كان ما قد تعلمون من حكمها نافذاً فيكم سارياً عليكم مهما كانت الاحوال وامورنا التي نختار منها ثلاثة لا يكلفكم تنفيذها اكثر من سطور قليلة يخطها قلمكم لتنشر في الصحف الرسمية وحديث تلفزيوني جواباً على تلك الاقتراحات لتعودوا بعد ذلك مكرمين معززين من حيث أنتم أتيتم لتروا من بعدها من فنون التعظيم والتكريم ما لم تره عيونكم وما لم يخطر على بالكم.

- اول تلك الامور هو ان تعلنوا عن تأييدكم ورضاكم عن الحزب القائد وثورته المظفرة.

- ثانيهما ان تعلنوا تنازلكم عن التدخل في الشؤون السياسية وتعترفوا بأن الاسلام لا ربط له بشؤون الدولة.

- ثالثهما ان تعلنوا تنازلكم عن تأييد الحكومة القائمة في ايران وتظهروا تأييدكم لموقف العراق منها.

وهذه الامور كما ترون يسيرة التنفيذ، كثيرة الاثر، جمة النفع لكم من قبلنا، فلا تضيعوا هذه الفرصة التي بذلتها رحمة الثورة لكم.

رئيس مجلس قيادة الثورة / صدام حسين

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

نص جواب الشهيد السعيد محمد باقر الصدر

لقد كنت احسب انكم تعقلون القول وتتعقلون، فيقل عزمكم الزام الحجة، ويقهر غلواءكم وضوح البرهان، فقد وعظتكم بالمواعظ الشافية ارجو صلاحكم، وكاشفتكم من صادق النصح ما فيه فلاحكم، وابنت لكم من امثلات الله ما هو حسبكم زاجراً لكم لو كنتم تخافون المعاد، ونشرت لكم من مكنون علمي ما يبلو غلوتكم لو كنتم الى الحقيقة ظمأ، ويشفي سقمكم لو كنتم تعلمون انكم مرضى ضلال ويحييكم بعد موتكم لو كنتم تشعرون انكم صرعى غواية حتى حصحص امركم وصرح مكنونكم اضل سبيلاً من الانعام السائبة واقسى قلوباً من الحجارة الخاوية واشره الى الظلم والعدوان من كواسر السباع لا تزدادون مع المواعظ الا غياً ومع الزواجر الا بغياً اشباه اليهود واتباع الشيطان، اعداء الرحمان قد نصبتم له الحرب الضروس وشننتم على حرماته الغارة العناء وتربصتم بأوليائه كل دائرة وبسطتم اليهم ايديكم بكل مساءة وقعدتم لهم كل مرصد واخذتموه على الشبهات وقتلتموهم على الظنة على سنن آبائكم الاولين، تقتفون آثارهم وتنهجون سبيلهم لا يردعكم عن كبائر الاثم رادع ولا يزعجهم عن عظائم الجرم وازع، قد ركبتم ظهور الاهواء فتحولت بكم في المهالك واتبعتم داعي الشهوات فاوردكم اسوأ المسالك، قد نصبتم حبائل المكر واقمتم كمائن الغدر، لكم في كل ارض صريع وفي كل دار فجيع تخضمون مال الله فاكهين وتكرعون في دماء الابرياء شرهين، فأنتم والله كالخشب اليابس اعيى على التقويم او كالصخر الجامس انأى عن التفهيم فما بعد ذلك يأساً منكم. شذاذ الآفاق، واوباش الخلق، وسوء البرية وعبدة الطاغوت واحفاد الفراعنة. واذناب المستعبدين. اظننتم انكم بالموت تخيفونني وبكر القتل تلونني، وليس الموت الا سنة الله في خلقه (كلاً على حياضه واردون) أوليس القتل على أيدي الظالمين الا كرامة الله لعباده المخلصين، فاجمعوا امركم وكيدوا كيدكم واسعوا سعيكم فامركم الى تباب وموعدكم سوء العذاب لا تنالون من امرنا ولا تطفئون نورنا واعجب ما في امركم مجيئكم لي بحيلة الناصحين تنتقون القول وتزورون البيان، تعدونني خير العاجلة برضاكم وثواب الدنايا بهواكم.

تريدون مني ان ابيع الحق بالباطل وان اشتري طاعة الله بطاعتكم وان اسخطه وارضيكم وان اخسر الحياة الباقية لاربح الحطام الزائل، ضللت اذاً وما انا من المهتدين، تباً لكم ولما تريدون، اظننتم ان الاسلام عندي شيء من المتاع يشترى ويباع؟ او فيه شيء من عرض الدنيا يؤخذ ويعطى كي تعرضون لي فيه باهظ الثمن جاهلين وتمنونني عليه زخارف خادعة من الطين، اتعدونني عليه وتوعدون وترغبونني عنه، فوالله لا اعطيكم بيدي اعطاء الذليل ولا اقر لكم اقرار العبيد، فان كان عنكم غير الموت ما تخيفونني به فامهلوا به او كان لديكم سوى القتل تكيدونني به فكيدون ولا تنتظروا لتبصروا ان لي بالجبال الشم شبيهاً من التعالي وان عندي من الرواسي شامخات ما تبلي من الرسوخ والثبات، قولوا لمن بعثكم ومن وراء اسيادهم ان دون ما يريدون من الصدر الف قتلة بالسيف او خضباً امر وان الذي يريدونه مني نوع من المحال لا تبلغوه على اية حال، فوالله لن تلبثوا بعد قتلي الا اذلة خائفين تهول اهوالكم وتتقلب احوالكم ويسلط الله عليكم من يجرعكم مرارة الذل والهوان يسيقكم مصاب الهزيمة والخسران ويذيقكم ما لم تحتسبوه من طعم العناء ويريكم ما لم ترتجوه من البلاء لا يزال بكم على هذا الحال حتى يحول بكم شر فأل جموع مثبورة صرعى في الروابي والفوات حتى اذا انقضى عديدكم وقل حديدكم ودمدم عروشكم وترككم ايادي سبأ اشتات بين ما اكلتم بواترهم ومن هاموا على وجوههم في الامصار فولوا الى شتى الامصار واورث الله المستضعفين ارضكم ودياركم واموالكم فاذا قد امسيتم لعنة تجدد على افواه الناس وصفحة سوداء في احشاء التأريخ.......... انتهت الرسالة ولم تنتهي او تغلق مدرستها الخالدة.

الرد لايحتاج الى تعليق وهل بعدك سيدي اتابع واقول ما اقول من ضئيل الوصف وتعيس الحال الذي نحن فيه حيث انها بين ايدينا تلك قولة الحق في عيون ووجه وصدر الطغاة ولكن لكم تلكئنا ونمنا وسهونا وتقاعسنا عن قولها رغم عظيم الخلود وسعة المحصول المجني من اطلاقها وتوفرها بين ايدينا دوما وابدا.

هو غيض من فيض التحدي العملي كما فعل ذلك جدك الحسين الشهيد عليه السلام يوم قال لأمعة زمانه والوضيع في طغيانه يزيد عصره الفاجرشارب الخمر قاتل النفس المحرمة حينما قال ماتعلمته انت وروحك الطاهرة منه تعالو نقرأ من تلك المدرسة الكربلائية شيئاً........

تقول المدرسة الحسينية الخالدة :

الحمد للّه وماشاء اللّه، ولا قوة الا باللّه، خط الموت على ولد آدم مخط القلادة على جيد الفتاة، وما اولهني الى اسلافي اشتياق يعقوب الـى يـوسـف، وخـيـر لـي مصرع انا لاقيه، كاني باوصالي تقطعها عسلان الفلوات بين النواويس وكـربلا, فيملان مني اكراشا جوفا واحوية سغبا, لا محيص عن يوم خط بالقلم، رضا اللّه رضانا اهـل الـبـيـت، نـصـبر على بلائه ويوفينا اجور الصابرين، لن تشذ عن رسول اللّه لحمته، وهي مجموعة له في حظيرة القدس، تقر بهم عينه وينجز بهم وعده، من كان باذلا فينا مهجته، وموطنا على لقاء اللّه نفسه، فليرحل معنا فاني راحل مصبحا ان شاء اللّه.

انه غيض من فيض و قبس من تلك الثورة الخالدة ونضيراتها في الفعل الاستشهادي المعاصر حيث المنهج والتطبيق العملي ذلك هو فعل من اجمل ما اورثنا أياه امام الشهادة وجاء ليفعلها من بعده شهيدنا الخالد محمد باقر الصدر رضوان الله عليه بعد ان علمها اياه جده الشهيد, ومضى مقطعا محزوزالرأس بايدي ملة أسمت نفسها كما اليوم أمة الاسلام، وقد وعيتها ابا جعفر وكفيت في وفائك ووفيت واعطيت بيديك الكريمتين قلبك الطاهر عطاء عز وشرف ووالله ما اعطيت بيديك كما جدك اعطاء الذليل ولم تقر لهم طغاة عصرك اقرار العبيد المناكيد.

 

العودة الى الصفحة الرئيسية

 

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع و النشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com