الإسراع بتشكيل حكومة الوحدة الوطنية هو السبيل لدرء أخطار الحرب الأهلية

حامد الحمداني

h.alhamdany@comhem.se

 

تتصاعد الأخطار المحدقة بالشعب العراقي يوماً بعد يوم ، جراء الأحداث الأليمة التي جرت على أثر الجريمة النكراء بتفجير مرقد الإمامين علي الهادي وحسن العسكري [ رضوان الله عليهما ] في سامراء ، حيث أقدمت زمر طائفية غوغائية غير منضبطة بمهاجمة الجوامع السنية وتخريبها ، وقتل العديد من رجال الدين والمصلين المتواجدين فيها ، بل لقد تمادت هذه الزمر في غيها بمهاجمة وقتل المواطنين الآمنين من الطائفة السنية مما أدى على استشهاد ما يزيد على 400 مواطن حسب تقدير السلطات الرسمية ، وما يتجاوز ال1000 حسب تقديرات الجهات الأخرى .

ولقد كانت التصريحات التي صدرت من بعض قيادي الأحزاب الطائفية وبعض رجال الدين  بمثابت صب الزيت على النيران الطائفية التي أشعلها هؤلاء الغوغائيون الذين وجهوا اتهاماتهم حول جريمة تفجير المرقد في سامراء لأبناء الطائفة السنية دون وجه حق ، مما أوقع تلك الخسائر البشرية الجسيمة في صفوف المواطنين ، ولولا اتخاذ الإجراءات  بمنع التجول في بغداد والمحافظات المجاورة ذات الأغلبية السنية ، لانتشرت نيران الحرب الأهلية الطائفية على أوسع نطاق مما كان سيتعذر السيطرة عليها .

 وعلى الرغم مما سببته تلك الجرائم التي أزهقت أرواح مئات المواطنين فلم نسمع أن الحكومة التي تُعتبر مسؤولة مسؤولية مباشرة عن حفظ أرواح وممتلكات المواطنين قد اتخذت الإجراءات القانونية ضد العناصر التي قامت بهذه الجرائم ، وضد محرضيها ، لردع كل من تسول له نفسه تكرار ما حدث خلال الأيام التي تلت التفجير الإجرامي لمرقد الإمامين الشهيدين في سامراء .

 رغم رفع حالة منع التجول بعد 3 أيام ، وإنزال قوات الجيش المدرعة في الشوارع فلا زالت المليشيات المسلحة تواصل القيام بأعمالها الإجرامية ضد المواطنين الآمنين ، مما خلق حالة من الهلع والرعب في البلاد واضطرار الكثير من المواطنين ملازمة بيوتهم التي لم تسلم هي الأخرى من هجمات واغتيالات واعتداءات هؤلاء المخربين الذين يبتغون إشعال الحرب الأهلية الطائفية.

إن هذه الأعمال الخطيرة قد ساهمت إلى حد بعيد في تصاعد جرائم الإرهابيين ، من خلال سياراتهم المفخخة، والعبوات والأحزمة الناسفة ، التي أزهقت أرواح المئات من المواطنين الأبرياء ، بالإضافة إلى الخسائر المادية الهائلة في الممتلكات الخاصة والعامة ، مستغلين تلك الأعمال الهمجية لهذه الزمر لتصعيد نشاطهم الإجرامي ، مما يهدد فعلاً بانهيار الوضع الأمني الهش ، واتساع نطاق الحرب الأهلية التي لن يستفيد منها أحد أبداً ، بل ستكون بلا أدنى شك كارثة على الجميع دون استثناء .

إن استمرار أزمة تشكيل الحكومة العراقية الجديدة حتى اليوم ، على الرغم من مرور شهرين على إجراء الانتخابات التشريعية بسبب الخلافات بين قادة القوائم الفائزة في الانتخابات حول حصة كل فريق في الوزارة المنتظرة ، وعلى الرغم من خطورة الأوضاع الأمنية واحتمالات تدهورها ، وفقدان السيطرة على الأمن في البلاد يشكل خطراً كبيراً تقع مسؤوليته على القوى التي تحاول عرقلة الاتفاق على تشكيل حكومة الوحدة الوطنية بأسرع ما يمكن ، لكي تأخذ على عاتقها تهدئة الأوضاع المنذرة بالتفجر بين ساعة وأخرى ، ومعالجة هذا الاحتقان الطائفي الخطير ، والعمل على تثقيف جماهيرها بروح الأخوة الوطنية بين مختلف الطوائف والأديان والقوميات ، والعمل على إحلال الأمن والنظام في البلاد من خلال تكاتف وتعاضد كل القوى الوطنية التي يهمها إنقاذ العراق وشعبه من تداعيات هذا الصراع الدموي الوحشي الذي يعصف بالبلاد .

إن مهمة معالجة هذا الوضع المأساوي الخطير الذي يعيش في ظله الشعب العراقي يتطلب بكل تأكيد تعاون الجميع ، فليس بمقدور أي قوى سياسية لوحدها مهما كانت صفتها ، وسعة جماهيرها ، وإمكانياتها أن تحقق الأمن والسلام في البلاد ، وتأخذ بيد الشعب نحو شاطئ السلام ، ولا بد من تكاتف كل الجهود الخيرة والحريصة على إعادة الأمن والسلام للعراقيين ، والانصراف نحو إعادة بناء هذا الوطن المخرب ، وإعادة بناء بنيته الاجتماعية المخربة، وبناء البنية التحتية ، وتأمين المشاريع الخدمية الأساسية للمواطنين ، وفي مقدمتها الماء الصالح للشرب والكهرباء ، والخدمات الصحية والاجتماعية ، وبذل الجهود لإعادة تشغيل مشاريع الصرف الصحي بعد أن تحولت شوارع وطرقات مدن العراق بما فيها العاصمة بغداد إلى مستنقعات آسنة تمثل بؤرة حاضنة لمختلف الجراثيم المسببة للأمراض الخطيرة التي تفتك بالمواطنين ، والأطفال منهم على وجه الخصوص.

إن العراق في مأزق خطير أيها السادة ، والوضع المتأزم لا يتحمل المزيد من الانتظار ، فإما المبادرة الفورية إلى تشكيل حكومة الوحدة الوطنية ، وإما الحل البديل بتشكيل حكومة طوارئ لا حزبية ، يتم اختيار أعضائها من العناصر الوطنية المشهود لها بالكفاءة والنزاهة ، ونظافة اليد ، والبعد عن الطائفية ، مدعومة من قوى الجيش العراقي وقوات الأمن التي ينبغي إبعاد عناصر الميلشيات الحزبية والطائفية عنها ، لكي يكون ولائها للعراق وحده  ، و لكي تأخذ على عاتقها تحقيق المهمات الآنفة الذكر ، وإنقاذ العراق من المصير المجهول .  

 

العودة الى الصفحة الرئيسية

 

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع و النشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com