في ذكرى ضحايا حلبجة والانفال .. متى تعودون!؟

 

عبد الحكيم نديم الداوودي

dawdi2007nadim@gmail.com

متى تعودون، وهي سيل من الأسئلة التي ظلت بلا جواب بعد مأساة الانفال في المدن والقرى الكوردية، أسئلة ملحةٌ تبحث عن مصير معلق على اكتاف الغياب القسري، اسئلة تبحث عن وأد الطفولة الكوردية المستباحة في طوبزاوة ومعتقلات فيالق الشر وفي نقرة السلمان، أسئلة تنطق حتى صمت الحجر، عذاب لذاكرة آلاف من الشموع الذائبة والتي أطفأتها أعاصير الزمن الأحمق في وقت أزمة الضميرالانساني.

متى تعودون، صرخة مدّوية منطلقةٌ من الشفاه المتيبسة، من فرط الانتظار المميت. شفاه الثكلى لهجرة أكبادهن في سفر بلا عودة. آه... اية نبوءة مشؤومة كانت قراءة تلك العرّافة للفناجين المقلوبة في احدى الاماسي الربيعية، فلماذا الحّت عليها تلك المخطوبة لتقرأ لها حضها العاثر و المعلق بين الارض والسماء، فقرأت قارئة الفنجان طالعها وطالع كل القرية الصغيرة،ومصيركل الذين اختطفتهم سموم الريح ونواء القافلة المجهولة، انهم الآن ياعزيزتي المنتظرة في جهة الرمال تلفهم العواصف الصفراءاللعينة من كل الجهات، انهم بانتظارعودة فرسان مريوان أو أبطال قلعة كركوك.

متى تعودون ،هي دمعة حبيبة قروية ممزوجة بفرح طفولي للذي يعود هذا المساء من تعب موسم الحصاد ، انه موسم فرح ولا يدري انه كان آخر عناق ووداع مع الحبيبة عندما حالت بين القلبين وبين عبء زمنين الأسلاك الشائكة كخبث نفوس الأوغاد الذين لا يقدرون الحياة، ولا يقيمون وزنا ً لدموع الفراق ، متى تعودون أيها الراحلون بلا قبلة باردة أو حتى اخذ الأنفاس الأخيرة.

 متى تعودون، أيها الراحلون لمعانقة شمس الحرية والمهاجرون عنوة دون أن تتركوا أثراًعلى الخدود كي نهتدي الى لغز اختفائكم القسري، وفي المساء وفي قرية مهجورة التي خلت من أصحابها وخُلاّنها لم نهتد في مسائها الحزين غير مواء قطة تبحث عن فتيت جثة بلا جدث، وعلى بعد أمتار من فراش مهجور وبعد عناق الحبيبين التقطت العدسة البصرية من مشاهد الأحداث مَشبك شَعر الحبيبة ووعاء حّناء قديم بجنب سرير فارغ نسج حوله العنكبوت بيته الواهن رغم توسلات الأم الكليلة بأن يتركوه وحبيبته ذات العقدين في ذلك المساء الربيعّي التعيس.متى تعودون هي لوحةٌ نسجت بخيوطِ من ألوان الحقيقة. وقد عبّرا اللونان البرتقالي والأسود،الى جانب اللون الجوزي في رسم ماساة اهل الشجرة اليابسة والكبيرة في فناء البيوت الخاوية على عروشها وهي تسأل أيضا عن الزمن، وعن القتلة باسم سورة الانفال ، اينَ الاحبة ومتى يعودون؟. وتيّبست شفاه الاطفال من دهشة السؤال، متى يعودون!؟.

 

 

العودة

 عاد المجنون عه به من سفر الاحزان

 وحيداً فاقداً نعمة الذكورة تحت السياط، وكل تعابير اللسان

ولم تبق من أنثى العشيرة المسبيّة سوى كولالة العمياء

مبتورة العرض والذراع

موّشمة العجز والفخذ والبنان!

في وطن نصفه دمٌ، ونصفه الآخر بالطوارى والكبت مستباح

كولالة جراحها من رماد حرائق عامودا شبيهة في مخاض الجرم انين حلبجة

حلبجة النائمة غدراً على مفترق مقاصل اعداء التاريخ وبؤسها

وفي فصول المقاومة وعبور آراس المأساة

انها ليلةٌ حزينة وربيعٌ مسمومٌ غاب فيها

وجه عفرين الاجداد

كولاله تي العمياء! يا كرميانية العشق!

حلبجة مثلك هذه الليلة ثملة بكأس مهاباد الآباد

صيحةٌ قاطعةٌ لنياط القلب وحجب السموات،

نحيبٌ من خلف أسوار الامارات الكوردية،

استفيقوا من النوم يا أحفاد ميديا، فدثروا حلبجة،

جراح الصبايا ومأساة الانفال،بعباءة القديس قاضي محمد

المعلقة بعطرها باستار جوار جرا المتلئلئة

فاقرؤوا لهم وصياياالآباء للابناء،ولطهر الامهات على أعواد المشانق

يا كولالة، يا ثغر الكرامة، صبراً على نوائب الدهروصبراً للعبة الايام،

اتدرين كيفَ نطقت قبلك بوابل البنادق واطلاقات الرحمة البعثيّة جماجم القرية العصرية

في زمن عشاق الدّم والرصاص؟

والاماني المدفونة كعين بلا أثر، تحتَ انقاض المدرسة المهدمة لوأد لغة الكورد

وفي المقبرة الجماعية المخفية،هذا في الناصية طلقة الغدر الفاشيّة،

وتلك الجامعيةٌ المسكينة مديةٌ نابتةٌ في خصرها الاهيف حتى العظم،

واختها الكوردية مرفوعة من صدرها الى السقف،

وأخرى مؤنفلةٌ مهشمّة الكعب والصّدر

بانتظار قدوم الغيمة البيضاء،وربيع الصحوة والاماني!

فغداً ستنمو الخمايل والنرجس البري

فوق الجراح الغائرة،

فسيهطل مطر النماء عليها كحلم اخضر،

وبانتظار ساعة لا تغيب فيها شمس الحرية والامان من افق النهار

ويبقى ذلك الفجر القادم للكل هوالامل، والشوق، والعنوان.

 

 

 1ـ عبه وكولالة والعائلة المنكوبة

 كانوا من ضمن ضحايا حملات الانفال السيئة الصيت والتي جرت في كوردستان وبشكل كبير منطقة كرميان 1988 .

2 ـ وهي من المدن الكوردية المشهورة بالنضال والصلابة في مقاومة الموجات الشوفينية في سوريا

3 ـ وهي المدينة الشهيدة التي هزت ضمائر البشرية ولم تحرك شيئا من ضمائر الذئاب في دولة العرفاء الفاشية. وهي مدينة كوردية كبيرة تقع في كوردستان ايران

4 ـ وهي الساحة الشهيرة والتي اعدم فيها المناضل واول رئيس كوردي في التاريخ القاضي محمد ورفاقه اىبطال بعد مؤمراة سقوط جمهورية كوردستان

 

العودة الى الصفحة الرئيسية

 

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع و النشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com