متى تكف إيران عن تدخلاتها في الشأن العراقي؟

 

جاسم هداد

jasemhaddad@hotmail.com

تزامنا مع سقوط النظام البعثي الفاشي، دخل رجال واعوان المخابرات الأيرانية الى العراق افواجا وليس آحادا، وتحت مسميات عديدة ومتعددة، طلاب حوزة دينية، منظمات خيرية، أحزاب سياسية، تجار مخدرات، زوارا للعتبات المقدسة، ولم تعد هذه التدخلات خافية على احد، وأشار لها الكثير من المخلصين لهذا الوطن وشعبه، والنافي الوحيد لهذه التدخلات السافرة هم قيادي الأحزاب الدينية ذات العلاقة الحميمة مع إيران، وغدت هذه التدخلات ملموسة في الشارع العراقي وخاصة لمدن الفرات الأوسط والجنوب.

 فبعد قيام المخابرات الأيرانية بتسهيل شراء كل المسروقات وبشتى اصنافها من نحاس الكيبلات الكهربائية الى الدبابات ومحركات الطائرات، ثم تسهيل مهمة نقلها الى داخل اراضي الجارة المسلمة ! إيران. ثم عملت هذه المخابرات على تحويل ارض العراق الى مركز دولي لتجارة المخدرات، فأمتلأت اسواق كربلاء والعمارة والحلة والنجف وغيرها من المدن العراقية بالترياق والحشيشة وحبوب الكبسلة وحتى الهيروين.

 اما نهب النفط العراقي فهو متواصل ولم ينقطع يوما وبتسهيل وتعاون من قبل بعض ذوي النفوس الضعيفة، وما قتل الجندي العراقي وتأسير رفاقه الا دليل سافر على قرصنة المخابرات الأيرانية واستهتارهم بالدولة العراقية، ويشجعهم على ذلك الموقف الضعيف المتواطئ للحكومة العراقية، ولقد صرح مسؤول حكومي لـ " الملف نت " في 18/2/2006 بأن " القوات البحرية الأيرانية تقدم بشكل مباشر وعلني الدعم للمهربين من خلال توفير الحماية لهم عند مطاردتهم من قبل القوات العراقية، إذ فتحت هذه القوات نيران اسلحتها على قطعنا البحرية أكثر من مرة، إضافة الى السماح للناقلات المحملة بالنفط المهرب من استخدام المياه الأقليمية الأيرانية لتكون في مأمن قانوني ".

 اما الآثار العراقية فلقد نهبت إيران مافيه الكفاية ولاتزال تواصل نهبها وسرقتها لآثارنا من خلال رجال مخابراتها واعوانهم من العراقيين الذين نجحت في تجنيدهم لخدمتها منذ فترة طويلة، ويبدو انها كانت تعدهم لمثل هذا الزمن، وحتى انها رفضت التعاون مع وزارة الثقافة العراقية في الجهود المبذولة من اجل استرداد الاثار المسروقة.

 وخيم ظلال المال السياسي المخابراتي الأيراني على اجواء الأنتخاب العراقية الأولى والثانية، بالأضافة الى تقديم كل المساعدات في مجال التزوير من اجل رجحان كفة كتلة انتخابية تعتقد انها يمكن لها من التعامل معها بيسر، حتى انها بلغت بها الوقاحة الى التصريح بوضعها خطا احمرا امام فوز احد السياسيين العراقيين، ومتداول في الشارع العراقي منحها مليون دينار عراقي مكافأة منها لكل العاملين في الحملة الأنتخابية للأنتخابات الأولى للكتلة الأنتخابية التي تعتقد انها قريبة منها، وليس معلوما لحد الآن المكافأة التي منحتها للناشطين في الأنتخابات الثانية، ولن نأتي بجديد في القول انها لاتزال تصرف رواتب قوات بدر، رغم انضمام الأخيرة لقوات الشرطة والمخابرات لوزارة الداخلية العراقية.

 اما زرع الفتنة بين ابناء الشعب العراقي فالمخابرات الأيرانية تتمتع بخبرة لا تحسد عليها في هذا المجال، وهاهو زعيم احدى الجماعات الأسلامية في البصرة " إقرأ: دكان من دكاكين المخابرات الأيرانية " يعترف بأن  جماعته كانت لها مشاركة ضمن فرق الموت التي قامت بعمليات الأغتيال التي طالت سياسيين وصحفيين واساتذة وغيرهم، وذكر ان هذه الأغتيالات تتم وفق التوجيهات الأيرانية، حيث تعقد اجتماعات بين الحين والآخر وفي مقر احدى هذه المنظمات الأسلامية، ويحضر هذه الأجتماعات ويقودها ضباط المخابرات الأيرانية والذين يقومون بتزويد عصابات الأغتيالات بالتعليمات والأسماء المطلوب تصفيتها.

 وفي يوم الجمعة الموافق 17 شباط 2006، وفي مؤتمر صحفي مع وزير الخارجية اللبناني اطلق وزير الخارجية الأيراني تصريحا ينم عن استهتار بحقوق وسيادة واستقلال العراق، ضاربا عرض الحائط بكل قيم الجيرة واللياقة والدبلوماسية، وبكل قيم الدين الأسلامي الذي يتشدقون زورا بالدفاع عنه، حيث صرح لا فض فوه بأن " جمهورية إيران الأسلامية تطالب بالأنسحاب الفوري للقوات البريطانية من البصرة ". ثم اضاف اكتشافا عبقريا بأن هذه القوات " تزعزع الوضع الأمني ".

 اعتقد ان هذا الوزير اصيب بلوثة عقلية، وتهيأ له ان البصرة محافظة إيرانية، ولربما تهيأ له انه يعيش في العهد الصفوي وان العراق قابع تحت احتلال الحكام الصفويين، والا كيف اتت له الجرأة ليكون ناطقا عن الشعب العراقي، فهذا الشعب هو الوحيد الذي له الحق بالمطالبة بأنسحاب كل القوات الأجنبية وليس البريطانية فقط، وهذا الوزير الذي يقود الدبلوماسية الأيرانية ألم يعرف ان هذه القوات متواجدة بطلب رسمي من الحكومة العراقية؟، وبموافقة من مجلس الأمن الدولي، أي بتفويض من الأمم المتحدة،الا يوجد لأيران ممثل في الأمم المتحدة لكي يبلغ هذا الوزير بقرار مجلس الأمن الدولي المرقم 1483 الذي شرعن لقوات الأحتلال وجعل تواجدها بموافقة منه وبطلب من الحكومة العراقية، وتتم مراجعة ذلك سنويا، لحين استتاب الأمن، والذي تلعب مخابرات دولة الوزير دورا قذرا في زعزعة الأمن في العراق تحقيقا لمصالحها.

 مطلوب من الحكومة العراقية استنكار تصريح وزير الخارجية الأيراني، ومطلوب من وزارة الخارجية استدعاء السفير الأيراني وتسليمه مذكرة شديدة اللهجة رافضة التدخل في الشؤون الداخلية العراقية، مطلوب من الأحزاب الدينية التي لها علاقات مع إيران تقديم احتجاجاتها على هذا التصريح دفاعا عن العراق وسيادته، وإثباتا ان مصلحة العراق فوق كل مصلحة.  

 هل يأتي يوم نسمع فيه احتجاجا واستنكارا من قبل حكومتنا ومجلس نوابنا على انتهاكات وتدخلات الجارة المسلمة !! إيران؟، هل يأتي يوم يكون فيه مصلحة العراق أغلى وأثمن من المصالح الحزبية للأحزاب السياسية العراقية التي تتميز بعلاقة خاصة جدا جدا مع إيران؟، وأغلى واثمن من المصالح الشخصية لقادة الأحزاب السياسية العراقية ذات العلاقات الحميمية مع إيران.

العودة الى الصفحة الرئيسية

 

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع و النشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2... bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com