قلبي على وطني ، واسفي على تفجير المرقدين

 

نبيل يونس دمان / الولايا المتحدة الاميركية

nabeeldamman@hotmail.com

هزني من الاعماق ، لا بل صعقني نبأ تفجير مرقدي الامامين علي الهادي والحسن العسكري ( ع ) في سامراء ، والذي كان لي الشرف في زيارتهما ربيع عام 1975 ، انا القادم انذاك من سهل نينوى ، اتاسف وانا الان اتذكر ذلك الصرح الديني ، الذي اعتبره ملكا للشعب العراقي بكل اديانه ، وزاد اعجابي ابهة المكان وذلك الوقار، والسكون الذي ساد باحته ، الا من هديل الحمام ، وعلى قبته كانت الشمس تنشر اشعتها ، فيزداد البريق ويتناثر كانه التبر، تعكسه الثنايا وكأنها المرايا ، والداخل يتوهج بالالوان والاضواء ولمعان العملات النقدية المختلفة ، فقد كان قبلة للزوار من انحاء المعمورة .

      ان حزني وغضبي شديدين ، لما حصل يوم الاربعاء الاسود ، ولما وصل اليه الوضع في العراق ، بالامس كان تفجير الكنائس في الموصل وكركوك وبغداد ، وايضا تفجيرات لبيوت الله من مساجد وحسينيات في اماكن متفرقة من البلاد ، تلك الاعمال هزت مشاعر الملايين ، وبالامس ايضا جرحت مشاعري تلك الرسوم الكاريكاتيرية ، المسيئة لنبي الاسلام والتي ظهرت في دول عدة ، وكانت الغاية منها بتقديري الاستفزاز ، وجر العالم الى فتن تندلع هنا وهناك ، حيث تكبر مع الزمن الى حروب دامية ، البشرية في غنى عنها ، وماثلة امام الجميع اهوال الحرب العالمية الثانية .

     بعض الاعمال تاتي مخططا لها وتهدف خلق فوضى عارمة من اجل ان يصل مدبريها الى اهدافهم ، لكن هيهات ان يصلوا الى شيء فوق ارض الخراب التي تخلفها ، حيث يبقى فقط البوم لينعق فوق اطلالها . في التاريخ اشعل نيرون روما ، وفي المانيا أحرق الرايخستاج ، وفي افغانستان وجهت الحركة المقبورة طالبان فوهات مدافعها الى تماثيل بوذا في باميان ، ونستطيع ايراد امثلة اخرى ، وجميعها تستهدف ما هو اكبر من جرح مشاعرالناس ، الى ايجاد ارضية للحروب ، التي ما برحت البشرية تعاني منها . ان الحرب الجديدة التي تلوح في الافق لو اندلعت على ارضية تصادم الحضارات ، لن تبقي ولن تذر ، اخذين بالحسبان الترسانات النووية الموجودة على سطح كوكبنا الارضي والقادرة عاى تهديمه كقطعة واحدة ، كما شاهدنا في الصور والتلفاز ، تهدم اضرحة الائمة في مدينة سامراء التاريخية ، او المركز التجاري العالمي في نيويورك .

      اكرر ما قلته قبل ايام بان يزرع الجميع محبة الله في نفوسهم ، ويدفعني الوضع لاقول ، ان هناك فئات تضررت مصالحها حتى النخاع في اعقاب التغيير في نيسان 2003 ، ولذلك لا تتورع عن القيام بأخس الافعال ، التي تتقاطع مع الضمير البشري والفعل السوي ، بقلب جلمود ودم بارد ، والغاية واضحة في جعل الانفلات الامني مستمرا ، حتى يمحق العراق من الخارطة ، ويخرب ما بناه بعرقهم ودمهم الاباء والاجداد ، وتتخيل او هكذا يصور لها عقلها المريض ، بانها ستعود للحكم ، هراء واباطيل تلك الاماني السقيمة ، الناس لا تريدهم ان يعودوا ، وان دكتاتور العصر القابع في زنزانته سيخيب ظنه هذه المرة ايضا حكمة العراقيين وسداد فكرهم ، وقوتهم في السمو على جراحاتهم ، وتفويت الفرصة في تجنب الاحتراب ولا سامح الله الانزلاق الى الحرب الاهلية ، اقول ايضا بان تلك الزنزانة لا تلائم دكتاتورنا ، بل كما اجمع العراقيون ، بان مكانه الانسب ، في قفص زجاجي لا يخترقه الرصاص ، حيث يمر امامه كل صباح تشرق فيه الشمس ، براعم العراق الجديد بالوانهم وازيائهم ، ليلقوا عليه النظرة الاخيرة بكركراتهم المتواصلة .

      من اجل تجميع شتات افكاري في نقاط ، اجدها كالاتي :

1- بضبط النفس وحقن الدماء سيهزم الارهابيون .

2- الاسراع بتشكيل الحكومة الوطنية التي تضم كل فئات الشعب التي حاربت النظام السابق ، آخذين بنظر الاعتبار الاستحقاق االانتخابي .

3- محاربة الطائفية في الدوائر والمؤسسات والمحافل ، وفي تبوأ المناصب ، ووضع نصوص واضحة وثابتة في الدستور ، والتوقف نهائيا عن طرح الطائفية كلغة للتخاطب السياسي والاعلامي .

4- اجتثاث الفكر الشمولي بشقيه : القومي المتعصب والديني المتطرف ، وبخاصة فكر البعث الانقلابي الذي لا يحيد عن شعار ( الغاية تبرر الوسيلة ) .

5- الكف عن استخدام مفردتي الشيعة والسنة ، بل العودة الى كلمة الاسلام الجامعة ، كما عرفناه في السابق ، ان تكريس الطائفية ، يقودنا لا محالة الى معسكرين متقابلين ، وباستمرار ينتظران الذريعة او الشرارة ، ليندلع الصراع  بينهما وعلى مدى الاجيال .

6- صحيح ان الطائفة الشيعية اضطهدت في السابق على يد الانظمة المتعاقبة ، وكان هناك تمييز ضدها ، لكن يجب الايمان بان كل الطوائف الاخرى تضررت بشكل او باخر ، فلنطوي تلك الصفحة ، وكفى الحديث المنفرد لهذه الطائفة او تلك ، بل التحدث بضحايا الانظمة من كل العراقيين.

7- حث الدول العربية والعالم اجمع ، على التضامن مع الشعب العراقي في محنته ، ومساعدته الخروج منها ، الى بر الامان والسلام ، وسينعكس ذلك على استتباب السلم العالمي ، وتظافر الجهود في القضاء على الارهاب مهما كان مصدره .

     اود الاستشهاد بما قاله بطريركنا الجليل مار عمانوئيل الثالث دلـّي في استنكار الاعتداء المشين  " علينا أن نحافظ أيضاً على بيوت الله المقدسة من حسينيات وجوامع وكنائس ومعابد ، وأن نزرع المحبة والأخوة بين أبناء العراق جميعاً حسبما تطلبه المراجع الدينية  " .

     ختاما اناشد ضحايا الدكتاتورية السابقة ، باسم الانسانية المنتهكة ، وباسم الطفولة المعذبة بالقول : تكاتفوا وتوحدوا ، اتركوا المغريات المادية والقفز على المناصب ، اعلموا ان الارهابيين لا يرحمون احدا ً البتة ، وانهم يتلذذون بمنظر الدم المراق ، وبلحم الاشلاء الممزق ، ارجوكم امنعوهم من ارتكاب المزيد .

العودة الى الصفحة الرئيسية

 

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع و النشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com