هل فعلا أظهرت الأنتخابات تراجعا "لقوى الأسلام السياسي"

المهندس صارم الفيلي
sarimrs@hotmail.com

أبتداءا أستخدمت الأسلام السياسي بين قوسين في العنوان , لأن هذا المصطلح غير  موجود الا في أدبيات ألعلمانيين .

  وهي تأتي ضمن مشاكلنا الأجتماعية والسياسية خلال الفترة السابقة , وهو عدم فهم  لدور  الدين في  الحياة بأمتداداتها المختلفة وضمنها السياسة .

 علما اننا تطرقنا سابقا الى عدم تعارض الأسلام مع الديمقراطية واوضحنا هذا   المفهوم في مقالات سابقة .

  لكن مشكلة البعض انه لا يدرس الدين الاسلامي في مضمونه الثقافي ليحكم عليه  بطريقة موضوعية وليدرس مقارباته العلمية في شتى نواحي الحياة التربوية  والسياسية وحتى الدبلوماسية , ناهيك عن البعد الروحي الذي يعطي الأنسان المؤمن  أتزانا في علاقاته الأجتماعية وفي نظرته للطبيعة والكون والحياة بأمتداداتها  الدنيوية والآخروية .

  بل ينظر الى الدين كأنتماء مغلق لا علاقة له بأي موضوع .

 بل يتعدى ذلك  بأستخدامه لأرهاب المصطلحات ضدالأسلاميين الشيعة بالخصوص .

 علما أن ألمصطلح هو من وضع اهل العلم المتخصصين به أو من وضع وتقرير العرف ,  وخاصة في الأمور ذات البعد الأنساني , وهنا استخدم مصطلح العلم الأنساني  مقابل  العلم الصرف كالفيزياء أو العلم التطبيقي كالطب والهندسة .

 ان قيمة اية كلمة تتمثل في محتواها الفكري لنذهب هنا الى دلالتها , مقابل الدال  الذي هو مرادف للمصطلح .

 تجد تفاوتا في العلوم الأنسانية بدرجة أو اخرى من جهة تطابق الدال على  المدلول  , عندها يستخدم ذوي الأختصاص ملحقات لهذا المصطلح بغية التوضيج  وتجنبا من  الألتباس قي الوقوع في خطورة انحرافها عن قيمتها المتمثلة بدرجة عطائها الفكري  , كي لا تضمحل أو تموت , بمعنى ان تفرغ من الغاية المقصودة  التي لازمت واضعيها  لتتطابق أو تقترب من ملامسة واقع فرض ايجادها أو اشتقاقها , ولا ننسى خطورة هذا  الموت المصطلحي بمعنى انحرافه , أو ليصل الى مستوى  مدلول ضدي للمعنى الذي وضع  من اجله .

 لنأخذ العلمانية كمثال, هل تعني فصل الدين عن الدولة ؟ عندها يكون هذا  المصطلح  غير موقوفا على الملحد أو اللاديني بل يشمل المؤمن ايضا القابل لهذا  الشرط، أم  المقصود بها الغاء المقدس كفكرة أو نسبيته، وهذا يضع معتنقها بالضد  من  الأديان، فترى بعض اللادينيين " مع احترامنا لكل انسان يحمل فكر " يعلمون  بمخالفة مايحملوه مع ماهو سائد في المجتمع لذلك كحيلة دفاعية أو كمحاولة بالطعن  بالحالة الأسلامية الأصيلة قد حاولوا في السنين الماضية أختطاف لفظة العلمانية  وتجييرها لصالحهم، متناسين ان الأسلام هو دين الحرية، وهذا لايشمل بطبيعة الحال  " المتشددين من التكفيريين السلفيين ", كما لاينطبق ايضا التعريف الثاني  للعلمانية " نزع المقدس " على اصوليي اليسار فهؤلاء لهم مقدساتهم ايضا في ما يشمل المادية الديالكتيكية والتاريخية وكذلك في طرق المعرفة، وكمثال  انكارهم ماهو ليس ضمن نطاق المشاهده والتجربة , كما انكر الأتحاد السوفيتي السابق على هذا الأساس ولسنين طوال الخوض بالباراسايكولوجي  ليلتفتوا اخيرا الى خطأ توجههم .

 وهولاء يخفون بالطبع مفاهيم الأرتيابية والتشكيك بالخالق سبحانه وتعالى ,مع ذلك  فقد أنفتح الأسلاميون عليهم في العملية السياسية , وبالتالي لا مجال هنا للبعض  أن يستخذم مصطلحات لها ظروف تبلور مختلفة زمانيا ومكانيا على مجتمعنا مثل  الدولة الثيوقراطية التي كانت في أوربا العصور الوسطى , وتجيير هذا المصطلح  واسقاطه على الأحزاب والتنظيمات الأسلامية , الشيعية منها بشكل خاص .

 واتهامها  بعدم أحترام النظام التعددي الديمقراطي , رغم أندكاك هذه التنظيمات في التعددية  التي طالما دافعوا عنها وحاولوا أيجادها وفرضها أن لم تكن موجودة , في بعض الأحيان في عراق اليوم .

 فيما يخص مبدأ فصل الدين عن الدولة قد يبرع العلمانيون في الغرب نسبيا في  الدفاع عنه , لأن تجربة المعسكر الغربي مع المؤسسة الدينية كانت دموية تاريخيا  , مما حملهم على اليأس من أمكانية التعايش بدون "العلمانية ", هذا لم يوجد في  تجربة الأسلام المحمدي العلوي الأصيل "لا أسلام السلطة الجائرة تاريخيا", التي  كان الدين وسيلة للرقي الفردي والأجتماعي فيه, وأستخدموا  السياسة كوسيلة  لأدارة شؤون المجتمع في دائرة العدالة .

 وفي ضوء هذا يحصل العكس في بلادنا حين نبعد الدين عن السياسة، لأن دعوة  السياسيين لفصل الدين عن السياسة عندنا ليس غايته خدمة مصالح الناس بعيداً عن  عقائدهم ومذاهبهم, كما يفترض أنه حاصل في الغرب, بل الهدف من ذلك هو استئثار  السياسيين بحقوق الأديان والمذاهب وتقاسم حصص اتباع هذه الأديان والمذاهب  لمصالحهم الخاصة تحت عناوين سياسية.

 بل يتعدى ذلك الى تسخير الدين السلطوي الوعظي في خدمة الحكام الجلاوزة .

 ليصبح  لهم رجالات دين يزينون ويضفون الشرعية المزيفة لحكمهم .

 لنصل الى نتيجة مناقضة لمنطلق هؤلاء السياسين "العلمانيين ", وهو أستخدام منحرف  للدين في خدمة سياستهم الظالمة, بالمقابل أبعادا للدين الحقيقي بحجة  فصل الدين  عن الدولة .

 وشهدت السنين الماضية ايضا احتكارا من قبل البعض للكثير من ألمصلحات التي  ناقشناها في مقالات قبل أشهر مثل الديمقراطية واللبرالية ولا أجد مناسبا في هذا     الوقت أعادة هذه النقاشات .

لكن أود أن أوضح فقط مصطلح الوطنية الذي يحاول  البعض أحتكارها لهم وابعاد الأسلاميين الشيعة من دائرة معناها إإإ .

 وكأن  الأسلامي غير وطني متناسيا أن مصطلح الوطنية يحتاج الى قرينة  فتارة تطلق على  الجغرافية , وأخرى على الأيديولوجيا ألسياسية وثالثة على التدليل المعاكس لمعنى  آخر .

 وللتفصيل مثلا كانت تطلق في زمن المرحوم عبد الكريم قاسم للتفريق كمعاكس لماهو  قومي ناصري من المؤيدين للوحدة الأندماجية مع مصر كالطائفي عبد السلام عارف .

 وقد أطلقت في أحيان أخرى كمقابلة للفظة العميل فكان تصنيفا أنتسابيا, كانوا   يقولون هذا وطني والآخر عميل .

 وقد أستخدمت من قبل العراقيين مؤخر للتمييز بين كهرباء الحكومة وكهرباء  المولدات الأخرى .

 المشكلة ان الأسلاميين في مؤتمرات المعارضة العراقية قبلوا  بأطلاقها على  القوى غير الأسلامية من باب التمييز ليس ألا , فأصبحنا نسمع  حينها بالقوى  الوطنية والأسلامية , وكأن الأسلامي غير وطني إإ .

  واجد ان أنوه هنا من هذا الأستخدام " أقصد الوطني" يجب أجتنابه من قبل الجميع ,  فكلنا عراقيون أذا كنا أسلاميين أو قوميين أو علمانيين , شرط أن نكون في خدمة  العراق أولا وأخيرا.

 والمصيبة الأكبر أصبح مصطلح الوطنية محتكرا من قوى ولدت من رحم البعث المجرم ,  ونشأت في أجواء مريبة تنبعث منها روائح الشبهات وادخنة التآمر وهي مستعدة  لبيع  الوطن للآخرين كما فعل صدامهم ثمنا لبقائه في السلطة .

 ولنعود للأجابة على السؤال المطروح في عنوان المقال : في الأنتخابات قبل الأخيرة حصل الأئتلاف العراقي الموحد على 142 مقعدا والتحالف  الكردستاني على 78 مقعد والقائمة العراقية على 40 مقعد .

 رغم أن نسبة المشاركة  في الأنتخابات تلك الى نسبة عدد المشاركين في أنتخابات منتصف كانون الأول 2005  هي 75% .

 بمعنى حصول كل قائمة من القوائم أعلاه على عدد مقاعد هو حاصل ضرب مقاعدها بالنسبة 0.

75  أذا  أرادت الأحتفاظ على نفس المعدل .

 وهذا يعني أن يكون للأئتلاف العراقي الموحد 107 مقاعد لا 130 مقعد كا هو الآن .

 أذن هذا أنتصار للأئتلاف بزيادة نوعية بمقدار 23 مقعدا .

 وهنا نكون قد أجبنا  بالنفي على السؤال المطروح في عنوان مقالتنا .

 وبنفس الأجراء ليكون للتحالف الكردستاني 58 مقعدا وهذا متحقق بالضبط أذا جمعنا  مقاعد الأتحاد الأسلامي الكردستاني معها كون الأخيرة كانت في نفس القائمة في  الأنتخابات الأولى .

 لنأتي الى قائمة الدكتور أياد علاوي التي حصلت على 25 مقعد , رغم وجود الحزب  الشيوعي معها ذي المقعدين السابقين .

 وعلى نفس القياس يكون من المفترض حصولهم على 31 مقعدا لا 25  أي بخسارة ستة  مقاعد .

 الأستنتاج هو أن الأئتلاف العراقي الموحد القائمة الوحيدة التي أزداد عدد  مقاعدها النوعية زيادة كبيرة 23 مقعدا .

 وهنا يظهر خطأ الفرضية السابقة بأنحسار التأييد الشعبي لها , بل العكس صحيح .

 وأذا أخذنا الطرف الثاني وهو الحزب الأسلامي السني والعدد الملحوظ لمقاعدهم  وكذلك الأتحاد الأسلامي الكردستاني السني.

 نجد ما يحلو للبعض أن يسميهم  "الأسلام السياسي " هم الأغلبية البرلمانية .

 ليكمل بقية المقاعد الأحزاب  القومية الكردية والعربية و"العلمانية " والبعثية .

 

العودة الى الصفحة الرئيسية

 

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع و النشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com