رامسفيلد وزلماي والاوضاع العراقية!!

 

ياسر سعد / كندا

yassersaed1@yahoo.ca

في لقاءه مؤخرا مع الصحافيين بالبنتاغون قال وزير الدفاع الامريكي دونالد رامسفيلد ان هناك دائما خطر انزلاق العراق الى حرب اهلية لكنه اتهم اجهزة الاعلام بالمبالغة في تصوير خطورة الوضع حاليا واضاف لا اعتقد أنهم في حرب اهلية اليوم... هناك دائما امكانية لنشوب حرب اهلية . واتهم رامسفيلد الحرس الثوري الايراني بالقيام بعمليات تسلل الي العراق، محذرا طهران من انها ترتكب بذلك خطأ . وقال رامسفيلد انهم يرسلون حاليا اشخاصا الي العراق للقيام باعمال تضر بمستقبله ونحن نعرف ذلك، مضيفا ان ذلك ينم عن خطأ في التقدير من جانب السلطات الايرانية.
من ناحية أخرى نقلت صحيفة لوس انجليس تايمز يوم الثلاثاء السادس من آذار عن السفير الامريكي في العراق زلماي خليل زاد قوله ان الغزو الذي قادته الولايات المتحدة للعراق في عام 2003 والذي اطاح بالرئيس صدام حسين فتح الباب امام توترات عرقية وطائفية لا احد يعلم مداها. وقال وهو يشير الي خلافات بشأن تشكيل حكومة وحدة وطنية والعنف الطائفي, الاحتمالات موجودة لنشوب حرب اهلية عراقية شاملة.

تصريحات وزير الدفاع الامريكي, بمثابة اعتراف مبطن بالمسؤولية الامريكية المباشرة عن الاحوال المأساوية والاوضاع البائسة والتي وصل إليها عراق ما بعد "التحرير" الامريكي له. رامسفيلد يصرح بمعرفته الاكيدة بالتسلل والعبث الايراني الدامي في العراق. واذا كان هذا التسلل هو واحد من نتائج الاحتلال الامريكي البغيض للعراق. فإن المنطق كما القانون الدولي يحمل الولايات المتحدة الامريكية المسؤولية الادبية والمعنوية والمادية عن كل ما رافق الاحتلال من ضياع للامن وتسلل للمتطرفين وانتشار للجريمة والقتل الاعمى. العراق اصبح وبفضل الاحتلال الامريكي ساحة للصراعات الدولية والاقليمية وجميع اشكال التطرف والتكفير والارهاب, والتي يدفع العراقيون ثمنها من دمائهم وارواحهم وممتلكاتهم ومستقبل اجيالهم.

اما تصريح السفير الامريكي في العراق او بالاحرى مندوبها السامي هناك فهي اقرار بالمسؤولية الامريكية الكاملة عن تفجير الوضع الداخلي والذي قد يِؤدي الى حرب اهلية طاحنة ومدمرة والذي يرجح الكثير من المراقبين والمحللين على كونها امرا امريكيا مبرمجا لإلهاء العراقيين عن الاحتلال والسيادة والاستقلال واشغالهم عن ما يجري من العبث بمقدرات بلادهم وامكاناتها الاقتصادية. ولتتشتت قوى  المقاومة في اهتماماتها وتتبعثر اولياتها من محاربة الاحتلال الى مستنقع الاحتراب الداخلي والاقتتال العراقي-العراقي. المحاولات الامريكية في تعميق واستثمار الاختلاف الطائفي والمذهبي والاثني في العراق كانت واضحة وجلية, بدأت بتقسيمات بريمر في مجلس الحكم المعين واستمرت في كل اجراءات الاحتلال وما يسميه بعملياته السياسية. كما ان الدراسات والبحوث الامريكية والتي تكون في الغالب البوصلات التي يهتدي بها صانع القرار الامريكي كانت تنحى في اتجاه تغذية الصراعات الداخلية من اجل احكام قبضة الاحتلال على البلاد ومواردها وامكانياتها.  ففي صيف عام 2004 كشف مجلس العلاقات الخارجية والذي يعد من اهم مراكز الابحاث الامريكية عن توصية جاء فيها: " كما ان العراق وعلى عكس فيتنام, منقسم الى سنة وشيعة, الأمر الذي يخلق ميزان عداوات داخلية لا مقاومة واحدة, ويغري امريكا بمواصلة حسم الوضع هناك بالوسائل الامنية".

الامريكيون يتحدثون عن الحرب الاهلية العراقية واحتمالاتها ببرود وهدوء, وكأنهم يتكلمون عن مباراة لكرة القدم وعن احتمالات الخسارة والربح فيها. والرئيس الامريكي يتكلم وبسذاجة مثيرة للاشمئزاز عن ان الخيارات بيد الشعب العراقي, فأما ان يختار الديمقراطية والتعايش او يختار الحرب الاهلية والدمار, وكأن بوش يتحدث مع رجل او حزب او حكومة معينة. ايُّ تسطيح للحقائق واستخفاف بالعقل والمنطق! فالشعب العراقي تحت احتلال دموي بغيض, ويعيث فسادا على ارضه ويعبث بأمنه العديد من اجهزة الاستخبارات الدولية والاقليمية. ويتسلل الى ارضه – حسب رامسفيلد- قوات الحرس الثوري الايراني والمتطرفين من كل حدب وصوب. كل ذلك واكثر منه نتيجة احتلال غير مشروع للعراق, ومن بعد ذلك يتحدث بوش وببساطة وبلاهة مصطنعة عن خيارين امام العراقيين!!! والانكى من ذلك حديث الرئيس الامريكي وادارته عن النجاح الباهر لحربهم على العراق الارض والانسان, فامريكا اصبحت اكثر أمانا برايهم, من دون ان يتوقفوا ولو لبرهة قصيرة على الاحوال البائسة والمفجعة والتي بسطت سوادها على العراقيين ودمرت حاضرهم وعبثت بمستقبلهم. إنها عقلية الاستعلاء والاستخفاف بالمعاناة الانسانية من ادارة امريكية تلوثت بانتهاكات صارخة لحقوق الانسان وكرامته ان كان في عمليات الصدمة والترويع او في غوانتناموا وابوغريب وباغرام او في السجون السرية, وما خفي كان اعظم.    

 

العودة الى الصفحة الرئيسية

 

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع و النشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com