خـانـقـيـن بـيـن أذاريـن

 

محمود الوندي

m-w1948@hotmail.de

مدينة خانقين جميلة ببساتينها وغنية بحقولها النفطية وعريقة بتأريخها المنشودة وقدرة بعطائها من أرضها ونهرها، وعامرة بحبها ووفائها، خانقين مدينة التأخي والسلام ومدينة المثقفين والفنانين والرياضين والسياسين والوطنين، حيث نجد معظم الأهالي خاتقين ملمين بالثقافة العربية والتركمانية والفارسية الى جانب الثقافة الكوردية، كما كتب الكاتب والباحث القدير قيس قرةداغي ضمن ملف المدن المنسية موضوعاً هاما ً حول مدينة خانقين وأبداعات أبناءها العظام رجالها ونساءها في ميدان الفنية والسياسية والرياضية والأدبية، هذه المدينة التي أصبحت رافداً للحركة الرياضية والفنية والثقافية والسياسية،وكما أصبحت أيضاً رافداً للحركة الوطنية العراقية والحركة الكوردية .

كتب الكثير من المقالات والبوحث حول هذه المدينة كونها ملتقى الثقافات مثلما ملتقى للتجار أمثال الكاتب السياسي المبدع أحمد رجب في مقالة الشيقة مدينة خانقين تعيش في قلوب أبنائها، ويذكرونها بكل لوعة وأشتياق كل من الكاتب آري كاكه ي والكاتب ديار الهرمزي في كتاباتهم وكذلك الأستاذ المحبوب أحمد رشيد خانقيني في مقالة المنشورة خانقين عبر ذكريات الطفولة وأيام الدراسة، كما يتحفنا بين آونة وأخرى الشاعر والفنان التشكيلي عبد الحكيم نديم الداودي مقالات حول الشخصيات والشهداء هذه المدينة الصامدة . التي قدمت العديد من أبنائها الشهداء من أجل أنقاذ الشعب العراقي من الأوباش المجرمين من أزلام البعث والطاغية، وتحدت أهالها السياسية الشوفينية بكل أنواعها وأساليبها المتوحشة، وهناك مجموعة من الكتاب والمثقفين الذين كتبوا بمقالاتهم وكتاباتهم وروائيتهم عن خانقين، ونذكر منهم المرحوم الأستاذ مجيد إبراهيم قدم دراسة مطولة تحت عنوان خانقين في ماضي زاهر وحاضروخيم والأستاذ إبراهيم باجلان الذي أبدع بكتاباته الجميلة عن خانقين ونذكر أيضاً الروائية المتألقة أحلام منصور والقاص سلام عبد الله والقاص فاضل كريم والدكتور خليل أسماعيل ولديه كثير من البحوث عن خانقين والكاتب هيوا علي آغا والكاتب المعروف دانا جلال والكاتب علي أركوازي والشاعر والأعلامي عبد الوهاب الطالباني والكاتب والممثل كرزان خانقيني، والدكتور مهدي كاكه ي فإذا أردنا ذكر المزيد فالقائمة تطول فعدزأ لمن لم يرد أسمه .

نحاول قدر المستطاع عبر هذه المقالة تسليط الضوء على مدينة خانقين بين ( أذار 1970 وأذار 1974 ) من ناحية الأدبية والفنية، بعد أتفاقية 11 / آذار بين الحكومة العراقية وقيادة الثورة الكوردية، لقد تولت مجموعة مثقفين ومفكرين وسياسين متابعة وتنفيذ العديد من تلك الأتفاقيات ومن ضمنها البنود الثقافية، وقد لعبت وزارة شؤون الشمال ( أنذاك ) ووزيرها الشهيد سامي عبد الرحمن التي أنوطيت لها لبناء المؤسسات الثقافية والأجتماعية الكوردية وتطبيق الدراسة باللغة الكوردية في المدارس أقليم كوردستان، حيث شملت الدراسة الكوردية مدينة خانقين ونواحيها ( لأن أغلبية سكان خانقين كوردية وفيها بعض العوائل العربية والتركمانية والمسيحية، وجميعهم يتقنون اللغة الكوردية، وقبل قيام أسرائيل كان اليهود كتلة مهمة ومؤثرة في النسيج الأجتماعي داخل مدينة خانقين وكانوا يتكلمون باللغة الكوردية )، لأن دراسة هذه المدينة الكوردية كانت قبل أتفاقية 11 / أذار عام 1970 باللغة العربية وبقيت أبنائها لعقود طويلة محرومة من الدراسة بلغتها الأصيلة من قبل الحكومات والأنظمة التي تعاقبت في السيطرة على زمام الحكم في كوردستان، حيث بدأت فيها التعليم والتدريس باللغة الكوردية، وأزدادت المدارس المتوسطة والثانوية والأبتدائية مع أزدياد الطلبة، ومن ناحية أخرى شهدت مدينة خانقين تطوراً وأزدهاراً كبيرتين أجتماعيا وسياسيا ً وأقتصادياً وثقافياً ورياضياً، وبذل المثقفين والفنانين جهوداً مكثفاً لأحياء التراث الكوردي التي منعت سابقاً، وأنطلقت بعد أتفاقية أذار الفرق الفنية والمسرحية والموسيقية التي لعبت دوراً مهماً ورائعاً في أحياء الفلوكور الكوردي، وكما قامت بعرض العديد من أعمال الكتاب والفنانين المدينة، بأمكان المرء أن يقول أن الفترة ( 1970 – 1974 ) شهدت مدينة خانقين ازدهاراً للثقافة الكوردية لم يسبق لها في تأريخ العراق الحديث .

 بعد أن تلكؤ النظام البعث في تنفيذ بنود 11/ أذار عند أقتراب موعد تنفيذ الأتفاقية في مطلع عام 1974، وأنفلت الحقد الشوفيني الأسود والهجمة البربرية على مدينة خانقين وملاحقة أبنائها البررة، عندما أغتيلت الثورة التحررية الكوردية في كوردستان بفعل التأمر الدولي والأقليمي تحت المظلة الأمريكية بدأ النظام الفاشي بتطبيق سياسية التعريب، والغاء الدراسة الكوردية نهائياً في مدينة خانقين،، وحرمت المدينة من رؤية أية أعمال فنية وطنية أو عالمية تقدمية بلغته الكوردية، وقام النظام بترحيل وتهجير أهالي خانقين الى المنطقة الجنوبية والصحراوية ومروراً بالأعتقالات الكيفية والأعدامات، وبدأ أيضاً بتغير أسماء الشوارع والأحياء والمدارس من أسماء التأريخية القديمة الى أسماء البعثية تحمل طابعاً عنصرياً، لأنه أراد تجريدها من هويتها الكوردية، لكن أهالي مدينة خانقين تحدت تلك السياسية القمعية والشوفينية بكل أنواعها وأساليبها، وقدمت أبناء خانقين قوافل من الشهداء من أجل العراق وكوردستان وفي سبيل تحرير مدينتهم من التعريب وأيدي البعثيين القتلة .

ودفعت أيضا مدينةً خانقين واهلها وبنيتها التحتية ثمناً باهضاً طيلة سنوات الحرب الأيرانية العراقية المدمرة، حيث القصف والتدمير اليومي الذي أصاب البشر والحجر والبستان وكل شئ .

وأخيراً تحررت مدينة خانقين التي رفضت الأنصياع الى تهديدات وترغيبات الحثالات الجهلة بأيدي أبنها الشهامة والبيشمركة الأبطال، ورجعت مياها الى مجراها الطبيعي، وأعادة الى رونقها وعافيتها وثقافتها، وسقطت مستوطنات التعريب وهزم البعثيين وجلاويزتهم، هذه هي مدينة الأبطال والشهداء


العودة الى الصفحة الرئيسية

 

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع و النشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com