كلنا يعرف الفراغ السياسي والدستوري الذي يعيشه العراق وما ترتب عليه من فقدان للأمن والخدمات والتي كانت بالاصل بمستويات متدنية , ولكن الشيء المهم انه هناك قوات اجنبية في العراق تحاول وبكل الوسائل فرض ارادتها على الساحة السياسية والاقتصادية , ونود ان نسأل لماذا احتلت امريكا العراق؟ هل فعلاً لتحرير العراق وارساء الديمقراطية فيها ام لها اغراض اخرى؟واود اليوم الحديث عن السياسة الامريكية في المنطقة ومن هم حلفائه الاستراتيجيون ومن يستخدمهم المارد الامريكي وسيلة للوصول لأغراضه وبعدها يرميهم ويتركهم لمصائرهم بعد ان يستفرغهم من محتواهم الخدمي !!
كانت هناك عبارة لونستون شرشيل والتي يقول فيها لن يبقى الصديق صديقاً ولا العدو عدواً فالاصدقاء والاعداء يقررهم ويحددهم المصالح , والمدرسة الامريكية لا تختلف عن المدرسة الانكليزية في هذا المضمار , فلامريكا مصالح وثوابت محددة واهداف معينة لا يمكن لأي ادارة تتولى قيادة البلاد ان تحيد عنها , ان هذه الدولة التي تدعي انها نبراس الحرية تمنع الشركات الكبرى فيها مستخدميها ان ينضموا للنقابات العمالية او ان يشكلوا اي نوع من انواع التجمعات التي تدافع عن حقوقهم !!!
ان الدولة العبرية وتركيا ودول الخليج تعتبر ضمن نطاق المصالح الامريكية في المنطقة , وحمايتها تعتبر حماية لمصالحها , ولو نأتي لهذه الدول التي تعتبر ضمن نطاق الحماية الامريكية فنرى اسرائيل دولة عدوانية مغتصبة لأراضي اسلامية وتهاجم جيرانها بحجة حماية نفسها ولها ترسانة عسكرية هائلة من احدث المعدات , بالاضافة لترسانتها النووية , وهذه الدولة اللقيطة لا تستطيع الا العيش على المساعدات الامريكية , وللعلم فأن المساعدات تأتي من ميزانية الدولة الامريكية وليس كما يظن البعض من انها تأتي من الجالية اليهودية , وتحصل على هذه المساعدات لا حباً باليهود او الانصياع لأغنياء اليهود بل تنفيذ لسياسة المتدينين المحافظين من البروتوستانت وهؤلاء يشكلون الغالبية من الشعب الامريكي , واما تركيا فهي حليفتها الاستراتيجية التي فيها قواعد امريكية منذ زمن الحرب الباردة , ولذلك نرى الضغط الامريكي على الدول الاوربية لكي يضموها للأتحاد , وكذلك دول الخليج ففيها انظمة ملكية او اميرية دكتاتورية الى ابعد الحدود ولكن هذه الحكومات مطيعة منفذة للسياسة الامريكية , وتضمن سلاسة تدفق النفط , ولكي نتمعن في هذه السياسة التي تتخذها الادارات الامريكية المتعاقبة نصل الى نتيجة
مفادها ان امريكا لا تدافع عن الحرية او الديمقراطية بقدر دفاعها عن مصالحها الذاتية ,ان امريكا استفادت من غباء السفاح صدام وقدم الاخير خدمات ماكانت تحصل عليها امريكا بهذه السهولة , فالحرب التي فرضت على الجمهورية الاسلامية في ايران كانت عقاباً للشعب الايراني الذي اطاح بشرطي امريكا في الخليج , وتم زيادة في النمو الاقتصادي الغربي بعدما كانت عجلة النمو شبه متوقفة جراء هذه الحرب الظالمة , وخرب البلدان واستهلك الحرب مواردهما المادية والبشرية بصورة مخيفة , وما كان من احتلال النظام البائد للكويت الا بضوء اخضر امريكي , لوصول واستتباب القوات الامريكية في المنطقة ولكي تكون مسيطرة على منابع النفط اكثر ولحماية الانظمة الاستبدادية في المنطقة , وما كان الحرب الا ربحاً هائلاً لأمريكا بالدرجة الاولى ولحلفائها الغربيين بالدرجة الثانية فأموال الحكومات الخليجية المودعة في الخزانة الامريكية على شكل سندات حكومية قد ذهبت مع الريح واصبحت ولأول مرة السعودية دولة مستدينة , فالسياسة الامريكية المكيافيللية تجاه العالم تحلل لها كل شيء من اجل مصالحها القومية حتى ولو كانت على حساب حلفائها واصدقائها. واود الان ان ادخل في السياسة الامريكية في العراق وحلفائها المؤقتين داخل العراق واعدائها الدائميين , والاستراتيجية لدى السياسيين الامريكان , ولكي نفتح هذا الموضوع لنستقرء بعض الاحداث وخصوصاً زيارة الاستاذ جعفري لتركيا وما حدث من استفزاز للاكراد على حد زعم الاستاذ جلال الطالباني والذي انتقد بشدة هذه الزيارة , ولكي ندرس ابعاد هذه القضية علينا ان نعرف غرض الاساذ الجعفري لهذه الزيارة المباغتة لتركيا , قد يكون في رأي الخاص ان الاستاذ الجعفري اراد ان يوضح للقيادة الكردستانية ان لم يصوتوا لولايته على الوزارة فهناك الاتراك الذين لا يطيقون ذكر كلمة كردي او كردستان , واعتقد ان هذه الزيارة كانت خطاً فادحاً من قبل رئيس الوزراء , لعدم جدواه وفي هذه الظروف العصيبة التي يمر به العراق , ولكن مالذي قام به الاستاذ جلال الطالباني انه يحاول ان يلغي الشيعة ويهمشهم بهجومه على الجعفري وامكانية تحالف القائمة الكردستانية مع مرام وتشكيل حكومة , ان الاخوة في القائمة الكردستانية قد يسيروا في الطريق الخطأ ان وقفوا موقفاً معادي من الائتلاف , ان السياسة الامريكية تراهن على تفتيت الائتلاف لكي يسهل السيطرة عليه , او محاولة ابعادهم عن مواقع صنع القرار , او تفرض عليهم شروط تجعلهم عاجزين امامها, ولا تتوانى بأستغلال البعض من رفاق المعاناة والمظلومية , واقصد هنا القائمة الكردستانية , ان التحالف القائم الان بين الامريكان والقيادة الكردية وكما يسميه البعض صداقة ليس الا نسمة عابرة في حر شهر اب , والدليل على ذلك الضغط الامريكي على الاكراد بعدم كتابة حق تقرير المصير وتأجيل مسألة كركوك واللتان كانتا مطلباً كردياً لا يمكن التنازل عليهما ان ذاك, واود ان استذكر الاخوة في القائمة الكردستانية ان المصلحة الامريكية مع الاتراك اقوى وامتن وكذلك مع الدول الخليجية ومصر , ان لأمريكا اجندة خاصة تريد ان تنفذها وبعد ان تصل لغايتها تترك كل من ساعدها ,( وعلى القادة الاكراد ان لا يقعوا في خطأ المرحوم مصطفى البارزاني), وهذه سياسة معروفة عند هذه الدول الميكيافيللية التفكير بالنسبة لسياساتها الخارجية , وما لقاء ممثل الحكومة الامريكية في العراق واجتماعه مع قادة مرام والقائمة الكردستانية الا دليلاً واضحاً لهذه السياسة , والتي ترمي لعزل الشيعة , ان السياسة الامريكية واضحة المعالم والصورة فأنها تريد عراق يحكمة اناس تابعين ومنفذين لسياساتها كما هي دول الخليج !!!!
العودة الى الصفحة الرئيسية