مسكوا الحمار وسابوا البردعة

علي ماضي

alimadhy67@yahoo.com

الغريب اننا دوما نتعاطى بنفس المنطق مع قضايانا ،منطق مشبع بروح البداوة، ويشوّه على الدوام قضايانا الدافئة. فنحن دائما نمسك الحمار ونترك البردعة على حد تعبير المثل المصري.
في قضية محاكمة الرئيس العراقي ،نحن مهتمون جدا بمحاكمة الشخوص ونترك النظام التربوي ،والموروث الديني الخاطئ ،ونظامنا القبلي بعادته وتقاليده المقيتة الموغلة في البدائية . والتي كانت سببا مهما في هذا النتاج الحضاري القذر،وما زالت تنتج نفس النتاج القذر اذا لم يكن اقذر.
وفي تسونامي الرسوم الكاريكاتيرية الذي يعصف في عالمنا هذه ألأيام ، علينا ان نحاكم اولئك الذين شوهوا الدين ألاسلامي،وافرغوا الرسالة ألأسلامية من محتواها الحقيقي ،وحولوها الى مبررات للقتل ليس إّلا، قبل ان نحاكم الرسام الدينماركي سواء كان يقصد ألأهانة من وراء رسوماته او انه مجرد فنان تفاعلات احاسيسه مع حدث ما،واستعار رمز من هنا وآخر من هناك ليجسد الواقع الذي يتحسس.
ففي كلتا الحالتين نحن من اعطيناه المبرر ليفعل ما فعل .
اوليست سرايا ألأرهاب التي تقتل الناس ذبحا من الوريد الى الوريد تفعل كل ذلك متعكزة على نصوص من القرآن او السنة النبوية؟!
أوليست التفجيرات التي تهز سكون العالم وتقتل مدنين عُزّل من شيوخ ونساء واطفال ترتكب تحت يافطة ألاسلام ؟!
أو ليست هذه الأفعال المشينة هي التي اوحت للعالم الآخر هذه الصورة المشوهة ؟!
نحن من أساء الى النبي محمد(ص) على ارضِ الواقع قبل ان يسيء اليه الرسام الدينماركي في رسوماته، ثم اثبتنا من خلال ردود افعالنا ألأنفعالية للعالم ،انه على صواب،ومارسنا عادتنا التي ادمنّا تعاطيها والتي شوهت كلّ قضايانا المصيرية على طول خط الزمن . انها عادة العنف الهستيري ألأجوف الفارغ. الذي لا يمت الى الواقع بصلةٍ تصوروا لو ان العالم الآخر قرر هو ألآخر ان يقاطعنا برمته ،فلا يتاجرون معنا ولا نتاجر معهم ،ماذا سيبقى في حضارتنا غير النوق وحليبها. ولهيب الصحراء وهجيرها.
هل نحن فعلا قادرون على ان نتنازل عن ساعاتنا اللماعة ،وسيارتنا الفارهة ،التي يصنعها لنا الغرب، وهب اننا كنا قادرين على ان نترك الدنيا وزخرفها ،فهل نحن قادرون على ان نستغني عن اللقاحات الطبية ،لقاح شلل الأطفال مثلا او لقاح الطاعون ،او الجدري و.....الخ
أين كان منا قوله تعالى(جادلهم بالتي هي احسن)، وأين كانت منا رحمة رسولنا الكريم ،حينما عاد اليهودي الذي كان يرمي القاذورات امام باب منزله، أو رقته مع ذلك ألأعرابي الذي هزه من تلابيب صدره بخطابٍ فج أعدل يا محمد انه ليس مالك ولامال ابيك!
اذا اردنا ان نرد اعتبار نبينا الكريم ، اذا اردنا ان نحتج ونجعل الآخرين يحسون بالندم ،علينا ان نُصلح سلوكنا على ارض الواقع علينا ان ننبذ العنف ،ونعكس صفحات الرحمة والتسامح ،من صفحات ديننا الحنيف. لا ان نتصرف كغيلان ثم نطلب من العالم ان يصفنا بالملائكة.

 

العودة الى الصفحة الرئيسية

 

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع و النشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com