مكونات الشعب العراقي والوحدة الوطنية

 جاسم هداد

jasemhaddad@hotmail.com

 في الآونة الأخيرة كثر تداول مفاهيم " مكونات الشعب العراقي " و" الوحدة الوطنية " بين السياسيين العراقيين سواء كانوا نوابا أم وزراء وقياديين في احزاب سياسية، وتناقلت وكالات الأنباء والصحف الورقية والألكترونية تصريحات لهذا الوزير وذاك النائب، ومع الأسف نجد تفسيرات مشوهة لمفهوم " الوحدة الوطنية " و" لمكونات الشعب العراقي " فنرى بعض هؤلاء يصرون وعن قصد مبيت على تعميق الأنقسام القومي الطائفي الذي أرساه النظام البعثي الفاشي والذي واصلت السير فيه الولايات المتحدة الأمريكية في مؤتمراتها التي عقدتها قبل غزو العراق.

 نائب في مجلس النواب وله مكانة متميزة في كتلته الأنتخابية يختزل مكونات الشعب العراقي بـ " الشيعة، السنة، الأكراد "، مرددا ما تريده الولايات المتحدة الأمريكية، ومقدما لها خدمة مجانية، وكأنه لا يعلم ويبدو انه لا يعلم ما فعلت هذه التقسيمات في الشعب اللبناني لأكثر من خمسة عشر عاما ولا تزال نذر شؤمها تهدد الشعب اللبناني.

 ووزير في الحكومة الحالية يؤكد على انها " حكومة وحدة وطنية "، طالما تضم في تشكيلتها " الشيعة والسنة والأكراد "، ويطالب ان تكون الحكومة المقبلة على غرارها، ولا ادري كيف يطلب منا هذا الوزير ان نعتبره وزيرا لكل العراقيين، وهو يصرح علنا انه وزير في حكومة " شيعة وسنة وأكراد " أي حكومة طائفية قومية، فأين موقع ابناء الديانات والقوميات الأخرى من الأعراب كما يقال؟، ومن هو الوزير الذي يمثلهم ويرعى مصالحهم؟، وأين قوى التيار الديمقراطي اليساري العلماني؟، أليس هؤلاء عراقيين ولهم حق في هذا الوطن يقره الدستور العراقي الذي لم ينشف حبره بعد.

 ان من يردد هكذا تشويهات يؤسس بقصد وبدون قصد لمرض سرطاني، ويؤسس لدق أسافين وليس أسفين واحد في المجتمع العراقي، بل يؤسس لتثبيت معاول تهديم للمجتمع العراقي، وبدلا من ازالة التشويهات التي الحقها نظام البعث الفاشي طيلة فترة حكمه بالمجتمع العراقي، نرى ان هؤلاء بتفسيراتهم المشوهة لمفهوم " مكونات الشعب العراقي " و" الوحدة الوطنية " يزيدون في تشويهات البعث الفاشي عمقا ويسيرون في دربه، ويحققون احلام اعداء العراق وشعبه، وعجبا انهم بتجارب الشعوب الأخرى لا يتعظون، فهل هم لا يفهمون؟ ام عن ذلك يتعامون.

 صحيح جدا ان احدا لا يستطيع نكران قوميته ودينه وطائفته، ولكن الخطأ يكمن عندما يجعل لها الأسبقية على عراقيته، ويكون الولاء للطائفة والقومية بدل الولاء للعراق، والكارثة الكبرى عندما يقول المواطن انا شيعي وسني وكردي بدلا من القول انا عراقي، فغطاء العراق أشمل يلتحف به الجميع وغطاء الطائفة والقومية لا يكفي الا للطائفيين والقوميين.

 ووزير الحكومة الحالية يعترض على مطالبة مجلس الأمن الداعية بتشكيل " حكومة وحدة وطنية " ويعتبر هذه المطالبة بـ " تدخل غير مبرر من جانب مجلس الأمن في شؤون العراق "، والذي يثير الأستغراب ان هذا الوزير يقيم في المنطقة الخضراء المحمية بقوات الأحتلال " متعددة الجنسية " والمتواجدة بموافقة مجلس الأمن، فكيف يكون وزيرا، ومن استوزره وهو ليس له علم بقرار مجلس الأمن الذي شرعن قوات الأحتلال وحولها الى قوات متعددة الجنسية، وهي محط مراجعة من قبل مجلس الأمن سنويا ويتم التمديد لها بطلب من الحكومة العراقية التي هو وزير فيها، الا يعلم وزير الحكومة الوطنية ان حكومته قدمت طلبا رسميا لمجلس الأمن لتمديد تواجد هذه القوات وبدون أخذ موافقة الجمعية الوطنية؟، هل يعتقد هذا الوزير ان تصريحه لا يقرأه احد، طالما هو لا يقرأ شيئا؟.

 ان المأساة التي يمر بها العراق وشعب العراق بحاجة الى نواب يمثلون كل الشعب العراقي، وينطقون بأسمه ويدافعون عن مصالح كل عراقي، وبحاجة الى وزير يكون وزيرا لكل العراقيين وليس وزيرا لقومية معينة وطائفة معينة، ويقوم بخدمة كل عراقي مهما كانت قوميته ودينه وطائفته، وزيرا يجعل ضميره نصب عينيه، وليس الحزب الذي رشحه لهذا المقعد الوزاري، فلعنة التاريخ ستلاحق كل من يكرس النعرات الطائفية والقومية في مجتمعنا العراقي، ومن يزيده تمزيقا ويشارك في تعميق جراحه في الوقت الذي هو بأمس الحاجة لتضميد هذه الجراح.

 فلله درك يا عراق ويا شعب العراق، فمثل هؤلاء الوزراء وهؤلاء النواب لا يرعون لك مصلحة، ولا تتوفر لديهم الأهلية لتضميد جراحك النازفة.

 

العودة الى الصفحة الرئيسية

 

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com