|
بغداديات .. الخبز اليابس بهلول الكظماوي / امستردام من ذاكرة الفلكلور العراقي المدوّنة شعبياً، ان اليهود في الموصل كانوا اذا انزلوا الميت الى قبره يضعون معه الى جانبه في القبر نوعين من الخبز، الاول خبزاً ( ليناً ) طازج، أي تازه باللهجة البغدادية، والنوع الثاني خبزاً يابساً . و بعد ذلك يلقّنون ميتهم قائلين له : لو جيكم بالهوني اعطونو خبز اللوني, وان جيكم بالعيبس اعطونو خبز الييبس. أي إذا جاءك الملكان ( منكر ونكير ) بوجوه بشوشة وكان حسابهما ( لين ) سهلاً فاعطيه من الخبز ( اللين ) التازه, امّا اذا كان وجهيهما عبوساً ( عيبس ) وحسابهما عسيراً فاعطيه من الخبز اليابس . و القصّة البغدادية ( والمصلاوية ) الآنفة والمأخوذة من الفلكلور البغدادي برمتها وان جاءت واصفة التعامل النفعي ( البراكماتي ) لليهود حتى مع الملكان المقربان منكر ونكير وحساب القبر والدار الآخرة، الا انها دائماً تضرب مثلاً لكل من يتعامل بنفعية وبراغماتية مع المجتمع ككل. و ألان عزيزي القارئ الكريم: أنا شخصياً لا انكر وجود ( براغماتية ) مثل عليا صاعدة ( سامية ) يقابلها مثل عليا هابطة. فهناك من طبق ما جاء في توصيات كتاب الأمير لميكافيلي من ذرائع نفعية إلى جوار من درس الفقه والشريعة وطبق ذرائعه النفعية ( البراغماتية ) حسب مبدأ ( تزاحم الواجب ..... وتسمية جلب المنفعة ودرء المفسدة ) وكلا الطرفين يغلف مراميه حسب مسوغاته وتبريراته الذرائعية. لكن الملفت للنظر إن كلا الفريقين كانا يتفقان على الآليات ديمقراطية لتسلّم السلطة عبر انتخابات تشريعية وقوائم تستلم المجموعة الفائزة بالأغلبية منها الحكم لادارة دفة الدولة المنهكة مقابل أن تستلم المجموعة التي لم تفز وفازت بالأقلية تستلم المعارضة داخل الدولة عبر قبة البرلمان لتشخيص مواطن الخلل وتبيان مواقع ضعف الأداء ورصد الانحرافات ولتصحّح اتجاه مسار الحكومة وتقويم عملها وترشيدها وفق القوانين المدونة في الدستور المتفق عليه والمصادق عليه بالاستفتاء . كان كل هذا متفق عليه جميعاً لحد الأمس القريب قبل ظهور نتائج انتخابات الخامس عشر من كانون الثاني . و كان الطرفان يعولان كثيراً كل منهما على الفوز الكاسح بثقة كبيرة . و لكن الذي حصل أن فوجئ الطرف الذي لم يفز، وكان فوزه بالأقلية بعد ان كان يحلم بالاكثرية الساحقة اذ استمد دعمه من دول خارجية اضافة لدعم القوات المحتلة له، ولكن الاصوات الشعبية خذلته ولم تصوت له اما بسبب عدم وعي التجربة الديمقراطية الحديثة العهد وبسبب عدم قناعتهم به لتجارب سابقة فاشلة بالتعامل معه. المحصّلة : فوجئ الطرف الذي لم يفز بالاغلبية ليستغل هزيمته ( اليهودي الميت ) في قصتنا البغدادية آنفاً، و اليهودي الميت ألان كناية عن حزب البعث البائد وأيتامه الذين كانوا منتفعين من وجوده سابقاً اضافة الى اسياده الانكلو امريكان وعلى رأسهم السفير الامريكي زمال خليل زاد . واتت حصيلة من ينوب عن اليهودي الميت، انهم ( اليهودي وأذنابه) لم يساوموا الفائزين إلا بالخبز اليابس فقط إذ لا مرونة ولا ليونة مع ( منكر ونكير ) وهما ( الفائزون والشعب الذي انتخبهم )، فلا مرونة لاهلنا مع حزب البعث البائد وايتامه والمنتفعين منه . لذلك لا وجود للخبز اللين في هذه المساومة . أما مصير الخبز اللين المدفون إلى جانب هذه الفطيسة فسيأخذ طريقه هو الآخر إلى اليباس ويذهب مع صاحبه إلى غير رجعة بإذن الله . فقدعرف الشعب العراقي طريقه وهاهو يتحرك للنزول إلى الشارع ليضع حداً لكل القتلة والخونة والمرتدين . وان غداً لناظره قريب . و دمتم لأخيكم
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |