وثن الرافضة ومقاومة التكفيريين

 علي الشلاه / كاتب عراقي

erde4uns@hotmail.com

 مرت الأيام الثلاثة المنصرمة بطيئة على العراقيين والشرفاء من العرب والمسلمين وهم يضعون أيديهم على قلوبهم خوفاً من فتنة يطرقها الارهاب بعنف منذ أعوام ثلاثة لكي تنهض فتشعل العراق، مرت بمرها ومرها ورأينا فيه راقصين على حبال الانتهازية وهم يحاولون تحويل الاعتداء الآثم الى جريمة مقيدة ضد مجهول وهم اول العارفين بها لأنهم حرضوا عليها ودعوا اليها وصبوا الزيت على نارها باسم المقاومة المثلثة ضد التشيع الصفوي والتصهين الكردي والكنائس الدنماركية، وبقوا وحدهم شرفاء يحاربون كل هؤلاء الأعداء الهابطين على العراق من كوكب المريخ ولكن هؤلاء الهابطين ويا للعجب يمتلكون سمرة هذه الأرض وسيمائها ويتحدثون لهجتها بل هم ورثة كوفتها وبصرتها وبابلها وسومرها واشورها.

مرت الأيام الثلاثة وسمعنا خطباً رنانة عن وحدة وطنية مزعومة لكنها ترى الجريح من أبنائها خسارة وطنية فادحة لكنها لاترى عشرات بل مئات الشهداء في مراقد وجوامع وحسينيات وكنائس الآخرين الا كائنات طارئة يجب التخلص منها ، هل مر على العقلاء ان شريكاً في جريمة يزعم البراءة منها اتهم ذوي القتيل بالاساءة اليه لمجرد انهم قالوا ماقاله النبي الأكرم محمد (ص) الفتنة نائمة لعن الله من أيقظها ؟ فراح يسب الآخرين لأنهم يسبونه في حين يزعم انه بريء ويريدهم أن يصدقوا انه بريء.

مرت الأيام الثلاثة وكأن قيامة العراق قد قامت ، ورأينا نتائج انصاف الحلول أو ترك الامور الى العشائر في دولة تعيش القانون وتسعى نحو الديمقراطية في القرن الحادي والعشرين ، ولا ادري هل من الممكن ان ترضى دولة أي دولة بأن تترك ارهابيين قتلة يؤون ارهابيين قتلة يمضون الى منازلهم بسلام بعد عشرات الجرائم ومئات الضحايا (ومعهم ضيوفهم القادمون من كهوف أفغانستان) بحجة ان العشائر قد توسطت لدى رئيس الجمهورية أو ان مستشار الرئيس القادم من تلك العشائر قد اقسم على شيوخه بشواربهم ، وهي بالمناسبة ذات الشوارب التي اقسموا بها لصدام للقتال معه حتى الموت ثم اسلموا المدن بصكوك استسلام الى القادمين من وراء البحار دون ان تثور رصاصة واحدة اكراماً لشوارب القادمين الحليقة وهاهم اليوم يسلمون المدينة ومقدسات المسلمين الى القادمين من وراء الجبال وبدون شوارب أيضاً لكن بلحىً طويلة.

مرت الأيام الثلاثة على الغالبية البريئة من العراقيين وهي مرتبكة بين ضمائر مكلومة وخواطر مجروحة وهي ترى ضريح امامين من سلالة الرسول الطاهرة قضيا شهيدين شابين بالسم، وكانت كل جريمتهما انهما (أحق من القاتل بما هو فيه واولى به بالدين والفضل) وجاء القتلة التكفيريون ليقتلوهما من جديد وليوقدوا مأساتهم التي لم تندمل ، والأشد ايلاما لهما ولمحبيهما من المسلمين انهم يريدون بقتلهما من جديد فتح بوابة الدم على مصراعيها، وكأن حروب الطاغية وهزائمه وضحاياه لم تكفهم فجاؤوا يريدونها أهلية لاتبقي ولا تذر، ولم تشفع للمرقد سنواته التي جاوزت الألف ولا مكانة ساكنيه ولا حرمة مسجدهما ، بل انهم تعمدوا الجسدين الطاهرين فوضعوا المتفجرات في محيط القبرين وتحت القبة وقضوا الليل كاملاً يزرعون متفجراتهم باطمئنان عارفين كل زاوية في المرقد ومطلعين على كل اسسه ودهاليزه وغرفه، فعلوا ذلك دون خوف ولارهبة فلم يكونوا قلة بل كان الذين يحرسون لهم الطرقات فقط أكثر من خمسين ، فمن هم ومن أين جاؤوا وأين اختفوا في مدينة صغيرة تعرف كل ساكنيها ، وأين اولئك الذين امسكوا شواربهم وكفلوهم بعد ان رأوا ماحصل لرفاقهم المصلين وقبلتهم تورا بورا في المدن الاخرى التي كانت مبتلاة بهم.

مرت ثلاثة أيام مرعبة وجاءت أصوات كنا نتوهمها عاقلة فاذا هي تقطر حقداً وطائفية وسمعنا شيوخاً يقيمون في  أرض مأجرة للأمريكان مئة عام، وهم يطالبون بمنع العراقيين من التظاهر والاستنكار والبكاء ، وكانوا قبل أيام يريدون قلب دول اسلامية بكاملها وابادة مواطنيها غير المسلمين لأن رساماً منحطاً رسم خطوطاً متوهمة زعم انها للرسول محمد والنبي العظيم منها براء، في حين انهم يطالبون العراقيين بالصمت على تقتيل آل النبي ونسف قبورهم وهدم مساجدهم واهانة ذكرهم والزعم بانهم أوثان روافض، هل يبلغ السقوط الى هذا الدرك ، وهل تصبح اللحى العمائم نذر شؤم وقتل وابتلاء على العراق حتى وهي تبعد عنه  مئات الكيلومترات ، لحى تتوسط لتماثيل بوذا فنظن بها خيراً غير انها تشمت بمراقد آل محمد فندرك حجم البغضاء الذي ترتع فيه.  

مرت الأيام الثلاثة وأدركنا ان الغالبية العظمى من العراقيين على اختلاف منابتهم وعقائدهم كانت مع العراق ضد الارهاب ، وكان المتطرفون والعابثون والقتلة الارهابيون أقلية قليلة جداً ، وزادت جريمة سامراء من انفضاض الشرفاء عنهم بعد ان عرفوا ان من يزعم تحرير العراق لايحوله الى رماد بفتنة داخلية، ولم يعد بوسع أي احد الدفاع عنهم ، الا اذا كان منهم وشريك في جرائمهم ، أو أنه يريد ان يختار سجنه أو مكان اعدامه في قبور الأئمة والأولياء والصحابة والعلماء ، فقد هدموا قبة الامامين العسكريين وحولوا مقام الصحابي سلمان الفارسي الى سجن وضريحه الى غرفة تعذيب واعدام.

وبعد كل هذا مرت الأيام الثلاثة وجاء أخيراً بيان المقاومة الشريفة جداً ليقول عن هدم مرقد الأمامين في سمراء انه لم يكن الا وثن الرافضة قد تهدم ، فهل نحتاج بعد ذلك الى البحث عن الجهة التي نفذت الجريمة ، وهل سيخجل المحللون الذين اتهموا امريكا واسرائيل وساحل العاج والهونولولو .. الخ ويدركون انهم ومن يدافعون عنهم من التكفيريين أسوأ من امريكا واسرائيل على سوئهما الذي لاينازع .  

العودة الى الصفحة الرئيسية

 

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع و النشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com