ازدياد الدعم والتأييد لدولة العرب الشيعة في العراق

على آل شفاف

Talib70@hotmail.com

لقد أثبت الواقع ـ بما لا يقبل الشك ـ أن من لا يحترم نفسه, لا يحترمه الآخرون. وأن من لا يحاول انتزاع كرامته بنفسه, لا ينتظر أن يجود بها عليه أحد.

الحديث عن الشيعة العرب في العراق, ليس حديثا "دينيا سياسيا", لكي يخافه "العلمانيون"؛ وليس حديثا "علمانيا", فيخافه "الإسلاميون". كما أنه ليس حديثا عن "التشيع" كعقيدة إسلامية, أو "العروبة" كرابطة قومية. إنما هو حديث عن جماعة إنسانية تشترك في صفة "التشيع" و"العروبة". فحديثنا ـ إذا ـ عن هذه الجماعة بوصفها (جماعة إنسانية), بغض النظر عن عقيدتها وقوميتها. لكن لا بد من تسميتها بالمشهور من صفاتها, وهي كونها عربية شيعية.

إن فكرة إقامة دولة للشيعة العرب في العراق, ليست رد فعل من متسرع, أو انفعال من نزق, أو فورة غضب من جهول؛ إنها أعمق من ذلك بكثير . . إنها حق أساسي, وهم إنساني لمجموعة بشرية. يشترك في هذا الهم كل من تمتع بشعور إنساني, يتعاطف فيه الإنسان مع أخيه الإنسان. إنه هم يجمع "العلماني" و"الديني السياسي" على السواء, و"اليساري" و"اليميني", و"الشيوعي" و"الرأسمالي", و"الليبرالي" و"المحافظ", و"البراغماتي" و"المبدئي"؛ إنها قضية إنسانية واجتماعية, لا تتعلق بمنهج سياسي معين. الغاية منها تأمين حياة وأفكار ومعتقدات وكرامة مجموعة إنسانية معينة, بعد أن اجتمعت عوامل متعددة, لتجعلها مهددة في وجودها وانتمائها وكرامتها وخيراتها.

إن التعالي على حقيقة وجود هذا التهديد, هو نكران للواقع, وتغطية للحقيقة, وتعمية على الأحداث. فالدليل ـ إذا ـ هو الواقع الذي لا يمكن تكذيبه, أو التعمية عليه. ومن ينكر الواقع, هو في أحسن الأحوال وأنزهها واهم. 

إني لأعجب من كثرة الحملات الإعلامية للدفاع عن هذا المثقف, أو ذاك الشاعر, أو ذلك الفنان؛ أو للدفاع عن حياة السنونو, أو البطريق, أو الباندا, أو الحوت الأزرق . . فيما يترك شعب كامل يتعرض لعمليات القتل والذبح والإبادة وانتهاكات حقوق الإنسان وانتهاك الحرمات, دون أن يتحرك ضمير عربي أو مسلم, أو أخ في الإنسانية.

قد يظن بعض (المستثقفين) و(أنصاف المثقفين) من الشيعة العرب العراقيين, الذين خدعوا عن النظر في حقيقة وأبعاد وأغراض المفاهيم السائدة في ساحتنا السياسية والاجتماعية؛ أنهم سيعتبرون ـ عند البعض ـ  أبطالا للوحدة الوطنية, أو الوحدة الإسلامية, أو الليبرالية, أو الديمقراطية, أو الاعتدال . . وقد يظن هؤلاء أنهم سيحوزون رضا هذا البعض, عندما يظهرون لا مبالاة وعدم اكتراث بما يحل بإنساننا من حيف وظلم, ويتجاهلون أسباب وحقيقة معاناة وآلام الملايين من أبناء بلدنا, ويحاولون أن يتعالوا عن واقعهم وانتمائهم, أو يتنازلون عن حقوقهم, أو يخافون التحدث عنها بصراحة . . . لكنهم واهمون. لأنهم سوف لن يكونوا إلا هم, وليسو  غيرهم!! فالمنطق والعقل والضمير يدعوهم للتأمل في كل ما يجري, تأملا عميقا وواعيا؛ ليروا جذور ما يدور بعين الباحث المحقق, والمفكر المدقق؛ آخذين بنظر الاعتبار عقودا طويلة, وقرونا أطول من المعاناة, ومستقرئين مستقبل أبنائهم وأحفادهم وأجيالهم اللاحقة.

  يرى الكثيرون أن دواعي وأسباب قيام دولة تضم العرب الشيعة في العراق تتزايد يوما بعد يوم, بل أنها تلح إلحاحا على كل من له قلب واع, وفكر متفتح, وضمير حي, وغيرة متوقدة. لقد بدأ الكثير ممن لا يرغب ـ علنا ـ في قيامها, بالاقتناع بها, لكنه لا يمتلك الجرأة الكافية للتصريح, تحت التأثير والخضوع الثقافي لمفاهيم مزيفة, طالما تحمل الشيعة العرب تبعات حمايتها ورعايتها. فالآخرين لهم أن يعملوا كل ما يعيق الوحدة الوطنية: يقتلون ويخربون ويدمرون, ولا خوف عليهم من الاتهام بمعاداة الوحدة الوطنية. لكن ما يفعله الشيعة, وبأي اتجاه كان, يعتبره الإعلام اللامحايد تهديدا للوحدة الوطنية!! فلو أفنى الشيعة أعمارهم في حماية هذا الصنم (غير المقدس), لما تخلصوا من هذه التهم لأنهم ـ هم وحدهم ـ قرابين ذلك الصنم الأجوف. وإلا . . بماذا نفسر مسارعة المجرمين لاتهام الضحايا ـ بعد كل جريمة ـ باللاوطنية؟ وبماذا نفسر ـ بالمقابل ـ مسارعة الشيعة لإبعاد تهمة اللاوطنية, كلما حدث اعتداء عليهم, ناسين أنهم هم الضحية؟ وهل أن عقدة الخوف من الاتهام هي التي تجعلهم يتركوا الجريمة, ليسارعوا في إثبات وطنيتهم؟!

 أنفس تقترب من العشرين مليون, وثروات طائلة, وأرض خصبة, وماء وفير؛ بين يدي شعب فقير بائس ذليل, يقتل أبناؤه, وتنتهك حرماته, وتغتصب أعراضه, وتسرق أمواله, وتصادر ثرواته, وتنتهب أرضه.

أي شعب هذا؟ وأي مغفلين هؤلاء؟ وأي كسلة وخاملين هم؟ 

لقد فهمها الطغاة . . لذلك تجدهم يظهرون على شاشات التلفاز, يهددون ويتوعدون ويزبدون ويرعدون, مغطين على جرائمهم, ومستغلين عقدة الخوف ـ إياها ـ التي عززها الإعلام المعادي, والأغبياء من أدعياء الثقافة من الشيعة.

 لم تتوفر عوامل الدولة المتكاملة لأي مجموعة بشرية كما توفرت للشيعة العرب العراقيين هذه الأيام, ولكن . . من يجرؤ على حديث من هذا النوع, ويتغلب على عقدة الخوف من التخوين والطائفية؟!

لو توفر نصف ما توفر للشيعة من أسباب ودواعي, للعراقيين الآخرين "لألقوا حبلها على غاربها". وأعلنوها بكل صراحة ووضوح, أن لهم الحق في دولة تحفظ حياتهم وكرامتهم وأموالهم. لكن الشيعة وبحسن نية, وطيبة تقرب من السذاجة, آلوا على أنفسهم أن يتحملوا كل هذه المعاناة والآلام, ويشاطروا شركاءهم في البلد كل شئ. لكن شركاءهم ـ وكما يبدوا ـ آلوا على أنفسهم أن يشربوا  كل ما في الكأس, بل ويكرعوا  ثمالتها أيضا.وليتهم اكتفوا بذلك, بل فتحوا الباب واسعا لكل عدو طامع, وتكفيري حاقد, ليفعل ما يحلوا له. فاستضافوا القتلة والسفاحين والموتورين, بعد أن أفاضوا عليهم بركات مخابرات صدام والبعث, من مهارات في الفتك والقتل والذبح والتخريب, ليتعاونوا ويتعاضدوا على القضاء على أولئك السذج المغفلين, فيخلوا لهم الجو ليبيضوا ويصفروا.

الكل يعلم أن ما لدى الأكراد لا يساوي ربع ما لدى شيعة العراق, من المبررات والأنفس والأموال والثروات, لكنهم على وشك أن يستكملوا بناء دولتهم. وسوف لن يمنعهم من ذلك مانع, خصوصا وأن البعثيين قد أفاضوا على إقليمهم بركة الرضى والقبول. ولو توفر ربع ذلك للآخرين لأقاموا دولتهم وطووا كشحا عن التخرصات الكاذبة, والمزايدات السخيفة, حول صيانة الصنم غير المقدس لـ "سايكس" و "بيكو". ذلك الذي بني على أكداس جماجم وعظام  ودماء الملايين من أبناء الشيعة.

بعد أن تكشفت الحقيقة, وبان الزيف, وأصبحت كل النوايا واضحة وضوح الشمس؛ وجب علينا التصرف بما يمليه المنطق والعقل والضمير. وإلا, كنا سفهاء وحمقى لا نعرف مصلحتنا, وقاصرين بحاجة دائمة إلى وصي يرعانا, كالأطفال أو المجانين؛ أو جبناء عاجزين, أهلا للمذلة والمهانة والانكسار ومن ثم الانقراض.

على الشيعة العرب في العراق إقامة دولتهم, وعلى من يريد أن يذهب إلى الجحيم, أن يسارع, فهي بالانتظار, وتطلب المزيد!!

 

العودة الى الصفحة الرئيسية

 

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع و النشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com