ملحمةاسمها (عگد الاكراد) تاريخها (8شباط1963) أبطالها (الكورد الفيليون)

فيروز حاتم

feyruz67@hotmail.com

في ذلك اليوم المشؤوم من صبيحة الرابع عشر من رمضان والمصادف الثامن من شباط الاسود العام 1963 ذهب أعضاء فريق الشبيبة الفيلي الرياضي لكرة القدم الى بغداد الجديدة، ولكن الفريق الاخر لم يحضر، وعندما سألوا عن السبب؟ كان الجواب : (ليش متعرفون صار انقلاب ؟؟؟!!).
عاد الشبيبة الى المنطقة ووجدوها إنقلبت رأسا على عقب ... الجماهير تنزل الى الشارع ... الكل يتجه راجلا صوب وزارة الدفاع .. ليلبي النداء ويناصر زعيم الامة وأبا الفقراء ...
هنا تجلت أروع صور التضحية من أجل الوطن والثورة وقائدها...ذلك الكريم الذي سال كالدم النقي في عروق أبنائه، فهب الشعب ليفديه بروحه وجسده، تاركا وراءه كل ما هو دون الوطن والثورة..
تقترب الحشود من الوزارة وهي تنادي بسقوط المؤامرة ..تطلب العتاد لتقاتل معه وتضحي من أجله.. تطالب الزعيم بالسلاح بإسم العامل والفلاح .. لم يثن عزيمة هؤلاء سوى جملة:
( لاتخافوا.. سنقضي على الانقلابيين خلال ساعات ) ولم تمض إلا ساعات وتسقط الوزارة والحكومة... وتبدأ المواجهة الحقيقية بين الشعب والمتآمرين على الثورة ..
وسقطت بغداد .. نعم ، في هذا اليوم المشؤوم سقطت عاصمة الحرية والتآخي والسلام بيد الخونة والمجرمين الأقزام ... نعم ، سقطت بغداد ولكن الله شاء أن يدخل شارع الكفاح وزقاقه الشهير(عگد الاكراد) في ذاكرة التاريخ السياسي للعراق ومن أوسع أبوابه.. ومن هنا حمل البعثيون كل مايمكن حمله من الحقد والكره على الكورد الفيليين ..
عاد الفيليون من وزراة الدفاع بعد أن قدموا أول شهيد لهم على بابها (هاشم غلام علي)... بلى عادوا ولكن ليس الى بيوتهم .. وانما الى الکفاح ... تحصن الجميع في الشوارع والأزقة، أخذ البعض يحمل السلاح (الابيض).. المقاومون الابطال لايدخلون البيوت وكأنها حُرمت عليهم .. هم يحملون القليل من السلاح ((بضع رمانات منتهية الصلاحية وأربع رشاشات (2 بورسعيد و2 إسترن الماني)منحها لهم عبد الكريم الجدة مرافق الزعيم ))..
كانت قيادة المنطقة حينها للشهيد البطل لطيف الحاج ومحمد صالح العبلي (رئيس الخط العمالي للحزب الشيوعي العراقي)... تسلم أربعة رفاق الرشاشات (فؤاد حاتم، رضا عزيز، طالب وحازم مصلاوي )تخندق فؤاد في شرفة إحدى الشقق العائدة لمهدي الربيعي وكانت قريبة من ساحة النهضة، وفي الطرف المقابل كان الشهيد حازم أقرب الى الساحة من موقع فؤاد...المقاومة تمركزت في المنطقة الممتدة من ساحة النهضة الى الحضرة القادرية..
تقدمت ثلاث دبابات ومصفحتان من جهة باب الشيخ متجهة صوب الباب الشرقي... أنزل عليهم الابطال وابلا من قنابل المولوتوف اليدوية(صناعة شيخلية) والرمانات (الفاشوشية) ومنعوهم من التقدم فعادوا من حيث أتوا خائبين ..
ثلاثة ايام بلياليها قاوموا البعثيين والحرس القومي .. وكانوا سيقاومون سنين وسنين لو كانوا يملكون السلاح، ولكن...نفذ العتاد ونفذ صبر البعثيين، ولم يبق للرفاق خيار إلا الإنسحاب، سقط الشهيد حازم سابحا بدمه الطاهر بعد أن باءت محاولة الدكتور باقر لإنقاذ حياته بالفشل... لم يبق من الرفاق الا أربعة، وعليهم ألانسحاب ايضا .. فؤاد حاتم ، نور الله رضا (استاذ ناظم)، كريم دعبله وجليل...إتجه فؤاد وجليل الى ناحية ونور الله وكريم الى ناحية أخرى .. وقع كريم في قبضتهم ونجى الباقي بفضل الله وهمةالناس الطيبين ..
وإنتهت المقاومة بعد ثلاثة ايام ولكن ذكراها لازالت خالدة في قلوبنا وضمائرنا خلود الزعيم الخالد عبد الكريم قاسم.. إذ سجل الفيلية ملحمة خالدة أصبحت فيما بعد رمزا لعزتهم وسيرتهم النضالية..
فسلاما عگد الاكراد... سلاما حماة الدار... محمد جعفر، الإخوة طالب ودكتور باقر ،حميد سيد حسين ووهاب سيد حسين ،جواد عليخان ومظفر عليخان ، مالك وشوكت احمد مجبرچي ، ألمان وعدنان وعمران ، كامل كرم ، جعفر ملا نظر، صباح احمد حسين ،عدنان حيدر ، حسين فانوس ، عبد فرهاد ، حسن مراد سليم ، جاسم محمد ، طالب عبد الجبار ، صاحب عباس وووو...الکل أبطال وقادة بواسل .. نساء عظيمات ما كنّ أقل شجاعة وعزيمة من الرجال .. تحية إجلال لك يا أم الابطال في هذا اليوم ..تحية لك يامن كنت ولازلت تفتخرين بكونك (رابطية ) وانت الكوردية الفيلية التي لم تنطق يومها الا باللعنة على البعثيين والتضرع الى الله والأولياء بنصرة الزعيم والثورة وأبناءها البررة ..كم أنت رائعة يا أم الشهيد فهد !!.. يبقى ما حملت من الفكر خالدا خلود عگد الاكراد .. يبقى الشرفاء من أبناء عگد الاكراد يحملون لك كل الحب والوفاء ... فلن ينسوا أبدا كيف كنت بكل بساطتك تحملين الخبز والشاي والمولوتوف الى سطوح المباني للمقاومين!!! كيف كنت تقاومين مع أبنائك وإخوانك الفيلية !!! بالأمس حملت المنشورات التي لم تكوني قادرة على قراءتها واليوم تدفعين ضريبة ما حملت عقودا من الظلم والتعذيب والتهجير والتضحية بالمال والبنين فشكرا لك يا زهرة الكورد وبطلة عگد الاكراد ..وشكرا لكل النساء الفيليات من أمثالك ..

العودة الى الصفحة الرئيسية

 

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع و النشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com