عن أي إمراة تتحدثون؟؟ وبأي عيد تحتفلون؟؟
فيروز حاتم
feyruz67@hotmail.com
منذ اسبوع بدأ إعصار الكتابات حول المرأة وعيدها العالمي الذي إحتفلت به كل نساء الكون الا العراقية التي لم تعرف غير السواد لونا والعزاء لحنا وزيارة القبور متنزها!! فقد أنساهاالوضع الأمني المتدهور والرعب والتهديد اليومي انها إمرأة مفعمة بالاحاسيس، تحِب وتحَب ، رغم حرمانها من أبسط حقوقها المدنية والأقتصادية والأجتماعية والسياسية.
قد يبدو غريبا أن تأتي إمرأة وتلعن هذا اليوم وترفض الاحتفال به دون نساء الكون !! ولكن الأغرب هو أن ترى واقع حال المرأة العراقية وقد نص الإعلان العالمي لحقوق الإنسان صراحة على المبدأ الأساسي في المساواة بين الجنسين، تعيش في ظل دولة الشعارات الطنانة والرنانة الداعية لإرساء أسس الديمقراطية والدفاع عن حقوق الانسان والعدل والمساواة ولكنها في النهاية تظل شعارات خاوية ترفع عند الحاجة، وللضرورة احكام كما يقال.
مشاهد حية من واقع المجتمع العراقي
المشهد الاول: ويقولون ,, إثنان وثالثهما، إمرأة،،
ان نسبة تمثيل المرأة في البرلمان وحسب ما نص عليه الدستور العراقي الجديد يجب لا يقل عن ربع الأعضاء البالغ عددهم(275) عضوا !!
لابد من وقفة مع هذا الموضوع، خاصة بعد إعلان المفوضية العليا المستقلة للإنتخابات(النزيهة ) وجود نقص في نسبة النساء ومطالبتها القوائم الفائزة التي حضيت بالمقاعد التعويضية أن تملأ النقص الحاصل بترشيح 13 عضوا من الولايا !!! وإلا ستقع المفوضية في ورطة امام المجتمع الدولي لأنها أكثر من يعلم أن هذا التمثيل ليس إلا صورة هزيلة للواقع المأساوي الذي تعيشه المرأة العراقية في هذا المجتمع الذكوري !!!
لقد شهد العراق وخلال سنة واحدة ثلاث إنتخابات مصيرية، ففي الانتخابات البرلمانيةالاولى التي جرت وفق نظام الدائرة المغلقة (الواحدة)استبشرت (الحرمة) خيرا حين وصلت الى المجلس الوطني مرشحات عديدات من خلال النظام المتبع في تسلسل الاسماء (رجلان وثالثهما ،....) وفي الانتخابات البرلمانية الثانية الجارية وفق النظام الانتخابي المتعدد الدوائر لم يصل تمثيلها حتى الى الربع، وذلك لأن النظام المتبع في تسلسل الاسماء للدائرة الواحدة ما كان عليه أن يتبع للدوائر المتعددة، حيث ان قوائم المحافظات والقوائم الصغيرة عادة تفرز مرشحا أو مرشحين وهما بالتأكيد من الرجال لأن (المگرودة )الثالثة هي إمرأة !! وقد فازت بعض القوائم الكبيرة في المحافظات بأربع او خمس مقاعد ونرى المرأة وعلى قاعدة ( وثالثهما ....) لم تحصل الا على مقعد واحد !!! فهل ياترى هذا هو المقصود بالمساواة في الحقوق وتكافؤ الفرص الذي نص عليه الدستور العراقي الديمقراطي جدا ؟؟؟
المشهد الثاني: دخول الولايا للمشهد السياسي
لأول مرة بعد سقوط الصنم هنّـأ رؤساء العراق الفدرالي وقادته (الحُرمة) بعيدها الأغر وتراشقت عليها البرقيات من كل جانب، تتعهد فيها تارة على ضمان حقوقها المتكافئة مع الرجل في كافة الميادين الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، وتارة تضمن لها المساهمة الفعالة في العراق الديمقراطي الجديد، وتشيد فيها تارة اخرى بدورها البارز في العملية السياسية (أقصد الطبخة) وقد أضاف عليها رئيسنا العراقي (على عناد العواذل) باقات من الورود خلال إستقباله منتسبات رئاسة الجمهورية في هذه الظروف العسيرة التي يعيش فيها العراق مخاض الولادة المباركة للحكومة الشرعية على يد القابلة المأذونة (وحدة وطنية)التي ندعو لها بالفرج العاجل!!! إذ لم يبق هناك خيار سوى عملية قيصرية في مستشفى (الاستحقاق الانتخابي) أو الخوض في حرب أهلية دامية لا يعلم مداها الا الله ورؤساء القوائم الفائزة!!
ولكن يبقى السؤال قائما : أين المرأة من كل ماجرى ويجري هذه الايام ؟؟؟؟ لا أعتقد ان العين المجردة استطاعت ان تلمح واحدة منهن في محافل الولائم والعزائم والاجتماعات التي ضمت الكتل السياسية منذ اليوم الاول ولحد يوم عيدها الأغر!!! فهل وضعت خلف الكواليس ؟؟ أم انها تنكرت وظهرت على هيئة رجل وجلست معكم وشاركت في العملية السياسية بأعتبارها نصف المجتمع (ياريت !!!!!!!!!!)، ولم نسمع لها صوتا ولو عبر الاثير!! فهل أعيدت الى سابق عهدها بأعتبارها (عورة) في كل شي حتى صوتها !!!
بالتأكيد انكم سوف لن تبخسوها حقها في إعطائها كم منصبا وزاريا (غير سيادي ) ولکن بشرط ان لا تكون (آنسة) فتحتاروا في أمرها !! إذ عليكم ان تجدوا لها عريسا من الرؤساء لتتمكن اولا من السفر خارج العراق!! فمن دون (محرمها) لايمكنها ذلك !!! وثانيا كي نردد معا (هر بژي كورد وعرب رمز النضال ) وهكذا تصبح المرأة مركزا للتقريب بين المذاهب والقوميات!! وإياكم ان تقترحوا عليها حتى التفكير بالمناصب الرئاسية الثلاث فانها بالنسبة للحرمة تعتبر الخطوط الحمراء (ماروني على بنفسجي) !!!
إقبلوا نصيحتي وأطلبوا من السيدة الكريمة رايس(أو ربما الآنسة رايس) إما استبدال سفيرها زلماي خليل زاد (أبو عمر ) بإمرأة قوية ،جريئة ،صريحة،حيادية (غير طائفية) حتى ولو كانت أم عمر!!! ، أو أن تأتي هي الينا وتحل عقدة ساستنا الرجال بتشكيل حكومة وحدتنا الوطنية الموقرة !! وبذلك تدخل في تاريخ عراقنا المعاصر من أوسع أبوابه وتحضى بمقولة (ما يجيبهه.. الا.. نسوانهه)!!
المشهد الثالث: كفاكم شعارات وإعترفوا بأنكم لستم بقوامين عليها
قد خذلتم المرأة بإسم الدين بعد أن كرمها رب العزة في مواضع لم توضعوا فيها، فكم من آية نهتكم عن إيذائها ووأدها !! وكم آية دعتكم لحسن معاملتها ومعاشرتها !! وكم إمرأة جاء على ذكرها الطيب في محكم كتابه الكريم داعيا البشرية جمعاء رجالا ونساء التأسي بها وبسيرتها الحسنة!!! ولكن المؤمنين جدا، تفننوا في إلحاق الاذى بها!! واستبدلوا ما كانت تسمى لزمن قريب (الحدود الشرعية) بمسميات عصرية كالعنف ضد المرأة وغسل العار وجرائم الشرف !! اتركوا المرأة وشأنها.. لا تقتلوها بدم بارد وتصبحوا أول المتباكين عليها و المدافعين عنها وعن حقوقها!! إن أقل ما تطالبكم به هو أن تدعوها تثبت وجودها وذاتها دون التقليل من شأنها والانتقاص من شخصيتها !! فهي قادرة وبجدارة على الإبداع في كافة المجالات كنصفها الآخر، انظروا اليها كما هي ... فستجدوها رمز المعرفة ونقطة التحول الفلسفي من العدم الى الوجود ...