|
الانسان وحقوقه في العراق الامريكي
ياسر سعد / كندا حقوق الانسان وحرياته الشعار الامريكي الابرز والذي استخدم وما يزال ذريعة وحجة لاحتلال العراق وانتهاك سيادته والعبث بمقدراته وتمزيق قدراته وفوق ذلك كله لمصرع عشرات الالآف من ابنائه ومواطنيه. واذا كان وضع حقوق الانسان في عراق ما قبل الغزو والاحتلال ليس مما يسر او مما يتوق اليه المرء او يذود عنه, فإن الاوضاع الحالية اكثر سوء واشد انحدارا مما كانت عليه من قبل. فلقد اضيفت اليها الكثير من الانتهاكات الجديدة والتي تمثلت في فقر مدقع وتعمق الكراهية المبنية على ابعاد طائفية بغيضة اضف الى ذلك الانتهاك الاعظم للانسان وحقوقه وذلك باستخدام تلك المبادئ الكريمة والقيم الرفيعة وسيلة سياسية رخيصة للوصول لمآرب سياسية ومصالح مادية ضيقة ووضيعة. جاءت فضيحة ابوغريب بداية والتعامل الامريكي الرسمي معها وردود افعال سياسيي الاحتلال وحلفائه لتعري وتكشف المواقف على حقيقتها. فالتعامل الامريكي الرسمي معها كان غرضه الاساسي تطويق تبعاتها وتنفيس الاحتقانات الناشئة عنها ولم يكن هدفه بأي حال كشف الحقائق او معاقبة المسيئين لذلك تم اخفاء الكثير من الحقائق وطمس العديد من الوقائع وتم عرض صور وافلام شنيعة على اعضاء الكونغرس الامريكي تحتوي كما اشارت تقارير صحفية عدة لقطات مخزية لاطفال يتعرضون لعمليات اغتصاب وتعذيب مروعة. من هنا انصب الغضب الامريكي الرسمي على التسريب الحديث للصور الجديدة لفضائح ابوغريب المشينة دون ان يتوقف الموقف الامريكي على الاطلاق عند ماهية الصور او ما كشفت عنه ذلك لأن تلك الحقائق معروفة تماما عند الامريكيين بل لا ابالغ اذ اقول ان تلك الانتهاكات سياسية امريكية رسمية وان كانت غير معلنة. والا فلماذا اصرت الادارة الامريكية على اعطاء جنودها والمتعاقدين الامنيين عند بدء الاحتلال حصانة من اي ملاحقة قضائية في العراق؟ ولماذا ترفض ادارة بوش وباصرار لا يعرف الكلل والملل الاعتراف بالمحكمة الجنائية الدولية؟ التفسير المنطقي لتلك المواقف ان تلك الجرائم والانتهاكات قد تكون واحدة من الوسائل الامريكية الفعالة في الهيمنة والسيطرة عالميا جنبا الى جنب مع سياساتها العدوانية واذرعها العسكرية ومساعداتها الاقتصادية. ولعل معسكر غوانتنامو يبدو شاهدا حيا صارخا على ذلك. في مرحلة ما قبل مهزلة الانتخابات العراقية الاخيرة, كشفت القوات الامريكية عن فظائع معتقل الجادرية. واستبشر البعض خيرا بإن الضمير الامريكي السادر في سبات عميق قد اصابه شئ من الحياة واليقظة. وسمعنا عن لجان للتحقيق ولكشف الحقائق ورأينا المواقف المعتادة من سياسيي الاحتلال والمنددة والمدينة لفظيا واعلاميا لتلك الانتهاكات. ومالبث ان طوى النسيان كل ذلك وكأنه لم يكن. والان عادت القوات الامريكية لتكشف وتكتشف عن فرق الموت المشكلة في وزراة الداخلية العراقية والتي عمدت لاختطاف وتعذيب وتصفية ابناء طائفة كريمة من الشعب العراقي وصفوة عقولها وقياداتها, ولتزرع بذور فتنة طائفية وحرب اهلية سيكتوي بنارها الشعب العراقي وليستفيد من دمارها المحتل وبعض دول الجوار الحاقدة تاريخيا على العراق وعروبته ومكانته. وعلى الرغم من ان فرق القتل واعمالها وجرائمها قد غدت من المسلمات والبديهيات في عرف الشارع العراقي ووعيه, فإن الموقف الامريكي الاخير ليس من قبيل يقظة ضمير المحتل والغارق بدوره في جرائم ضد الانسانية بقدر ما يظهر انه وسيلة ابتزاز سياسية تستهدف دفع بعض الاطراف السياسية العراقية المهادنة للاحتلال الى اتخاذ مواقف اقرب الى مصالح الاحتلال واهدافه منها الى مصالح الدولة الممولة لتلك الفرق والتي شكلتها ودربتها ابتداء. بتقديري لن يكون هناك تبعات ولا مواقف لاحقة من فرق الموت ولا من يقف وراءها, ذلك لأن الموقف الامريكي منها هو سياسي اكثر منه مبدئي وعندما تتم الصفقات السياسية والاتفاقات السوداء بين الاحتلال والقوى العراقية المشبوهة سيطوى النسيان فرق الموت كما طوى من قبل معتقل الجادرية. إن استخدام حقوق الانسان ان كان في العراق او في غيره من قبل الادارة الامريكية كاداة ضغط رخيصة للوصول الى اهداف سياسية وكوسيلة للهمينة والسيطرة على مقدرات الشعوب والتي تفضي الى احوال انسانية بائسة يعتبر برأيي الشخصي من اسوأ انتهاكات حقوق الانسان وكرامته.
|
||||
© حقوق الطبع و النشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |