عمرو موسى ..عذر أقبح من ذنب ....!!
هادي فريد التكريتي
hadifarid@maktoob.com
الرعب يجتاح العالم نتيجة تفشي الوباء الجديد، افلونزا الطيور، وبما انه يصيب الطيور وينتقل عن طريقها إلى الإنسان، فخطره داهم، يهدد البشرية بتفشي الوباء، لكونه يتخطى الحدود، فلا توقفه الحواجز الدولية، ولا مفارز رجال الأمن والجوازات، نتيجة لهذا الخطر، عاش العالم، وحكوماته التي تحترم الإنسان، وتحرص على حياته، في حال من القلق والذعر الشديدين، فمختبرات العالم البيولوجية، والبيطرية، في حالة إنذار فعالة لفحص الحالات التي يشتبه بها، ولقاحات المرض تنتقل بأقصى سرعة ممكنة، من مصادرها المنتجة لها، إلى البلدان التي تحصل فيها الإصابات، لإنقاذ ما يمكن إنقاذه ليس فقط من بني البشر، ولكن أيضا من أجل تلك الطيور النادرة المهددة بالانقراض .
لا شك في أن الخسائر المادية والبشرية التي لحقت بالدول التي أصابها الوباء كبيرة، وخصوصا تلك الدول الفقيرة في أسيا وأفريقيا، التي تربي وتنتج تلك الطيور، لا لأكلها واستهلاكها محليا، فغالبية شعوب هذه الدول، تحلم بأكلة دجاج في العام، إن كان العام عام خير وبركة، لذا فهي تنتج لغيرها من الدول الغنية أو ذات الدخل المناسب لمواطنيها، فالوباء حل على هذه الدول والشعوب بمثابة الكارثة ( سونامي الطيور ) التي لا يمكن تعويضها، وهو كارثة بالمقابل على دول الشمال الغنية، فعلى الرغم من أن الخسارة المادية التي لحقت بهذا الصنف من الحيوانات عندهم كانت هي أيضا كبيرة، إلا أن ما يخيفهم هو أن يتحول هذا الوباء إلى وباء يهدد الإنسان عندهم .
الدول الأوربية وحكامها، حريصون على تحقيق أقصى عناية، وأفضل رعاية للإنسان المواطن عندهم، واهتماماتهم بصحة وراحة شعوبهم فاقت كل الحدود والتصورات، التي يحملها حكامنا، وحتى ما يتخيله حماة البيئة عندنا، عن حياة نظيفة وكريمة للإنسان، لذا كانت هذه الدول حريصة على نظافة بيئتهم، وخلوها من كل مرض، بما فيها الطيور وباقي الحيوانات الأخرى، باذلين كل جهد لوقف الوباء، وعدم انتشاره، وحصره في المنطقة التي يظهر فيها، ومحاولة القضاء عليه، والحيلولة دون أن ينتقل إلى مكان آخر، لذا كانت إجراءاتهم سريعة، على كل المستويات، لتطويق المرض وحصر الخسائر بأقل ما يمكن، حيث تم عقد اجتماع طارئ لوزراء الزراعة والصحة في هذه الدول، لمناقشة ما يمكن فعله من إجراءات عملية وفورية، لوقف انتشار هذا المرض، أو التقليل من تأثيره على صحة شعوبهم، وانعكاسات تأثيره على بيئتهم وتضرر اقتصاد بلدانهم، كما عقدت ندوات على مختلف المستويات والاختصاصات، لإفهام المواطن وتوعيته بحقيقة هذا الفيروس وكيفية الوقاية وتوخي الحذر منه، وتحصينه عما هو متداول من إشاعات، غير حقيقية عن هذا المرض، وبذلك يتم حفظ أمن المواطن وسلامته، ليس عن طريق إجراءات مادية وعلاجية، وإنما عن طريق التوعية الصحية للفرد كذلك .
المرض في منطقتنا العربية، من آسيا وأفريقيا، قد ظهرت بوادره ودلالاته منذ فترة ليست بالقصيرة، كانت، ولا زالت، هناك خسائر بشرية، ناهيك عن الخسائر المادية، إلا أن المكافحة الجادة، على مستوى كل قطر، ضعيفة أو تكاد معدومة، إن لم تبادر الجهات الصحية المسؤولة، في هذا البلد أو ذاك، عن تصريح كاذب،بخلو البلد ونظافته من هذا المرض، بدلا من القيام بحملات وقائية مستعجلة، وفعلية لكشف المناطق الموبوءة ومكافحتها، وإتلاف الطيور النافقة والمصابة، وعلاج المصابين من المواطنين، والقيام بحملات توعية، لتحصين المواطن ووقايته .
إن ما يجري عندنا يعكس حالة التخلف التي يعيش فيها ومنها المواطن، نتيجة لإهمال المسؤولين وعدم اهتمامهم به، على كل المستويات، فالمواطن ضحية حكامه المتخلفين حضاريا، فلا مصارحة ولا شفافية فيما هم مقدمون عليه، والمواطن يجهل ما يحصل حوله ويدور، فأمن وسلامة غذائه معدومة، والعناية بصحته أمل وأمنية، بظهر الغيب، وتوعيته بمخاطر ما حوله تتولاها أدعية الصالحين !!، وعلاجها تمائم وأحجية المتخلفين.
أرباب الحكم والمسؤولين، على مختلف مستوياتهم، وعلى نطاق الوطن العربي، هم آخر من يفكر بالمواطن العادي وحمايته من مرض أو آفة، وإن حصل فبعد فوات الأوان، وهذا بالضبط ما يحصل عندنا، فإصابات المرض، انفلونزا الطيور، قد ظهرت في المنطقة منذ أكثر من ثلاثة أسابيع، إلا أن أية إجراءات جدية، على مستوى القطر الواحد، لم تتخذ من قبل أي مسؤول عربي، للتصدي لهذا المرض والوقاية منه، وكأنما الأمر لا يعنيه ولا علاقة له به طالما الوباء بعيد عن بلده أو عنه شخصيا، وعندما يقترب، أو يتفشى، بعد محاولات التستر الخائبة عليه، يتم التداعي لمكافحته بعد فوات الأوان، أو إجراء ما يلزم، عندما لا يلزم لعلاجه شيء، وحتى في مثل هذه الحال، لم يكن عامل الوقت والزمن، عندهم له حضور أو قيمة، على عكس ما هو حاصل في الدول المتطورة التي تغالب الزمن في إجراءاتها، فالسيد عمرو موسى، رئيس الجامعة العربية، وبعد أن تفشى المرض في بلده، مصر، وأصبحت السيطرة عليه خارج القدرة الوطنية، يطلب المساعدة عندما أعلن أن :ـ \" ..الاتصالات تجري الآن لتوفير الأمصال اللازمة لمواجهة مرض انفلونزا الطيور، والتنسيق بين الدول العربية لمواجهة هذا الخطر ...إننا توقعنا هذا الخطر ولذلك اتخذنا إجراءات وقائية إتفق عليها المكتب التنفيذي لمجلس وزراء الصحة العرب، في اجتماعه الطارئ منذ قرابة أسبوعين ..\" لا أجانب الحقيقة والواقع عندما أقول أن الإحساس بقيمة الوقت عند حكامنا أمر معدوم، أو كإحساسهم بما تعانيه شعوبهم من ظلمهم وقهرهم، وهذا بعض مأساة تخلفنا، فمنذ قرابة الأسبوعين، كما يقول عمرو موسى، قد أتفق وزراء الصحة الميامين على اتخاذ الإجراءات الوقائية، ولكن ومن بعد أسبوعين أيضا، لا زالت الاتصالات تجري لتوفير الأمصال اللازمة، ( ولا أحد يعلم َمْن يتصل بَمْن ؟ أو على أي البعران، من بلد العربان، قد جرى تحميلها أو شحنها ) ولا ندري هل الأمصال هي للطيور أم لبني البشر ؟ سواء أكانت للطيور أم لبني البشر، فالأمر سيان، فلن نجد من بين المصابين أحياء بعد كل هذا الوقت المهدور في الإتصالات .؟ ( أتمنى لو كانت الأمصال لهؤلاء الوزراء ) الغريب في الأمر أن السيد عمرو موسى ووزراءه العرب، لا زالوا أحياء ولم يصابوا بالمرض، وهم من كانوا قد توقعوا هذا الخطر، فلو لم يكن قد توقعوه ماذا كان سيحصل آنئذ ؟ عندما يكون حكامنا والمسؤولين عن أمننا وحياتنا بهذا الوعي المتدني، يكون عذرهم أقبح من ذنبهم، وليس هناك من يحاسبهم على قباحاتهم ..؟؟
العودة الى الصفحة الرئيسية