ماهو سـر عدم التطور الفكري لبعض العربان؟!

سـرمد عـقـراوي

 SARMAD-AQRAWI@HOTMAIL.COM

كان ابي ومنذ صغري يعلمنا على الحرية في ابداء الرأي في حدود الادب؟!. بل كان في معظم الاحيان يسمح لنا بانتقاده ولكن ايضا ضمن حدود المودة والاحترام والادب؟!. اتذكر في اواسط السبعينات بانني وبعد امتحان عصيب في درس الكيمياء وفي الصف الخامس الاعدادي خرجت بصداع رهيب؟! وانا عادة لايصطحبني صداع ؟! وعندما طلبت حبة اسبرين من احد المعارف لم يكن لديه ؟! فاعطاني سيكارة وقال لي بانها تعمل نفس عمل الاسبرينة ؟!. فعلا ذهب الصداع وبدأت بوادر عادة سيئة كنت سأستمر عليها لعشرات السنيين لولا حكمة ابي ؟! اتذكر بأنني جئت الى البيت وبجيبي باكيت سكائر؟!. ابي لم يضربني؟! ولم يعنفني؟! ولم يكن لا ابالي ايضا كالكثير من الآباء؟! بل قال لي:سوف نذهب الى زيارة طبيب صديقي في عيادتة ؟!. ذهبنا الى الطبيب؟!.رحب بنا الطبيب صديق ابي وبدا يشرح لي اضرار التدخين ولقد اراني ايضا آثار التدخين على رئة الانسان باستعمال الصور والدمية التي تدخن؟!. خرجت يومها من عند الطبيب وانا اشعر بغثيان من جراء ما شاهدتة؟!.

تعلمت مع هذا الدرس وغيره بان لكل مشكلة أو موقف في الدنيا سلبيات وايجابيات ويجب على الانسان بأن يذهب الى ذوي الخبرة والاختصاص للحصول على معلومات مهمة قد تساعده في اتخاذ القرار الصحيح؟!. اغلب العربان ومع توفر المعلومات فانه ينكر أو يتنكرويتخذ القرار الخاطئ. إنها فلسفة شعوب يجب أن تتغير؟! المشكلة تكمن في التبرير والقاء اللومة (او حسب ما يدعون البطولة) على الاسلام ؟! جاء في الحديث بما معناه إعقلها وتوكل وجاء في القرآن العظيم بما معناه تأخذه العزة بالاثم ؟! وكلاهما مثال لما ذكرت اعلاه ؟! المهم

ومرت السنيين ...في اواسط التسعينات ؟! جاء مديري الامريكي وهو مهندس مدني وحائز على درجة الماجستير بتفوق من احسن جامعات الولايات المتحدة الامريكية ؟! ولقد سقطت بقعة من دهن السيارات على قميصة من الخلف بسبب عطل حصل لسيارته ؟! انتبهت انا الى هذه البقعة ونبهته عليها ؟! وكان بصدد حضور اجتماع مهم مع المدراء العامين ؟! كان هو عمليا ومتحسبا لكل طارئ فقد كان يحتفظ بطقم كامل للملابس في المكتب تحسبا لأي طارئ ؟! استبدل القميص وشكرني بحرارة منقطعة النظير؟! هل سمعتم شكرني؟! بل انه في اليوم التالي اشار وفي اجتماع الموظفين بأننا في القسم يجب بأن نكون حريصيين على ابداء الآراء والنصح للآخرين كما فعلت انا ؟!. طبعا ان اقول بان النصيحة للآخرين يجب بأن يكون ضمن حدود الادب العام وايضا ضمن حدود عدم التدخل في شؤون الاخرين الخاصة ؟! الا اذا سمحوا هم بذلك كما ان الامام علي عليه السلام يقول بما معناه ( لا رأي لمن لايطاع).

احد اهم الاسباب لما وصلت الى الولايات المتحدة الامريكية  اليوم من تطور هو رحابة الصدر في تقبل الآراء والمقترحات والافكار بل والانتقاد البناء ومن جميع الاطراف ؟! بل اقول بان الفرد الامريكي ومنذ الصغر يتعلم على تقبل الانتقادات على انها اسلوب تقييم وليس انتقاد جارح للشخص؟! بل هو فكر ورأي في تقويم الانسان؟!. طبعا ليس الكل يتعلم هذه العادات في المجتمع الامريكي وبعضهم يقاوم هذه الفكرة الا انهم اقلية؟!.

ومن هذا المنطلق ترى صناديق الآراء والمقترحات في كل مكان؟! بل الاضرب من ذلك فعند زيارتك لأي مكان ؟!عيادة طبيب ؟ سوبرماركت ؟ دائرة رسمية ؟! يرسلون لك وبالبريد قسيمة استفتاء ؟!. ليسألوك بأن تقيم وتبدي رأيك بالخدمات التي قدموها لك ؟! بل يفتحوا المجال لك لانتقاد ما قد قصروا عن تقديمه لك ؟!.اما اليوم وبفضل من الله والبكة العنكبوتيه فإن الانترنيت قد وفرت مجالا مفتوحا على مصراعيه لتقبل الشكاوي والمقترحات؟!. فعند دخولك عند اي موقع انترنتيت هناك ايقونه تقول مثلا: للاتصال بنا انقر هنا؟! الا موقع الجامعة العربية "هيئة تشغيل العماله المصريه" فهو لا يحتوي على اتصل بنا لان رايك طز بيه لايهمنا؟! طبعا في وقت كتابة هذه الاسطر؟! والا انني وبعد تسميتي للجامعة العربية بـ هيئة تشغيل العمالة المصريه انتبهت انا  بأن الجامعه العربيه بدأت تركز على ان ممثليها أو الناطقيين الرسميين لها في وسائل الاعلام او الموفدين الرسميين يكونوا من غير المصريين ؟! لغرض التمويه ؟! وهذا الاسلوب البعثي الصدامي  كان تتبعه مخابرات صديم في الخارج في منظمات الطلبة العرب. حيث يكون رئيس منظمة الطلبه العرب فلسطيني او اردني او لبناني؟! ولكن اغلبية الاعضاء عراقيين بعثيين او مجبورين على الحضور تحت تهديد قطع ملف تحويل الاموال لطلاب النفقه الخاصه؟!. 

وهناك ايضا شركات في الولايات المتحدة الامريكية تدفع هدايا ومبالغ مالية لقاء ادلائك بآرائك ومقترحاتك وفي مختلف الامور وخصوصا في مجال التسوق؟!. طبعا احدهم قد يقول انظر الى الامريكان في العراق اليوم فهم لايسمعون نصائح العراقيين؟! وقد يكون هذا صحيحا بعض الشيئ؟! الا انه بأعتقادي ان السبب ليس الامريكان بل الطريقة التي تنقل بها الفكره الى الامريكان؟! عن طريق اناس جهله لايتقنون اللغة الانجليزيه الامريكيه ؟! وهذا ليس بعيب او حرام ؟! ولكن غلط ؟! لان القاعدة العقليه والشرعيه تقول: وضع الشخص المناسب في المكان المناسب؟!.ولهذا فبإعتقادي اننا في العراق لم نستغل طاقات العراقيين الامريكان (ليس الكل بعضهم في امريكا منذ 30 عام ويتكلم لغة انجليزيه امريكيه مكسره بل ركيكه) وهم وحدهم القادرين على ايصال الفكرة الى الامريكان وبلغتهم الخاصه ؟!.

اما في فلسفة العربان فان اي شيئ تقوله هو انتقاد سلبي وتجريح واسقاط شخصي؟! بدلا من ان يكون اقتراح نحو التحسين والافضل والمشي قدما وعلى ما جاء في الحديث رحم الله امرءا اهدى الي عيوبي ومن باب المؤمن مرآة المؤمن؟!. اليس هذا المبدأ الاسلامي العظيم يطبقه غيرنا ونحن نعجز عنه؟!.

والناس على دين ملوكهم ؟! واذا كان الدكتاتور لايسمح بأبداء الراي والنصح والمشورة فما بال الناس المغلوبين على امرهم؟!.

جاء احد العربان ذو اللحى الطويلة والدشداشات القصيرة من دولة في جنوب الجزيرة العربية؟! الى المسبح الذي اسبح فية عادة وكل يوم احد من الاسبوع؟!. نزع ملابسة وبقى بملابسة الداخلية وهي عبارة عن شروال(بنطلون) قصير قطني ابيض اللون وخفيف؟! عرفت من وقتها بأنه ينوي السباحة بالملابس الداخلية؟! بسبب خبرتي مع أهل الفلوجة والرمادي (طبعا بعضهم وليس الكل فلقد كانوا يسبحوا في الحبانية بملابسهم الداخلية وخصوصا اصحاب معامل الطابوق مع سياراتهم الفولفو) ورب سائل يسأل وثم ماذا؟ المشكلة هي بان الملابس الداخلية وعند تبللها بالماء تصبح شفافة فتظهر العورة؟! ولذلك يمنع السباحة بها؟!. تقدمت اليه وبكل أدب واحترام وبعد ان قلت السلام عليكم وكيف الحال؟! يا اخي حبيت بان الفت نظرك بأنهم لن يسمحوا لك بالسباحة بالملابس الداخلية؟! وعلى الفور ثارت ثائرتة؟! انت ليش تنتقدني انت ليش ضد قبيلتي انت..... انت .......انت ؟!(تذكروا شكر مديري؟!) كنت اعرف بأنه من العربان وقد لا ينفع معه الكلام؟!الا انني اضطررت بأن اكلمه في هذا الموضوع تجنبا للفضيحة التي سيجلبها لنفسه عند غطسته الاولى في الماء؟!اعتذرت وانسحبت الى المسبح؟!.خرج من غرفة التبديل الى المسبح وبغفلة من مسؤولي الانقاذ في المسبح؟! وغطس في الماء ثم خرج؟! يال الهول ويال الكارثة؟!عورته أما الناس والكل يضحك؟! ودقة الصفارة بكل قوة؟!لاخراجه من المسبح مصحوبا ومخفورا مع وضع منشفة حول خصره وهويسب ويشتم بأن الامريكان عنصريين وغير ديمقراطيين لعدم السماح له بالسباحة؟!.الفضيحة الاكبر كانت هي وجود  الكثير من النساء العربيات المسلمات المحجبات يتواجدنه على اطراف المسبح لمراقبة اطفالهن الصغار يسبحن؟!.

 وللننظر الى نفس هذا السيناريو لو كان هذا الشخص امريكي أو اوربي؟! في البداية كان سيقدم الي الشكر؟!( وانا لا اكتب هذه السطور من أجل الشكر بل احاول تبيان الغلط في اسلوب التفكير). ثم من بعدها كان سيلبس ملابسه ويذهب الى الاستعلامات ليسأل الموظفين هناك حول اذا ما كان سيسمح له بالسباحة بملابسه الداخلية؟!. وبعد ان يتأكد كان سيذهب لشراء بنطلون قصير مخصص للسباحة؟!. انتهى الامر وكان الله يحب المحسنيين.وأن رآني مرة ثانية كان سيشكرني مرة اخرى وقد يدعوني لتناول شاي أو قهوة عرفانا وامتنانا ؟! مرة اخرى انا لا اقول الكل بل الاغلبيه ولكل قاعده شواذ.

 يجب علينا كعراقيين تشجيع فلسفة ابداء الرأي ضمن حدود الادب العام والانتقاد البناء الذي القصد منه هو التقويم والاصلاح وليس الهدم والتجريح ؟!وهذا يكون بتقديم الحلول المناسبه مع كل نقد او سلبيه وفي كافة المجالات والميادين؟!.

 إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ

الرعد اية11

 

 ولاحول ولا قوة الا بـ الله العلي العظيم

 

 اللهم اشهد اني بلغت

اللهم اشهد اني بلغت

اللهم اشهد اني بلغت

 ملاحظة مهمة جدا جدا:

مقالاتي تعبر عن رأي الشخصي والديمقراطية في نظري هي ليست انتخابات وتصويت فقط؟! بل تبادل للأفكار والآراء والمقترحات ووجهات النظر بأسلوب حر وشفافي وبدون الخوف من السب والشتم والاضطهاد والاعتقال والتهديد بالقتل واهمها ايضا عدم التعرض للتسقيط الشخصي.

 لكل فرد الحق في التعبير عن رأيه ضمن حدود الأدب العام وسواءا أكان سلبيا أو ايجابيا بالنسبة للطرف الآخر وسواء أكان مقبول من الطرف الآخر أم لا؟! وللطرف الآخر حق الرد بالمثل وفي النهاية يكون الحكم هو القارئ الكريم.

الكثيرمن الكدعان والعربان لا يفهمون لغة الحضارة هذه؟!أو يستغشمون؟!.  بل ان خالفتهم في الرأي يبدأ السب والشتم والتسقيط الشخصي بدلا من الحوار؟!.ولو كنت امامهم في احدى الدول العربية أو دول العالم الثالث لذبحوني في الشارع كما يفعلون بنا في العراق اليوم.

وهناك نقطة اخرى مهمه وهي كيف تتحاور معهم باسلوب حضاري وهم مازالوا ينكرون او يبررون كل الجرائم التي ارتكبها الدكتاتور بحقنا؟ لعدة أسباب اهمها: بعضهم كان منتفعا ماديا من مصائبنا.بعضهم يتجاهل مصائبنا لان الحقيقه مره جدا جدا جداويتخذ موقف النعامه. وبعضهم مايزال جاهلا ولا يدري بما جرى علينا من ويلات و مصائب في العراق.

وايضا لماذا هذا التدخل السافر في امورنا؟! ولماذا هذه الوصايا علينا؟!هل سببها لأننا شيعة أو أكراد؟!تعاملهم معنا كما يتعامل مع الهنود في الخليج؟! نحن العراقيين لسنا أطفال؟!لتكون هناك وصاية علينا؟!. ونحن العراقيين ادرى بأمورنا من غيرنا او ليس المثل يقول : أهل مكة ادرى بشعبها.

كما اردت بأن أقول بأننا جميعا لسنا معصومين من الخطأ ولكن الاعتراف بالخطأ فضيله ومن اعترف بذنبه كمن لاذنب له؟! ورحم الله امرءا  اهدى لي عيوبي؟!.

وأخيرا اقول لكم بأنني لا اكتب من اجل الشهرة ولكنني اكتب من باب من لم يهتم بأمور المسلمين ليس بمسلم؟! وكذلك من باب المؤمن مرآة المؤمن؟!. وانني لست خريج صحافة؟!؟! ولا اريد بأن انافس سيبويه في النحو؟! ولا أريد بأن توضع مقالاتي في متحف بلاغة اللغة العربية؟! انا انسان بسيط اريد ان اوصل الفكرة الى القارئ الكريم وبأية وسيلة تخاطب ممكنة؟!.

وآخر دعوانا بأن الحمد لله رب العالمين.  أخـوكم ســرمــد

 

العودة الى الصفحة الرئيسية

 

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع و النشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com