|
النائبات الصامتات والكفاح من أجل فتيات العراق ونسائه؟ احمد عبد العال الصكبان يبدو احيانا أن الشيء الوحيد الذي نتحدث عنه فيما يخص حقوق النساء، هو ما اذا كن محجبات أم لا، إلا ان حرية المرأة اكثر من مجرد الحديث حول الحجاب. وهذا ما قادني الى الموضوع الذي اود تقديمه للقراء ، وهو من سيكافح من أجل فتيات العراق ونسائه عندما تخذل من قبل ممثليها الصامتات. كتبت قبل عده ايام مقال ادعو فيه نساء العراق للثوره فتلقيت العديد من الرسائل من ناشطات عراقيات ممن يمسكن، رغم الوضع الأمني المتدهور، بفرص سياسية ويهيئن أنفسهن للمساهمة في العملية الديمقراطية. يشكون حاله الرعب والتهديد التي يواجهونها يوميا لكي يكون المستقبل اكثر اشراقا لفتيات العراق ونقلن من واقع معايشتهن لفتيات عراقيات صورا من مأس حقيقة تجري على ارض العراق فنقلنا لي قصص النساء العراقيات الاتي تركن المدرسة خوفا من الاختطاف الذي تتعرض له الفتيات في الحي. وقصص الفتيات الاتي يتعرضن للتميز من قبل اسرهم التى لاتستطيع توفير مصروفات التعليم فقررت الاسرة إرسال ابنها الى المدرسة، وأخرجت الفتاه من الدراسة لتعمل. كما نقلنا لي قصص توجه مجموعة من الرجال الى مدرسة للفتيات حاثين البنات فيها على وضع غطاء الرأس (ترى كم من هؤلاء سيضعن الحجاب انطلاقا من قناعة دينية؟) ربما يحاول بعض القراء الإلقاء باللائمة على الاميركيين في كل ما يحدث، لكنني اود ان احث هؤلاء على التحلي بالواقعية، وتذكر ما كان يحدث للنساء خلال فترة حكم صدام حسين وابنه الكسيح عدي. من الصحيح القول انه كانت هناك فترة كانت النساء العراقيات فيها بين أفضل النساء تعليما ومشاركة في القضايا السياسية في العالم العربي، ولكن عندما أصبح مناسبا لصدام حسين أن يكون «مسلما جيدا» كانت النساء العراقيات أول من دفع الثمن. فقد بدأنا نرى المزيد من النساء بدون عمل، وبدأنا نرى المزيد من النساء يرتدين الحجاب. وبدأ هذا الاتجاه في الانتشار مجددا، على ما يبدو، في العراق في الوقت الحاضر. فلماذا تكون النساء دائما أول من يدفع الثمن لميل الرجال الواضح المستحدث الى الدين؟ ولماذا يجري التعبير عن ولاء الرجال للدين غالبا بإرغام النساء على التصرف وفق ما يرتأونه هم؟ ان الاسلام دين يؤكد الإرادة الحرة. وهو ليس دينا يعتمد على الإكراه. غير أن هذا المفهوم يجري نسيانه عندما يتعلق الأمر بالنساء. لا تتوفر لدي أرقام عن عدد الفتيات اللواتي تركن مقاعد الدراسة في العراق سواء بسبب الفقر أو خوفا من الاختطاف والاغتصاب. وليست لدي أرقام عن عدد النساء اللواتي تركن العمل للأسباب ذاتها، لكنني اعرف أن هذه اتجاهات مقلقة يتعين على حكومات العراق الراهنة والمستقبلية معالجتها. فقد رأينا ان نتيجة مشاركة النساء العراقيات في السياسة مثل التعبئة النسوية عام 2004 ، عندما وقفت النساء العراقيات وقفة واحدة للإبقاء على قانون الأحوال الشخصية. وعملت المجموعات النسائية في العراق جاهدة من اجل تثبيت مبدأ تمثيل عادل لهن في تكوين الحكومة ومجلس النواب، اذ طالبن بنسبة تمثيل قدرها 40 في المائة، لكنهن حصلن على نسبة 25 في المائة. وكأنها منحة منحت لهم من قبل الرجال وللاسف اتضح لنا ان العديد ممن تم ترشيحهم من قبل بعض الاحزاب ماهم الا سد للفراغ وبالعامية العراقية يطلق عليهم ( جماله عدد) منما ادى الى بقاء الوضع على ماهو عليه فرغم ما تطالعنا به العديد من الصحف والمجلات والمواقع، زيادة على الواقع الذي نعيشه بأنفسنا، عن جرائم قتل واغتصاب وعنف تقترف بحق النساء اللائي قال عنهن الرسول الأمين "رفقاً بالقوارير"، منما ادى الى مهانة المرأة العراقية التي قد تضطر أحياناً لبيع جسدها بالخارج و الحالات عديدة و موثقة سواء في اليمن وسوريا وحانات إنكلترا والخليج أضافة لتجاره الرقيق التي تنتشر في العراق وتخاذل الجهات الامنيه والتى تنظر لهولاء الضحايا نظرة النشاز ، وابتكار الاجهزه الامنيه لحل ثوري لشكاوي النساء التي تعرضنا للضرب من (بعولهم) بالمصالحة (في تهرب من المسؤولية الملقاة على عاتقهم) مع زوجها أو تعهد منه بعدم مسها، لكنه فور الوصول الى البيت يكون أول منتقم منها، أما ان لجأت لاهلها فالمصيبة أعظم، حيث أن والدها بعد أن باعها، عفواً، أقصد زوجها، فهو يعتبر أنها انتهت بالنسبة له، ويقوم بدس أمها لتعقلها وتعيدها الى رشدها وتعود لزوجها البطل، وهنا تكتمل أبعاد المأساة، فلا المؤسسات قادرة، وعجز قانوني، والأهل ظلمة. اما النساء اللاتي يتعرضن للخطف والاغتصاب فأنهم يتعرضن للقتل بحجة مسح العار، أي أنها أصبحت ضحية من اغتصبها وبعد ذلك ضحية أهلها. ان وجود مثل من يفكر بتلك الطريقة اليوم هو العار بعينه، وقتله للضحية يدل على وجود تخلف جيني وجبن أخلاقي وضعف عقلي لديه، لأنه بذلك يهرب ولا يواجه ولا يمارس قوته الا على الضعيف، وهذه من صفات الأنذال منحطي الأخلاق. و للأسف لم نسمع أحدا في البرلمان المنتخب و قبله الجمعية الوطنية ذات المائة مقعد يتحدثون عن هذه القضايا ، ربما لأن البعض يعتبر نفسه نقياً أكثر من اللازم و يرى في هذه المأساة مجرد نساء يحق عليهن الرجم، و هذه ليست طريقة نعالج بها مشاكلنا أي أن التبرؤ من هؤلاء النسوة لن يحل الأزمة بل ستبقى وصمة عار في جباهنا جميعا، و الأدهى أنني لم اسمع لإى من نائباتنا بالبرلمان –، (اللهم أجعل كلامنا خفيفاً على النساء في المجلس النيابي، حتى لا يطالبن بقانون يمنع الرجال من الخوض بقضايا النساء و حرية المرأة باعتباره من الفساد و الضلال) و عددهن 85 امرأة و معظمهن محجبات من تثير هذه القضية ربما لأنهن يتعالين بأنفسهن عن هذه المسائل رغم أنها تمس أخوات لهن قادهن حظهن العاثر للوقوع في يد من لا يرحم ان كان مغتصبأ او زوج ظالم. فمازالت المرأة حتى اليوم تهان ان أنجبت اناثاً فقط أو ان أكثرت من انجاب الاناث ولم تنجب الذكر (حامي حما العراق وصائن مجده ومحرره من التخلف) وفي ذلك اعتراض صريح صارخ لا يقبل التأويل على الله تعالى، حيث قال بوضوح في بعض آيات القرآن المحكم التنزيل "يهب لمن يشاء ذكوراً"، "يهب لمن يشاء اناثاً"، ثم نصوم رمضان ونركع للصلاة بعد هذا الاعتراض المنحط الوضيع على حكم الله تعالى، فأي صيام هذا الذي يقبل منا؟ وهل هو صيام أم جوع فقط؟ حتى اليوم الغالبية العظمى من النساء العراقيات يضربن على أيدي أزواجهن، ولا يستشرن ولا يقبل لهن رأي، ولا يحق لهن الاعتراض على أي شيء، يتم توقيفها عن الدراسة ليكمل أخوها تعليمه. الحديث في هذا الموضوع يطول ويطول، وما أن تنتهي من جزء الا وتدخل جزءً آخراً من المسلسل المشؤوم دون شعور، العديد من النساء يلجأن بعد الاعتداء عليهن لبعض المؤسسات، لكن تلك المؤسسات ليست لها القدرة على تحمل آلام نساء شعب كامل، بل هي تحاول حل بعض المشاكل وبشكل فردي لحالات معينة حسب امكانياتها. فما زالت عقلية الرجل العراقي تحكمها عقدة الذكورة المستعلية التي تنظر إلى المرأة: إما كجسد مثير يجب استغلاله كمتنفس لشهواته وملذاته، أو كسلعة في سوق العرض والطلب، أو كإنتاج ضعيف وجب حمايته مقابل الخضوع لقراراته. اما المرأة فبقبولها الدخول في هذا المشروع الذي يديره الرجل ، رضيت أن تختزل مطالبها بالمساوة في الجانب الجسدي، هذا الجانب الذي تشبعه عناية واهتماماً وتنفق وقتاً ثميناً وأموالاً باهضة في محاولة لإبرازه بشكل يلفت الأنظار إليه، بمعنى أنها رضيت أن ينظر إليها كأنثى قبل التفكير في كونها إنسان كامل الأهلية، وكأنه قد كتب على المرأة تحويل مواقع الاستعباد من المرأة ـ العورة إلى المرأة ـ السلعة. إن تحرير النساء وبناء مستقبل زاهر لنساء وفتيات العراق لايتم إلا بإعادة تشكيل عقلها و التسلح بالمعرفة والعلم ومكابدة الحياة و والثورة على قوى التخلف وابعاد النائبات الصامتات المناضلات في سبيل عودة المرأة لعصر الحريم و الداعيات لوأد أي قانون يحمي للمرأة حقوقها و يصون لها كرامتها، وممارسة حقوقهن بوعي وبصيرة، ليكتمل بهذا كله مستلزمات تحقيق وجودها الإنساني فترتفع عن أن تكون عبدة لإنسان آخر سواء داخل البيت أو خارجه.
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |