تفجير المراقد المقدسة .. والقادم أدهى وأمر..!
هادي فريد التكريتي
hadifarid@maktoob.com
تفجير مرقد الإمامين علي الهادي والحسن العسكري في مدينة سامراء، عمل بشع ومدان، فهذا المرقد، كغيره وعلى مر العصور، من مراقد الأئمة المقدسة، عند كل الطوائف العراقية، أقدمت على تفجيره صباح هذا اليوم، فئة حاقدة وحقيرة، من قوى التكفير والضلالة، قادمة من خلف الحدود، حدود الحقد والكراهية والتخلف، ارتكبت، هذه الفئة، جريمتها البشعة مدفوعة بهوس ديني ـ طائفي، أعمى وحاقد. هذا العمل الخسيس والجبان، الذي أريد منه وله، إشعال فتنة طائفية، بين أكبر الطوائف المكونة للشعب العراقي من الشيعة والسنة، لم ولن يكتب له النجاح، وإن كان قد خلف ندوبا مؤسفة، إلا أنه لن يحقق لهم غرضهم وما يرمون إليه، فوحدة طوائف الشعب العراقي قديمة وراسخة، تستمد من تراث العراق الوطني، تماسكها وصمودها، ومقاومتها لعوامل الفرقة والخلاف، ولن تستطيع أية قوة مجرمة، ومهما كانت قدرتها على القتل والتدمير، لن تنجح من اختراق نسيج الشعب العراقي المتماسك. ولم يقدم هؤلاء المجرمون والقتلة، على مثل هذه الجريمة النكراء، إلا بعد أن فشلت كل جرائمهم السابقة التي اقترفوها، بحق أبناء الشعب العراقي، عن طريق القتل والتفجير والتفخيخ، والتي لم تحقق لهم أغراضهم الدنيئة وما كانوا إليه يهدفون، من إشعال حرب طائفية.
سبقت هذه الجريمة المنكرة، جريمة تفجير مرقد الإمامين علي الهادي والحسن العسكري، جرائم متعمدة لحرق الكنائس وتفجير الحسينيات والجوامع، ومراكز عبادة، لكل الطوائف والملل العراقية، ولم تكن قادرة هذه الجرائم من فك عرى وحدة العراقيين، لأنهم، أصلا، متمسكين بوحدتهم الوطنية التي هزمت المستعمر البريطاني قبلا\"، عندما حاول أن يشعل حرائق الخلاف الطائفي، لما استعصى عليه ترويض العراقيين، وفشلت جهوده المبذولة، آنذاك، في أن يجد ثغرة ينفذ إليها لإشعال مثل هذا الفتيل القذر..
هذه الجرائم وغيرها ستبقى مشروع تجربة متاح أمر تنفيذها لكل أعداء شعبنا ووحدته، وتكرارها مستقبلا، فشلا أو نجاحا، يتوقف على مقدار وعينا، ويقظتنا بما يخطط له أعداء شعبنا، وعلى مدى قدرة تماسكنا فيما بيننا، وتمسكنا بوحدة وطننا، وإيماننا بمبادئ وحدتنا الوطنية، المعادية لقوى الإرهاب، سلفيين متعصبين، وتكفيريين ـ طائفيين، وإرهابيين ـ قوميين، وبعثيين ـ صداميين، وإسلاميين متشددين، وحتى قوات الإحتلال.
سيبقى مسلسل القتل والذبح والتفجير، قائما فينا، طالما لم نملك قيادات سياسية عاقلة وحكيمة، تضع مصلحة الوطن فوق كل اعتبار، وسيبقى العراق كريشة تتقاذفها رغبة الجيران وأهواؤهم، إذا لم تتجاوز هذه القيادات أطر العنصرية والطائفية الضيقة في تعاملها مع قوى شعبنا، وتزيل من قواميسها مفاهيم الخطوط الحمر، على أبناء الوطن، ووضعها على هذه الفئة أو تلك. الخطوط الحمر، نشددها، على الأجنبي وعلى كل من يتدخل في شؤون الوطن الداخلية والخارجية، نضعها على أعداء شعبنا بكل أطيافهم وتوجهاتهم، قولا وفعلا. العراق على مفترق طرق وكل قواه السياسية وقياداتها، من خارج أو داخل الحكم، مسؤولة عما يحصل له اليوم من كوارث. العروة الوثقى العاصمة لوحدتنا المجربة، هي التمسك بوطنيتنا العراقية، ونبذ التعامل فيما بيننا، أوالتوصيف لبعضنا، في كل لفظ مفرق، يدلل على لون ديني ـ طائفي،أو قومي ـ عنصري.
ما نعانيه، نحن أبناء الشعب العراقي، هو نتيجة غرور أحمق، واعتقاد كاذب بحرية واستقلال القرار العراقي، أو التمسك بالمصلحة الوطنية أو القومية عن غير إيمان، من بعض القادة في الحكم. وحقيقة أمر هذا الموقف، بعضه، ناتج عن كره وحقد شخصي، بغض النظر عن أسبابه، غير مبرر وطنيا، فعدم رغبة البعض منهم، على التوافق والتوحد، لتشكيل الحكومة القادمة، يضر بالمصلحة الوطنية العراقية، ويعرقل ما ينتظره الشعب من حلول لأزماته الخانقة، الأمنية والمعاشية وغيرها من أزمات، فلا من فاز بالأكثرية، ولا من لم يحصل عليها، قادر على تشكيل الحكومة، ومنذ أكثر من شهرين، والعراق دون حكومة شرعية، قادرة على اتخاذ قرار ما يخفف عن الشعب معاناته، فالقيادات السياسية، تدور حول نفسها، كثور ناعور أبكم، فلا هي قادرة على تجاوز خلافاتها المفتعلة، وتبدأ بالحل، ( في حين كانت متوافقة قبل سقوط النظام ) ولا هي قادرة على التسليم بالأمر الواقع، والاعتراف بأن الأمر ليس بقرار منها، وإنما القرار بيد من سلب العراق سيادته، وانتهك قراره، وما هي ـ القيادات السياسية ـ إلا كبيادق شطرنج، غير قادرة على تخطي.ما هو مرسوم لها، فلا هي تنفذه، ولا هي ترفضه، ففي كلا الحالين الفضيحة أعظم (بجلاجل ).
أيها السادة القرار كما تعرفون، لقوات الاحتلال وقائدها السياسي، السفير خليل زاد، فالأكثرية والأقلية لعبة مصطنعة، توهمها خطأ البعض منكم، وجازت على البعض الآخر، من القوى الطائفية والقومية ـ العنصرية، بأنها ناتجة من علو قامتها وسمو أهدافها، وتناست أن من فتح الأبواب للجميع هي أمريكا ! فمثلما فتحته، هي قادرة على إعادته سيرته الأولى، وكما وضعت، أمريكا، قواعد اللعبة، فعلى كل أطرافها أن تنسجم، وترضخ، ( إذا قالت حذام فصدقوها ! عن حق أو باطل ) وإلا لن يخرج العراق من هذا النفق البائس في ظلمته، بل هناك المزيد، فأمريكا هي من ورائه. أيها السادة حكامنا الأشاوس..! لا تتنمروا ضراوة وتكالبا علينا، فلا تطيلوا معاناتنا، توافقوا وانهوا مأساتنا..! ولا تنسوا فأمريكا هي من خلقتكم، فلم تكونوا شيئا بدونها، وشعبكم في كل الأحوال هو الضحية، وانتم أعرف منه بسوء العاقبة والمنقلب، والقادم أدهى وأمر..!
العودة الى الصفحة الرئيسية