وا جلالاه، وا حسرتاه على بغداد؟

د. جرجيس كوليزادة

 العراق / إقليم كوردستان / أربيل

Gulizada_office@yahoo.com

بغداد الشعر والصور ذهب الزمان وضوعة العطر، كلمات جميلة وصفت بها بغداد في الشعر والغناء وبالحناجر التي تغنت لأهل بغداد وجمالها وحياتها وتاريخها، هذه العبارة الشعرية تجملت بها جدارية تشكيلية في ساحة الخلاني في بغداد أمام بناية أمانة العاصمة التي تبدو إنها بعيدة كل البعد عن الحياة اليومية للبغداديين الذين يعانون من غياب الخدمات البلدية وفقدان مقومات البنية التحتية وغياب النظافة وكأن مقومات الحياة الأساسية مقطوعة عن هذه المدينة التي تباهت بها الدنيا من قبل، وتباهى بها العرب يوم كان صدام ينثر عليهم حزم الدولارات والأموال المنهوبة من الشعب المقهور الذي كان على أمره مغلوبا فكان البؤس والحياة التعيسة من نصيبه ومن نصيب عاصمتها.

بغداد هذه العاصمة التي عايشت العهد الجديد في العراق، مصابة، مريضة تعاني من واقع مؤلم تتحصر لها الصدور، وتتألم لها القلوب البريئة التي التصقت حبها وفكرها وكلماتها ببغداد ودجلتها ورصافتها وكرخها وحضرتها الموسوية الكاظمية وحضرتها الكيلانية، وبعالم ابونؤاسها وشارع رشيدها وساحة خيلانها، وبحياة كل حي وشارع وزقاق فاح منه ضوعة العطر ولمعة ذهب الزمان.

بغداد التي شهدت سقوط الصنم والتي دشنت عهد انتخابين واستفتاء دستوري في سنة واحدة، اليوم تعاني من حرقة الألم ومن زحمة العلل وكثرة الخلل في الحي والشارع والسوق والبيت والمدرسة والدائرة، لا راعي لها ولا مهتم لها، ناسها في حرقة الحياة واقعة، وصوتها في غربة الدنيا هامسة وصورتها عن خيال العصر غائبة. أجل هذا الواقع الأليم حال بغداد، أجل بغداد، وا حسرتاه على بغداد، وا حسرتاه على مدينة الشعراء، وا حسرتاه على مدينة الشعر والصور، أجل وا حسرتاه على مدينة ذهب الزمان وضوعة العطر.

أجل أقولها من قلبي، وا حسرتاه على بغداد، وا حسرتاه، ولكن مع هذه الحسرة المؤلمة الحارقة، فإن النخوة المغروسة والمودة الكامنة في قلوب العراقيين والكوردستانيين، والمشهودتان لهما تخلقان أملا زاهيا من الواقع الأليم الذي تعيشه بغداد، أمل قادر على صنع واقع مطرز بحياة جديدة مؤطرة بالجمال والصور والشعر، واقع مطرز بذهب الزمان وضوعة العطر الجديد.

لهذا ولان بغداد تستحق هذا العناء وهذا الأمل الجميل، لأجل بغداد ولأجل العراق ولأجل كوردستان، اليوم انطق بكل جوارحي، وأنادي بكل كلماتي، وا جلالاه، وا مسعوداه، وا حكيماه، وا جعفراه، وا اياداه، عيدوا لبغداد شعرها وصورها وذهب زمانها وضوعة عطرها بالهام من الأصوات العراقية والكوردستانية التي منحتكم ثقتها لتبنوا العراق من جديد، وتحققوا لكوردستان الازدهار لرفعة العراق.

أجل ابنوا لبغداد واقعا جديدا ينعم به أهلها بالخير والأمان والحياة الكريمة، بغداد التي نثرت عليها في عهد ما بعد سقوط الصنم ثورة بنفسجية منطلقة من قلوب معطرة بالحب والمودة، لينطلق منها فجر زاهر لحاضر ومستقبل العراق الجديد.

 

العودة الى الصفحة الرئيسية

 

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع و النشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com