ماذا حدث للاشوريين في العراق؟

وايليت ايليا

 ان المطلع علي الجرائم والمذابح التي تعرض لها الشعب الاشوري (سريان ـ كلدان) يعرف فداحة الدور الذي لعبه المبشرون الغربيون خلال الفترة 1831 ـ 1847 وكيف كان لوجودهم في مناطق القبائل الاشورية في هكاري في تلك الفترة وراء الكثير مما حل بهذا الشعب من مذابح ومآس وتدمير لوطنهم. وبالرغم من كل التناقضات بين هذا المثلث (الارساليات، تركيا والاكراد) الا انهم اتفقوا علي القضاء علي الاشوريين كقومية وكنيسة. فالاتراك باتوا مجبرين علي التمسك بما كان يسمي آسيا العثمانية بعد ان خسروا كل ممتلكاتهم في اوروبا وافريقيا.

وفي الاعوام 1895 ـ 1914 تعرض الاشوريون (السريان) في طور عبدين شمال ما بين النهرين جنوب شرق تركيا حاليا كأشقائهم في هكاري لمذابح جماعية ولاقسي صنوف العذاب وتعرضت ممتلكاتهم وكنائسهم للسلب والنهب والتدمير واستحل الاكراد والاتراك مدنهم وقراهم واسروا اعدادا كبيرة من النساء والفتيات والفتيان ومورست بحقهم كل المحرمات بالاضافة الي بيع من كان يتمتع بقدر من الجمال كعبيد.

انها لمفارقة كبيرة ان يكون التبشير بالمسيحية مقتصرا علي المسيحيين في هذه المناطق علما بأنهم ينتمون لاقدم كنيسة في العالم. فما كانت هي الغاية الاساسية من قدوم هؤلاء بصفة مبشرين؟ ولماذا كانت الكنيسة الشرقية القديمة تهدد مصالحهم السياسية؟ ولماذا كان اتباع الكنيسة بقوميتهم الاشورية ووجودهم علي ارضهم يشكل خطرا علي القوميات الاخري في المناطق وعلي مصالح الدول الغربية؟

ان الاجابة علي كل هذه التساؤلات هي التي حدت بهذه الاطراف الثلاثة لتتكاتف وتعمل بكل الوسائل علي ازالة الوجود الاشوري المسيحي من علي ارضه وتشتيته في كل بقاع العالم. وكان للمبشرين دور فاعل في تهيئة الظروف الملائمة لانجاح هذا المخطط.

بدأت الارساليات الغربية بالقدوم في القرن السابع عشر الميلادي، وكان هدفها نشر الكثلكة بين ابناء المنطقة، فالاباء الكبوشيون كانوا من اوائل الارساليات وقد عملوا علي نشر الكثلكة في الموصل وقراها حيث اسسوا ارسالية تبشيرية في المنطقة سنة 1725.

افتتح الايطاليان الدومنيكان وهما تورياني وكوديليونشتي ارسالية تبشيرية في الموصل في عهد ولاية الحاج حسين باشا الجليلي، ولقد تكللت جهودهما بالنجاح بين ابناء كنائس الموصل وما حولها من القري المسيحية وقد كان لتشجيع والي الموصل في نجاح الارساليات اثر كبير ولا سيما ان هذا النجاح يصب في مصلحة الوالي لما في ذلك من حد لنفوذ بطاركة الارثوذكس.

ان دخول الارساليات التبشيرية الي المنطقة سبقته خطوات سياسية واتفاقيات وتحالفات. فعندما توسع السلاطين الاتراك واستولوا علي شمال سورية وعلي ما بين النهرين في العقد الثالث من القرن السادس عشر بدأ التغلغل الدبلوماسي لبلدان اوروبا في تركيا وتبعه تغلغل اقتصادي وسياسي ثم كانت الاتفاقية التي تمت بين فرنسا وتركيا في سنة 1535 التي تضمنت في احدي بنودها علي حماية المسيحية ضمن تركيا وفي البند الثالث من الاتفاقية اعطي لفرنسا الحق لنشر المذهب الكاثوليكي بين المسيحيين وبذلك اخذ المبشرون البابويون بالعمل، وتمكنت روما من تنظيم الدعاية الكاثوليكية ضمن الرعايا المسيحيين في الامبراطورية العثمانية. وظهر اليسوعيون علي الاراضي العثمانية وكان الهدف الرئيسي هو نشر الكثلكة ضمن المســــيحيين الشرقيين (الاشوريين)؟!

ان المخطط واضح وضوح الشمس.. فأن الكنيسة الكاثوليكية في روما مصممة علي ازاحة جميع الكنائس الارثوذكسية واذابة القوميات ضمن تعاليم المسيحية للكنيسة الكاثوليكية وقد كان انهاء دور كنيسة المشرق المعروفة لدي روما حينذاك بالكنيسة البنسطورية الهراطيقية كان لدور هذه الكنيسة في الوجود او عدمه قد خطط له وصمم علي تنفيذه.. لذلك ما كان علي هذه الكنيسة الكاثوليكية الا ارسال رجالها تحت اسم المبشرين لتنفيذ ذلك المخطط وهكذا بدأ المبشرون يأخذون طــريقهم الي مـناطق الاشـوريين اتـباع كنيسـة المشرق ومن اوائل من قدموا هم: Dwight و Smith فـــي سـنة 1831 ثم تلاهما J. Perkins في عام 1834 ـ 1846 ثم Grant الـذي كان سبب كل الدسائس التي تعرض لها الاشوريون في 1843 ـ 1846 في هكاري.

يقول ماتفيف في كتابه تاريخ الاشوريون يشهد القرنان السابع عشر والثامن عشر صراعا مريرا بين الناطرة والكاثوليك الذين كانوا يريدون اخضاع جميع الاشـوريين للعرش البابوي، وقد قام المبشرون الكاثوليك بشتي الوسائل لتحقيق غاياتهم فكانوا يشترون ذمم البيكات الاتراك والشيوخ الاكراد لكي يقوم هؤلاء بتحطيم ومحو الاثار الاشورية من معابد وكنائس في مناطقهم وكان همهم ينصب علي تحطيم الصلات التي تربط بين التاريخ القديم والحديث للاشوريون راغبين بجعل بداية تاريخهم مرتبطا بتاريخ انضمامهم تحت لواء البابوية وقد انتهت مساعي كنيسة روما في النهاية بالنجاح فقد استطاعت ان تخضع لسيطرتها جميع الاشوريين في سهول شمال العراق في عام 1778 واصبح اسم هؤلاء الاشوريين الاشوريون الكلدان ولقب بطريركهم بلقب بطريرك بابل . عاشت بلاد الرافدين والعراق العظيم مهد الحضارة من سومر واكد وبابل واشور والعرب.

العودة الى الصفحة الرئيسية

 

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع و النشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com